كثرة أحكام الإعدام «بالجملة» تثير مخاوف المصريين

زوجة هشام طلعت مصطفى تشق طريقها لرؤية زوجها بعد قرار إحالة أوراقه إلى المفتي. إي بي إيه

شهد شهر مايو الجاري وحده الحكم بإعدام 37 متهماً في مصر، أبرزهم رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وثيق الصلة بجمال مبارك نجل الرئيس حسني مبارك، وأحد أهم قيادات الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، وضابط أمن الدولة السابق محسن السكري، المتهمان بقتل الفنانة سوزان تميم، وقاتل ابنة الفنانة ليلى غفران، وأحكام بالإعدام بحق 10 متهمين باغتصاب فتاة في محافظة كفر الشيخ، و24 متهماً بقتل 11 مواطناً مصريا في محافظة البحيرة. وفتحت الأحكام نقاشات واسعة في الشارع والإعلام المصريين، عما إذا كانت تخفي وراءها اتجاهاً عاماً للتشدد في الأحكام القضائية من جهة، وما إذا كانت الحل لمشكلة تصاعد العنف والجريمة في مصر.

سأعدم 1000 متهم

وقال المستشار في محكمة الجنايات عبدالسميع عبدالعال « القضاء المصري يطبق القانون، بغض النظر لعدد المتهمين، لأنه يطبق قواعد تشريعية من دون أن يتأثر بما يقال في وسائل الإعلام المختلفة، وهناك قواعد صارمة إذا أخل بها القاضي يحال إلى التفتيش القضائي، وغالباً ما يُقضي بعدم صلاحيته، ويُطرد من عمله فتطارده الفضيحة للأبد، ولهذا إذا عرض على 1000 متهم في الشهر يستحقون الإعدام لن أتردد أبداً في القضاء بذلك». مؤكداً أن «استقلال القضاء المصري ونزاهته ليسا محل نقاش أو مساومة».

وأضاف «من الطبيعي جداً صدور الأحكام التي أوجدها القانون للعقاب على مثل هذه الجرائم، فإذا لم يحكم القضاء بالإعدام في جرائم، مثل اغتصاب 10 أفراد أنثى تحت تهديد السلاح، وترويع الآمنين وتهديدهم بالقتل، إذا اقترب أحد منهم، ثم التناوب عليها بالاغتصاب، في تحدٍ للقانون والدين والعرف، فمتى إذاً تطبق عقوبة الإعدام».

وأضاف المستشار المصري «إن عملية استئجار البلطجية وتحويلها إلى مهنة للاستيلاء على أراضي الدولة، وقتل 11 شخصاً بالأسلحة الآلية في وادي النطرون، ألا يعتبر هذا النوع من الجرائم الشاذة تهديداً للمجتمع، وإفساداً لدور الدولة؟، فلا يوجد غير عقوبة الإعدام طريقاً آخر لإعادة هيبة الدولة وتطبيق القانون».

حكايات وأخطاء

وقال الناشط الحقوقي في المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد غازي، « عقوبة الإعدام تكمن خطورتها في حالة ظهور براءة المتهم، بعد تنفيذ العقوبة، حيث لا يمكن إعادة روح تم إزهاقها»، وأشار إلى أن «الفيدرالية الدولية» لحقوق الإنسان طالبت مصر والدول العربية بإلغاء العقوبة، ولذلك عقد في القاهرة مؤتمر مشترك معها، واستند فى مطالبته إلى تقرير مشترك بين المنظمة المصرية و«الفيدرالية الدولية»، عرض نماذج لمتهمين حكم عليهم بالإعدام، ثم تم اكتشاف براءتهم، مثل قضية الممثلة حبيبة التي اعترف المتهمون بالمصادفة بارتكاب جريمة قتل زوجها بعد خمس سنوات من الحكم عليها، وقبل تنفيذ الحكم عليها بشهور، وأيضاً قضية قاتل ابنته في الإسكندرية الذي اعترف بقتلها تحت وطأة التعذيب البشع لرجال الأمن، وحكم عليه بالإعدام، وقبل التنفيذ ظهرت ابنته لتنقذ أباها من حبل المشنقة .

وكانت محكمة جنايات دمنهور أصدرت حكماً تاريخيا، يعد الأول من نوعه فى تاريخ القضاء المصري، بإحالة أوراق 24 متهماً في مذبحة وادي الفارغ في وادي النطرون العام الماضي إلى المفتي، وتأجيل محاكمة ستة آخرين إلى جلسة 13 يونيو المقبل. وقبل أن تصدر الحكم، أخلت هيئة المحكمة القاعة والمحكمة من أهالي المتهمين والمجني عليهم، وتم فرض طوق أمنى حول منطقة المحكمة بالكامل. ووجهت النيابة للمتهمين تهم القتل العمد والشروع في القتل، مع سبق الإصرار والترصد، لقتلهم 11 من المجني عليهم في 14 مارس 2008 .

وقال عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، المحامي عادل الشاروني، « أحكام الجنايات نهائية، فلا ينص القانون المصري على منحهم درجة ثانية من الطعون، كما أن الطعن أمام محكمة النقض لا يكون في موضوع الدعوى، ولكن في تطبيق أو عدم تطبيق المحكمة التي أصدرت الحكم للقانون، كما أن الطعن بالنقض لا يوقف التنفيذ. ويبقى أمام المتهمين فرصة تقديم التماس إلى رئيس الجمهورية بتخفيف الأحكام، وقال إنه عادة ما تصدر الأحكام بالإعدام مساوية لعدد الضحايا، لكن الحكم صدر بإعدام ضعف عدد الضحايا».

شنق في الميادين

وقال الباحث في مركز البحوث الجنائية محمد السيد عمر لـ«الإمارات اليوم» « هذا الحكم الذي سبقه بإعدام 10 متهمين باغتصاب سيدة في محافظة كفر الشيخ يشكّل عودة لهيبة الدولة في فرض القانون ووقف النزيف الاجتماعي، حيث ظهر في المجتمع ما يمكن وصفه بالجريمة الشاذة» موضحا أن «مثل هذه الأحكام بمثابة ردع للخارجين عن القانون، الذين بلغت بشاعة جرائمهم حداً فوق المعتاد».

وطالب عمر بتفعيل النص القانوني الذي يسمح للقاضي بتنفيذ أحكام الإعدام في ميادين عامة، عندما تكون الجرائم بمثل هذه البشاعة والعنف، حتى يمكن تحقيق الردع المجتمعي الضروري لإعادة التوازن للمجتمع.

تويتر