إسرائيل تحدّد دخول صيادي غـزة إلى البحر بـ3 أميال
يشدد الاحتلال الإسرائيلي من قيوده ضد الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يواجهون خيارين لا ثالث لهما في مهنتهم، إما الموت جوعا أو مواجهة الخطر لتحصيل لقمة العيش، فقد قلصت حدود الصيد المسموح لهم بدخولها في بحر غزة إلى ثلاثة أميال، بعد أن كانت ستة أميال قبل الحرب على القطاع، فيما وجدت الطرادات الإسرائيلية في بحر الغزيين بصورة دائمة، وتطارد الصيادين وتقيد من حركتهم داخل المياه بشكل متصاعد.
وتحرم إسرائيل بإجراءاتها المشددة ما يقارب ثلثي الصيادين الفلسطينيين البالغ عددهم ما يقارب 5000 صياد من مزاولة مهنة الصيد، التي تعتبر مصدر دخلهم الوحيد هم ومئات الأسر، والذين باتوا قريبين من خط الفقر، حيث إن عددا من القوارب متوقف عن العمل جراء الإصابة بأضرار أثناء الحرب، وعدم مقدرة الصيادين على جلب قطاع غيار لقواربهم المتعطلة عن الصيانة بسبب إغلاق المعابر.
تصاعد بعد الحرب
وقال الصياد ياسر الصادق لـ«الإمارات اليوم» إن « إسرائيل تحاربنا في لقمة عيشنا الوحيدة والتي نعيل من خلالها مئات الأسر، وتقيد من حركتنا بصورة دائمة، فبعد الحرب الأخيرة فرضت علينا قيودا جديدة لتقسم ظهرنا في ظل المعاناة التي نواجهها منذ سنوات، حيث إن الطرادات الحربية الإسرائيلية لا تغادر بحرنا على الإطلاق».
وتابع قوله «ولم تسمح لنا بنزول البحر إلا بعد 10 أيام من انتهاء الحرب، وفي مسافة جديدة أقصر من التي كان مسموحا بها لنا في السابق والتي كانت ستة أميال، علما بأن المسافة كانت في فترات سابقة 20 ميلا حسب اتفاق «أوسلو» ، ولم يكتفوا بذلك، بل يعترضون طريقنا ونحن نصطاد بشكل يومي، ويمنعوننا من الوصول إلى الحدود المحددة لنا».
وأضاف «وعندما نحاول الوصول إلى المسافة المحددة لنا بالصيد والتي يندر وجود الأسماك بها، ولا نصطاد إلا الصغير والقليل، يقتربون منا، ويطردوننا من البحر، ويطلقون قنابل ارتجاجية بالقرب منا تسبب في كثير من الأحيان قلب قواربنا، هذا بالإضافة إلى أنهم يمنعون الصيادين وبصورة كبيرة من الصيد لأيام عدة».
وقال الصياد خليل الصادق إن الحرب الإسرائيلية ضاعفت من المعاناة التي يمر بها الصيادون، فقد منعوا من دخول البحر طوال فترة نشوبها، ولم تفارق الطرادات البحر، وهي تطلق النيران والقذائف بشكل عشوائي على الشاطئ وقوارب الصيادين، ما تسبب في إصابة الكثير من قوارب الصيادين الصغيرة والكبيرة بأضرار وتعطلها، حيث تحتاج إلى صيانة، كما مزقت شباك الصيادين وأدوات صيدهم.
وذكر أن أحد قواربهم أصيب بأضرار خلال الحرب، حيث طالت الأعيرة النارية خراطيم الزيت التي تغذي القارب بالوقود، كما تحطم زجاج الواجهة، إضافة إلى ثقب القارب بسبب الرصاص الذي كان يطلق بشكل دائم وعشوائي».
وقال الصياد خليل الصادق الذي يعيل أسرة مكونة من ستة أفراد «نعاني في وقتنا الحالي من شح صيد الأسماك بسبب الحدود القصيرة المحددة لنا والتي يندر بها وجود أسماك وفيرة، وأغلب ما نصطاده صغير الحجم وقليل، وعندما نقضي 12 ساعة متواصلة داخل البحر نصطاد ما يقارب الـ10 صناديق، الصندوق الواحد يكفي لـ10 كيلوغرامات من السمك، وهذا ليس دائما على الرغم من قلته».
وأضاف «وفي الفترات السابقة كنا نصطاد ما يقارب الـ80 إلى 100 صندوق، كما لا يسمح لنا في الوقت الحالي بنزول البحر إلا يومين أو ثلاثة في الأسبوع».
وأشار الصياد الغزي إلى أن الصيادين حرموا هذا العام من موسم صيد سمك «الوطوط»، كما فاتهم شهر من موسم سمك «السردينة» التي تعتبر طعام الفقراء والأغنياء في القطاع، حيث إن هذه الأنواع من الأسماك إضافة إلى أصناف أخرى لا توجد إلا في مسافات أعمق والتي يمنعهم الاحتلال من دخولها.
وذكر حادثة حصلت معه قبل أيام عدة، فعندما كان يقترب هو والصيادين بقاربهم إلى الحدود المحددة لهم بحثا عن أسماك وفيرة، اقترب منهم طراد إسرائيلي وهو يطلق قنابل ارتجاجية، وطلب منه أن يقلع ملابسه وينزل البحر، وقد توجه لهم سباحة، ومن ثم اقتادوه إلى مكان بعيد عن وجوده، واعتدوا عليه، وحققوا معه، ومن ثم ألقوه في البحر، ليعود إلى شاطئ غزة سباحة.
من أجل التخابر
ولفت الصياد الصادق إلى أن إسرائيل تعرض على عدد من الصيادين التعامل معهم وإعطاء معلومات عن المقاومة في غزة، ومصادر تهريب السلاح، مقابل السماح لهم بالصيد دون أي قيود، وقد رفض الصيادون ذلك، وهذا ما أدى إلى تشديد إجراءاتهم.
ونفى ما ادعته إسرائيل حول قيام الصيادين بتهريب الأسلحة عبر المياه الإقليمية إلى قطاع غزة، قائلا لو قام أحد من الصيادين أو من غيرهم بتهريب أسلحة عن طريق البحر لاكتشف الأمر، ولكن إسرائيل تحاول محاربتنا بشتى الوسائل.
وقد ذكرت وزارة الزراعة في الحكومة الفلسطينية المقالة بغزة، أن إسرائيل احتجزت قبل أيام عدة ثمانية صيادين في عرض بحر جباليا شمال غرب غزة، حيث تعرضوا لضغوط للارتباط والتعاون مع الاحتلال والإدلاء بمعلومات عن المقاومة مقابل السماح لهم بدخول البحر، وقد رفض هؤلاء الصيادون التعاطي مع هذا الأسلوب الرخيص، وذلك حسب إفاداتهم.
حصار
أما الصياد أبو أحمد الهسي (56 عاما)، والذي يعيل أسرة مكونة من 11 فردا، فله باع طويلة في مهنة الصيد ومواجهة إجراءات الاحتلال، حيث قال «دائما تعترض طريقنا الطرادات الإسرائيلية أثناء الصيد، وتعتلي قواربنا يعتدون علينا بالضرب والاهانة، وإيقافنا ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة أو البرد القارس، وفي كثير من الأحيان يلقون بنا في البحر ويقلبون قاربنا».
وأضاف تباغتنا الطرادات في أغلب الأحيان بفتح خراطيم المياه على مركز السفينة لتغرق أجهزة التحكم المستخدمة في تحديد مسار القارب، وحرق المحرك.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news