مؤسسات ومواقع حيوية في باكستان معرّضة للخطر
تدل التفجيرات الأخيرة في اثنتين من أكبر المدن الباكستانية، هما لاهور وبيشاور ،والتي جرحت وأودت بحياة عشرات وألحقت دماراً كبيراً، تدل على عجز حكومة إسلام أباد بما لديها من قوات جيش وشرطة واستخبارات عن حفظ الأمن والاستقرار بشكل عام، وأن هناك مواقع حيوية ومؤسسات مهمة وسط تجمعات سكنية ذات كثافة سكانية عالية مكشوفة أمنياً، كما أن وصول أيادي العنف إليها بسهولة يجعلها أكثر ضعفاً وعرضة للخطر.
وضمن محاولاتهم لتخفيف الضغط العسكري والحصار الذي يتعرضون له من قوات الجيش في وادي سوات، وغيره من مناطق وزيرستان، يستهدف المسلحون من حركة طالبان الباكستانية أهدافاً غير عسكرية، مثل مراكز الشرطة، أو مدنية مثل السوق (البازار) التاريخي القديم في بيشاور، ما يضع الحكومة في وضع حرج وأمام خيارات صعبة، ويزيد مخاوفها من تزايد استهداف التجمعات المدنية بشكل صريح، إذا ما استمرت الظروف الحالية على ما هي عليه، وهذا يحول حياة المواطنين الباكستانيين العاديين في المدن إلى جحيم لا يطاق، في ظل عجز أمني واضح.
ويقول محللون في إسلام أباد إنه من دون توجيه ضربات قاصمة لجذور العنف في باكستان، فإن خط الأنابيب الذي يضخ مسلحين وانتحاريين لن يتوقف عن العمل، وستبقى هناك ثغرات خطيرة في الترتيبات الأمنية التي يتم اتخاذها في المدن، الأمر الذي سيمكن المسلحين ومنفذي التفجيرات والهجمات الانتحارية من جرّ الحكومة إلى لعبة القط والفأر التي لا نهاية لها، والتي لا يمكن للحكومة أن تكسبها أو تنتصر فيها. لذا، تبدو العمليات العسكرية الجارية في شمال شرقي البلاد الخيار الصحيح.
ولهذا الخيار محاذيره ومخاطره، لأن قصف وتدمير مناطق بأكملها وسقوط عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين، في سبيل القضاء على المسلحين أو إضعافهم وتحجيمهم قد يؤدي إلى زيادة شعور المدنيين بالضيق والسخط ما يفرز جيلاً من الناقمين الذين يلتحقون بمسلحي «طالبان»، وما لم تعمل الحكومة بكل حرص على حماية المدنيين وحقوقهم الأساسية فستجد نفسها أمام مشكلة متفاقمة مع العنف والتفجيرات.
كما أن الأجهزة الامنية والاستخباراتية الباكستانية مطالبة وبقوة بتكثيف عمليات الاستطلاع والمراقبة وجمع المعلومات في المدن، وتعزيز الدوريات في التجمعات السكانية، وإعادة النظر في أسس وأسباب الاعتقالات وأساليب الاستجواب والحصول على المعلومات، والعمل على معالجة نقاط الضعف، وسد الثغرات في عمل عناصرها للارتقاء بهم إلى مستوى الكفاءة المطلوب ليتناسب مع القدرة اللازمة لإنجاز المهمة الصعبة، وهي ضبط الوضع الأمني وإحباط عمليات التفجير والعنف.
وهناك شعور عام بأن مجموعات وخلايا عمل الشرطة والاستخبارات المنتشرة في المدن تبدو ضعيفة ومصابة بالإعياء والاستنزاف، لكن الحصول على أفضل أداء وإنجاز ممكن منها يعتمد على توفير الموارد لها من عناصر بشرية مؤهلة، وحسنة التدريب وتقنيات العصر والتمويل. لذلك، تحتاج المرحلة إلى المزيد من التنسيق وتضافر الجهود بين الحكومة المركزية في إسلام أباد وحكومات الأقاليم، للتأكد من أن الجميع يسير في الاتجاه الصحيح، للوصول إلى الغايات المرجوة في أسرع وقت ممكن، وبأقل الخسائر.