«ويكبيديا» تعتذر لإسرائيل
مر عابرا خبر استضافة «معهد نيتفيجن» الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، مؤتمر «ويكبيديا أكاديمي 2009 » الأسبوع الماضي . ربما بالمنطق المتعالي غير المفهوم ذاته الذي يتعامل به المنتمون للثقافة العربية مع الموسوعة الإلكترونية العالمية (ويكبيديا) منذ ظهورها عام ،2001 سواء من حيث حجم الإسهامات المحدودة فيها، أو المتابعة الضعيفة لها.
الإسرائيليون لم يكونوا يهزلون بالاستضافة، ولم يكن دافعهم «الاهتمام النزيه بشؤون العلم والثقافة»، وإنما كانت الخطوة جزءا من الحرب الإعلامية والثقافية التي يستهدف الكيان العبري بها تسييد روايته للتاريخ على العالم، معتبرين أن تأثيرات الشبكة العنكبوتية ساوت أو تجاوزت كل المكتوب الورقي.
فرضت إسرائيل أجندتها، كما العادة على المؤتمر، وقدم الباحث ايلي هاكوهين ورقة سماها «التغطية الإشكالية لإسرائيل في ويكبيديا»، شن فيها هجوما على ما سماها «التغطية المنحازة» للموسوعة، وضرب أمثلة بعدم توصيف حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في الفقرة الأساسية في الطبعة الانجليزية بـ«الإرهابية»، وعدم توصيف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والمؤرخ البريطاني ديفيد ايفرنج بلفظة «منكر هولوكوست»، وتعريف عملية «الرصاص المسكوب» بأنها «القصف الإسرائيلي لمدنيي غزة»، وتجاهل ذكر مدينة اللد ـ كبلد إسرائيلي من وجهة نظره ـ في النسخة العربية للموسوعة. وعلى الرغم من أن كل هذا الكلام مردود عليه، سواء ما يتعلق بالحد الفاصل بين التوصيف والمعلومة، أو ما خص تعبير «منكر» الذي يسعى الإسرائيليون لنقله من الأدبيات الدينية إلى أي تناول نقدي لقضاياهم، على الرغم من هذا، أثمر الجهد الإسرائيلي في المؤتمر مكاسب، واضطرت المديرة التنفيذية لمؤسسة ويكبيديا أن تعتذر ضمنا بالقول إنه «حتى نيويورك تايمز تخطئ أحيانا».
يذكّر الغياب الثقافي العربي عن متابعة الموسوعة التي تجدد كل صباح كتاباتها في 12 مليون موضوع بأكثر من 50 لغة أساسية بالوجه السلبي لصرخة التصايح شبه البدائية بأن «السيف أصدق إنباء من الكتب». وفي واقع الأمر، أنه لا سيف هناك ولا موسي، وليس في الأفق للأسف سوى عبث وعدم وسديم.
alayak2005@yahoo.com