<p align=right>موازنة الشباب بالخبرة رجّحت كفّة حزب المؤتمر. أ.ف.ب</p>

الحكومة الهندية الجديدة تجابه تحدّيات الإرهاب والفساد

عزز حزب المؤتمر مواقعه في الساحة السياسية الهندية، إثر الفوز الكاسح الذي حققه في الانتخابات الأخيرة. ومنيت الأحزاب اليسارية بانتكاسة كبيرة. أويتعين على الحزب الفائز التحالف مع قوى سياسية أخرى لتحقيق الأغلبية البرلمانية المطلوبة لتشكيل الحكومة، إلا أن هذا التقدم الذي فاق التوقعات يعطي الحزب حرية أكبر في مفاوضاته مع الشركاء السياسيين.

وأخطأت بعض الأحزاب في حساباتها، عندما جندت عدداً كبيراً من المجرمين لاستفزاز الناخبين، ولم تنل إلا نصيب الفأرة من كعكة الانتخابات الكبيرة. وبات الناخب الهندي يدرك جيدا أن السياسة التي ترتكز على المعتقدات الدينية لايمكنها أن تحل مشكلاته اليومية.

كما تبين من نتائج الانتخابات أن العلمانية تتجذر أكثر فأكثر في مجتمع محافظ، يلعب الدين دورا كبيرا في مجريات حياته. ومع نهاية المعركة الانتخابية، ستبدأ معركة جديدة بين الأحزاب المتحالفة، وسيتم تقسيم الحقائب الانتخابية والمناصب السيادية بين المنتصرين، كما ستنال الهيئات والجمعيات التي دعمتهم نصيبها من الكعكة الديمقراطية.

وبالنظر إلى وعود قدمها المترشحون قبيل الانتخابات، فإن العبء يبدو ثقيلا مقارنة مع إمكانات الحكومة واحتياجات الأقاليم، فضلاً عن المشكلات التي تعاني منها مؤسسات الدولة الهندية، وفي مقدمتها الفساد الذي أصبح ظاهرة تهدد تدفق الاستثمارات الأجنبية التي أنعشت الاقتصاد الوطني.

وتقول تقارير مستقلة إن حجم الفساد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ما بين 100 و140 مليار روبية، قدمت للناخبين في شكل هدايا ورشا. وتنادي مؤسسات أهلية بضرورة محاربة الفساد، وما يسمى بـ«المال الأسود» الذي يستخدمه عدد من السياسيين من أجل الاحتفاظ بمقاعدهم في البرلمان. وتطالب بمكافحة التهرب الضريبي وإلزام الأثرياء بدفع الضرائب.

ويراقب المواطن الهندي مجريات الأمور عن كثب، وينتظر خطوات جدية تقوم بها الحكومة لوقف الفساد الذي استشرى في البلاد. ولن يتحقق ذلك إلا ضمن الإطار القانوني الذي يجب أن يطبق على الجميع من دون استثناء، إلا أن الواقع لايشجع على التفاؤل، حيث تبقى نحو 20 مليون قضية حبيسة الأدراج في المحاكم، وينتظر أصحابها الفصل فيها منذ وقت طويل. ويقول تقرير لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، صدر سنة 2007 - 2008 أن النظام القضائي في الهند بطيء للغاية، حيث أشار إلى أن المحكمة العليا في نيودلهي بتت في 332114 قضية لم يستغرق القاضي أكثر من خمس دقائق في كل قضية. ويقول قاضٍ في المحكمة: «حسب هذه المعطيات، فإنه يلزمنا 466 سنة للبت في كل القضايا المسجلة».

إضافة إلى الفساد الإداري والخلل القضائي، تواجه الحكومة مشكلة خطيرة تتمثل في التهديدات الإرهابية الداخلية والخارجية. ويتعين على الحكومة المركزية أن تقدم الدعم الضروري للولايات، بما في ذلك التدريبات والتزويد بالوسائل، عوضاً عن تقديم القروض والمنح. وكما يهدد الإرهاب أمن المواطنين الهنود، فإنه يؤثر سلباً في الاستثمارات الأجنبية في بلادهم.

وشكلت الانتخابات نقطة تحول مهمة في تاريخ الهند، حيث ستنهي وجود جيل سياسي بأكمله.

ولم يصوت الشباب لصالح الشباب فقط، لكنه اختار الحزب الذي استطاع أن يوازن بين الشباب والخبرة. وتجلى ذلك في وجود السياسي الشاب، راؤول غاندي، والسياسي المحنك مانموهان سينغ. كما استطاعت الانتخابات أن تكشف حقائق يبدو أن كثيراً من أحزاب المعارضة أغفلتها.

الأكثر مشاركة