<p align=right>أفراد من «عرب الجهالين» في أثناء صعودهم إلى منازلهم. الإمارات اليوم</p>

«عرب الجهالين» فلسطينيون يـواجهون خطر الترحيل الثالث

يواجه نحو 7500 فلسطيني من قبائل «عرب الجهالين» الذين يقطنون حالياً شرق القدس المحتلة خطر التهجير للمرة الثالثة منذ نكبة 1948 من الأراضي التي أُحضروا إليها قسراً، وذلك بعد مصادرة الاحتلال الإسرائيلي 12 ألف دونم شرقي بلدة أبوديس في القدس، على حساب إقامتهم، من أجل توسيع وربط مستوطنتي كيدار ومعاليه أدوميم، ضمن مخطط الاحتلال الذي أعلن عنه أخيراً، وبموجبه ستتم إقامة 3000 وحدة سكنية.

ومرت العائلات الفلسطينية من «عرب الجهالين» بمراحل قاسية من التهجير القسري، فقبل 61 عاماً تم تهجيرهم قسراً من أراضيهم الأصلية، وهي تل عراد ووادي الزويرة في بئر السبع جنوب فلسطين، وتم ترحيلهم مرات إلى أماكن تحيط بها المستوطنات، وإلى أماكن أخرى هي مكبات نفايات.

أفخاذ

ويتفرع من «عرب الجهالين» ثلاثة أفخاذ رئيسة، هم «حمولة الصرايعة» التي تقطن في وادي الهندي بين مستوطنتي «معالي أدوميم» و«كيدار» شرق أبديس، وحمولتا «السلامات» و«الدواهيك» شرق القدس على سفوح الجبال التابعة لأبوديس، وهم لاجئون من الأراضي المحتلة عام 1948 ومسجلون في سجل الأمم المتحدة للاجئين ويحملون بطاقات لاجئ.

وقال مختار عشيرة الصرايعة الذين يتفرعون من عرب الجهالين، محمد حماد الصرايعة، لـ«الإمارات اليوم» في اتصال هاتفي «نعيش نحن عرب الجهالين في السفوح الجبلية الممتدة إلى شرق أبوديس في القدس، بعد أن هُجرنا من أرضنا الأصلية عام ،1948 وواجهنا موجة من التهجير عام 1967 وفي السبعينات والثمانينات والتسعينات، وتم نقلنا قسراً إلى تلك المناطق». وأضاف «حصرتنا سلطات الاحتلال بين مستوطنتي كيدار ومعاليه أدوميم في وادي أبوهندي شرق أبوديس، واليوم تهددنا بالتهجير من خلال مصادرة 12 ألف دونم من أراضي أبوديس لتوسيع وربط المستوطنتين».

وأوضح الصرايعة أن إسرائيل تهدف من هذه المصادرة السيطرة على آلاف الدونمات الأخرى للسفوح الجبلية في تلك المنطقة من أراضي السواحرة والعيزرية بالقرب من أبوديس التي يقطنها عرب الجهالين، وقال «إذا هُجّرنا هذه المرة، سيكون مصيرنا مجهولاً، ولا نعرف إلى أين نذهب».

وذكر أن أحياء عرب الجهالين تفتقر إلى معالم الحياة، حيث يُمنع فيها البناء، ولا يوجد فيها شبكات كهرباء أو مياه أو هاتف، ولا يوجد فيها أي مركز صحي، حيث يضطر السكان للسير على أقدامهم أكثر من سبعة كيلومترات للوصول إلى المراكز الصحية في المناطق المجاورة.

وكشف الصرايعة أن وداي الهندي شهد ثلاث حالات وفاة في العام الماضي، نتيجة عدم تمكنهم من الوصول بسرعة إلى مركز صحي مجاور، حيث كانوا يعانوا من آلام في «المصران الأعور». وتمت محاصرة وادي الهندي الذي يقطنون فيه من جميع الجهات، ولا يوجد له إلا منفذ وحيد يربطه ببلدة أبوديس، وهو نفق، أو ممر مياه، أسفل جسر مخصص للمستوطنين، وضيق ووعر، ولا تمر فيه إلا السيارات الصغيرة بصعوبة . وفي فصل الشتاء، يواجه سكانه صعوبة في المرور منه، حيث تحدث سيول نتيجة مياه الأمطار.

وقال مختار قبيلة الصرايعة «حضرت إلينا قبل 20 يوماً سلطات الاحتلال، وأبلغتنا بأننا معرضون للترحيل جراء مصادرة 12 ألف دونم، منها الأرض التي نسكن عليها، لربط مستوطنتي معالي أدوميم بـكيدار اللتين نقع بينهما، ورفضنا ذلك، ولكن أخبرونا بأننا سنخرج منها بالقوة».

وأضاف «عرضوا علينا إغراءات عرضوها علينا في مرات سابقة، حيث سيخصص الاحتلال منطقة لمن يرغب في الاستقرار فيها من العائلات البدوية، وعرض على الأهالي تملك قطعة أرض والحصول على مبالغ مالية مقابل الاستقرار، لكننا نرفض ذلك ونتمسك بأرضنا».

