استياء صيني من كوريا الشمالية
على غير ما هو متوقع، أثارت التجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية مؤخراً استياء الصين، وإلى حد دفع محللين إلى الاعتقاد بأنها تبدو مستعدة للقبول بفرض عقوبات جديدة متوسطة على بيونغ يانغ، على الرغم من أن بكين ترفض دعم أي عقوبات، أو خطوات يمكن أن تهدد استقرار جارتها.
وعلى مدى الأعوام الماضية، ظلت الصين تتباهى بقدرتها على إبقاء جارتها على خط الاتصالات مع الدول المؤثرة، ومارست ضغوطا لإبقائها على طاولة المفاوضات، كلما فشلت أو أصابها الجمود، وكلما قامت كوريا الشمالية بعمل اعتبره الآخرون انتهاكاً لقانون أو اتفاق، كانت بكين تسارع لتفسيره وشرح النوايا الكورية الشمالية منه، وتوضيح أنه مجرد طريقة غير مؤذية من بيونغ يانغ لجذب اهتمام المجتمع الدولي.
لكن المسؤولين الصينيين يرون التجربة النووية الأخيرة ديناً مستحقاً على بيونع يانغ لبلادهم، بل يذهب بعضهم إلى حد اعتبارها تهديداً لها، وعلى الرغم من انتقاد المعلقين لبيونغ يانغ، إلا أن المراقبين الخارجيين يواجهون صعوبة بالغة في فهم كيفية انعكاس الانتقادات على السياسة الخارجية للصين.
ويقول الباحث الصيني في معهد الأبحاث الحكومي في إقليم جيلن، زهانغ يوشان، «أصبحت كوريا الشمالية مشكلة كبيرة للصين، ولاعبا خطيرا على الساحة الدولية».
وشهد موقف الأوساط الأكاديمية الصينية من كوريا الشمالية تغيراً في السنوات الأخيرة، بعد أن كانت أغلبيتهم في الماضي تدافع عن جميع تصرفاتها وأعمالها، وتقول إن على الصين تقبلها وتفهمها، لأن معارضتها قد تفضي إلى زعزعة استقرار شمال شرق آسيا.
ويقول الباحث في معهد الحزب الشيوعي الصيني زهانغ ليانغوي «أصبحت أقل اهتماماً بالاستقرار من اهتمامي بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، وأرى أنه ليس من مصلحة الصين أن تصبح جارتها دولة حائزة على السلاح النووي».
غير أن المحللين الذين يتوقعون تغييرا كبيرا في الموقف الصيني من الطموحات النوويه لبيونغ يانغ ما زالوا قلة، مستندين في ذلك إلى أن بكين أيدت بلا تحفظ التجربة النووية الأولى التي أجرتها كوريا الشمالية عام ،2006 وإلى أنه ليست هناك مؤشرات عملية إلى موقف جديد مختلف للصين التي على الرغم من انضمامها إلى العقوبات الدولية على بيونغ يانغ لفترة، إلا أنها امتنعت عن الاستجابة لطلب إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش اعتراض السفن الكورية الشمالية التي تنقل تكنولوجيا صواريخ نووية إلى دول أخرى تعتبرها تلك الإدارة «مارقة».
وهناك شعور عام واسع النطاق لدى القيادة الصينية بأن زعزعة استقرار كوريا الشمالية ستوجد حالة فوضى على حدود بلادهم، أو أن انهيارها وإعادة توحيدها مع كوريا الجنوبية سيؤدي إلى ظهور دولة غربية الميول على حدود الصين. وتعتقد بكين أنها قادرة على التأثير في القيادة الحالية لكوريا الشمالية، وما تشهده من تغييرات بطيئة وهادئة في ضوء مرض الزعيم الحالي، كيم جونغ إيل، وغيابه المتكرر عن الساحة.
واستناداً إلى أندي غيلهولم، المحلل في مجموعة السيطرة على المخاطر التي تتخذ من بكين مقراً لها، «فإن الصين ترغب في الاستفادة من الوقائع الجغرافية والاقتصادية، وتوظيفها على المدى البعيد، لجعل نظام بيونغ يانغ أكثر مرونة وقبولاً من المجتمع الدولي».
ولعل من أهم ما تأخذه بكين في الاعتبار أن كوريا الجنوبية أصبحت منذ إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين في 1992 شريكاً تجارياً واقتصادياً مهماً. وفي أحيان كثيرة، كان موقفها من كوريا الشمالية يتطابق مع الموقف الصيني. وفي ،2007 انتخب الكوريون الجنوبيون رئيسا جديدا تعهد لهم باتخاذ موقف أكثر تشدداً من الشطر الشمالي.