<p align=right><font size=2>على كل من ينشد الاستقرار في جنوب آسيا أولاً أن يراقب المشهد الإسلامي في بريطانيا.  غيتي أرشيفية</font></p>

توتر جنـوب آسيا يؤثر في مزاج مسلمي بريطانيا

اجتمع وزير بريطاني وباكستاني في إسلام آباد في أبريل الماضي، واتفقا على التنسيق بينهما لتوسيع مناهج المدارس الدينية، وعلى إرسال مواد تعليمية لتلك المدارس بهدف إثراء الفكر الديني.

ويعتقد محللون في البلدين أنه في الوقت الذي يتعلم فيه الطلبة القرآن الكريم ينبغي أن يتعلموا أيضاً أن الإسلام لا يتعارض مع مبادئ القومية.

وأدرك كل من الوزيرين أن مثل هذا المنهاج يلقى تجاوباً في الدولتين، على الرغم من أنهما يدركان جيداً اختلاف الدور الذي تلعبه المدارس الدينية في كل من باكستان وبريطانيا.

ففي المدن البريطانية العمالية، يفد أبناء المسلمين إلى المدارس الدينية كتكملة للمدارس الحكومية. أما في الأحياء الفقيرة ومعسكرات اللاجئين في باكستان، فإن تلك المدارس تقدم الوجبة الغذائية والعلم للصبيان الأمّيين.

واتفق الوزيران على أن هذا النوع من المدارس في خضم نواقصها تفتح المجال واسعاً أمام الشباب للتطرف، وليس هذا بسبب ما تقدمه هذه المدارس من تعليم، ولكن بسبب ما تحجم عن تقديمه من معلومات، مثل التعايش بسلام مع أصحاب الديانات الأخرى، أو الطوائف الأخرى من الديانة الإسلامية. وكما عبر وزير التماسك البريطاني، صادق خان، أمام نظيره الباكستاني أن التعليم الديني غير المكتمل والإرهاب يتعايشان في مجال واحد.

وتعتبر بريطانيا ومستعمراتها السابقة في جنوب آسيا صنوان، ليس فقط في ما يتعلق بالنواحي الأمنية والاجتماعية، وإنما أيضاً فيما يتعلق برجال الدين، فالمدارس الدينية التي ظهرت في الهند كرد فعل للحكم البريطاني، تسعى الآن إلى نوع من النفوذ في شمال بريطانيا، كما أن تنوع المذاهب الإسلامية لدى أفراد الجالية البنغالية في لندن ينشط بشكل حيوي، كما هو الحال في العاصمة البنغالية دكا.

فعلى كل من ينشد الاستقرار والسلم الاجتماعي في مناطق المسلمين في جنوب شرق آسيا أولاً أن يراقب المشهد الإسلامي في بريطانيا، والعكس صحيح أيضاً. وفي حقيقة الأمر، تباطأت وتيرة هجرة الأئمة الجنوب آسيويين في الوقت الراهن إلى بريطانيا. ولكن، في عصر الإنترنت هناك سبل عديدة للوصول إلى هناك.

وكلما زاد التوتر بين طوائف المسلمين في باكستان، مثل تدنيس ضريح صوفي أو الاستيلاء على مسجد، تراقب السلطات البريطانية بمزيد من القلق والحذر إشارات التوتر في المدن البريطانية. والآن، وفي الوقت الذي تدور فيه رحى الحرب بين الحكومة الباكستانية ومتمردي حركة طالبان، يتأثر مزاج المسلمين البريطانيين تبعاً لذلك.

ولاتزال كل من باكستان وبريطانيا في مشهدهما الإسلامي تشتركان في أمر واحد بسيط، يتمثل في أن التعليم الديني يسيطر عليه معلمون «طهريون». وتعود أصول هؤلاء إلى مدينة ديوباند الهندية، حيث تم تأسيس مكان هناك لتعليم الإسلام عام 1866 ،وترمي هذه المؤسسة لتأصيل ونشر شكل صارم من التعاليم الإسلامية (من القوة بحيث يقاوم التعاليم الاستعمارية والوجود الاستعماري والنفوذ الفاسد للثقافات الأخرى).

ووضعت الفلسفة «الديوباندية» قواعد متزمتة للسلوك الفردي، بحيث تكن عميق الاحترام للورعين. ومن الطوائف التي انبثقت من هذه المدرسة الدينية جماعة التبليغ، وهي حركة عالمية كبيرة لنشر الإسلام، تتمتع بوجود قوي في يوركشاير ولندن. والطائفة الأخرى التي انبثقت عن هذه المدرسة، كما يعتقد بعضهم، هي طالبان، حيث ظهروا في أفغانستان، وفي ما بعد في باكستان، لكن هذا لا يعني أن جميع الطوائف التي انبثقت عن هذه المدرسة، في بريطانيا أو جنوب آسيا، تجنح للعنف.

الأكثر مشاركة