وأشار إلى أن عرب الجهالين يوجد لديهم مدرسة واحدة للأطفال أنشئت من صفيح عام ،1997 وقد هدمها الاحتلال ثلاث مرات في ذات العام، وبعد ذلك أعيد إنشاؤها من الصفيح، ويدرس بها ما يقارب 140 طالباً وطالبة، لافتا إلى أن الأطفال يسيرون مسافات طويلة وفي طرق وعرة وجبال مرتفعة للوصول إلى المدرسة.

ملاحقة

وبينت الباحثة الفلسطينية في اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار العنصري، هديل حنيطي، أن سياسة الملاحقة والترحيل من موقع إلى آخر أدت إلى إعادة انتشار عرب الجهالين حول منطقة القدس، شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، إلا أنهم لم يسلموا من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين، فمنذ منتصف الثمانينات و«عرب الجهالين» يتلقون إخطارات عسكرية تقتضي هدم المنشآت التي يقيمون فيها.

وذكرت أن الاحتلال يدّعي أن «عرب الجهالين» يعتدون على أراضي الدولة، ويقيمون مباني غير قانونية عليها، على الرغم من إقامتهم عليها قبل احتلال ،1967 وبالتالي، مازال «عرب الجهالين» يواجهون الطرد والتهجير والترحيل والمضايقة والإغلاق في كل مكان يلجأون إليه، مع استمرار الهجمة الاستيطانية حول المدينة.

واستعرضت حنيطي أبرز عمليات التهجير القسري نتيجة المخطط الاستيطاني حول القدس التي تعرض لها «عرب الجهالين»، وقالت لـ«الإمارات اليوم» في اتصال هاتفي « قام الاحتلال بين 1997 و1998 بترحيل 85 عائلة من حمولة الســلامات من عرب الجهالين، التي كانت تنتشر على ســـفوح الجبال التابعة لبلدية أبوديس، حيث أصدرت محكمة الاحتلال قراراً يقضي بطرد عرب الجهالين من هذه الأراضـــي، بحجة إقامتهم عليها بطـــريقة غير شرعية، وبالتالي عليهم الرحـــيل منها ليتسنى توسيع مســتوطنة معاليه أدومـــيم عليها».

وأضافت «في شتاء 1997 وبعد قرار المحكمة مباشرة، اقتحمت قوة كبيرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي والآليات العسكرية قوامها 2000 جندي من الجيش والشرطة وما يسمى بحرس الحدود والخيالة، مضارب السلامات وباشروا بهدمها، ومن ثم قاموا بترحيلهم بالقوة بواسطة شاحنات نقلتهم إلى تلة صخرية مملوكة من مواطنين فلسطينيين يقيمون من أبوديس قرب مكب النفايات المركزي لبلدية القدس، حيث تم وضعهم في بيوت حديدية متنقلة (كرفانات)».

وذكرت الباحثة أن قوة كبيرة من قوات الاحتلال داهمت في 1998مضارب تابعة لعرب السلامات في منطقة الخان الأحمر تضم 35 مسكناً ومنشأة تؤوي نحو 450 نسمة، وباشروا هدم الخيام التي تؤويهم وحظائر الأغنام التي تخصهم، وقاموا بتحميلهم في شاحنات، ونقلتهم إلى أبوديس على التلة نفسها التي رحلت إليها المجموعة الأولى قرب مكب النفايات.

 
شاهد: عشيرتنا مكثت 14 يوماً في العراء


 

 

 

 

 

 

 

 


قال أحد أفراد عرب الجهالين «في أكتوبر ،1997 داهمت قوة كبيرة من جنود الاحتلال، ترافقها الدوريات والآليات العسكرية، وادي أبو هندي شرق أبوديس، وهدمت مضارب لعشيرة عرب الجهالين تؤويهم، وحظائر الأغنام والبركسات الزراعية التي يمتلكونها، و مدرسة ابتدائية من الصفيح، وأحدثت دماراً شاملاً في ممتلكاتهم من الأعلاف والذخائر، وصادروا الخيش وألواح الصفيح وصهاريج المياه وتركوهم في العراء».

وأضاف «بقي أبناء العشيرة صامدين في أرضهم 14 يوماً في العراء، لا نقدر حتى أن نتحرك من مكاننا، ومنعوا عنا المياه، وصادروا أغنامنا والتراكتورات التي تحملها، وأغلقوا المنطقة بالكامل، وأطلقوا عليها منطقة عسكرية مغلقة، ومنعوا أي أحد أن يصل إلينا، حتى أن الأم عندما كانت تحمل بطانية لابنها كانوا يصادرونها».

وتابع «بعد ذلك، توجهنا إلى محكمة الاحتلال مطالبين بإيجاد حل لمشكلتنا، وبعد شهر، نجحنا في انتزاع أمر احترازي يقتضي السماح لنا بإعادة مساكننا إلى وضعها، إلى حين دراسة وضعنا والبت في قضيتنا ومصيرهنا»، ولايزال البت في مصيرهم معلقاً في محاكم الاحتلال إ.

وأوضح أن سلطات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيلي يمارسون مضايقات عدة بحق «عرب الجهالين»، منها مصادرة مئات الرؤوس من الأغنام والإبل، بحجة الرعي في مناطق عسكرية مغلقة، مشيراً إلى إجراء قوات الجيش الأسبوع الماضي تدريبات عسكرية، وحلقت الطائرات بالقرب من أماكن إقاماتهم، وأحدث ذلك رعباً بين الأطفال.

 

الأكثر مشاركة