كاتب إسرائيلي: الفلسطينيون وحدهم دفعوا ثمن تحقيق «الحلم الصهيوني»
في مسعى لتبرير الثمن الذي دفعه الفلسطينيون بسبب إقامة الكيان الصهيوني، درج المتحدثون الرسميون الإسرائيليون على تحميل الفلسطينيين أنفسهم مسؤولية ما حدث.
ويعتبر الإسرائيليون رفض الفلسطينيين خطة التقسيم في عام 1947 المتكأ الرئيس في هذا الجدل، ولم يتردد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في ترديد هذه المزاعم خلال خطابه في جامعة بار إيلان.
بيد أن التمسك بهذه الأقاويل لا يمكن أن يشجع على المضي في طريق السلام، حيث أنها تعبر عن عدم رغبة تامة من الجانب الإسرائيلي في الاعتراف بالثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون بسبب تحقق «الحلم الصهيوني».
وفي خطابه في العاصمة المصرية، عبر الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بقوة عن الحاجة للاعتراف بذلك، لا أتحدث فقط عن الثمن الذي دفعه الفلسطينيون مقابل المعاملة غير العادلة التي تلقوها على يد الصهيونية، أي عمليات الطرد التي تعرضوا لها عام ،1948 وعدم المساواة بين اليهود والعرب في إسرائيل، وتشييد المستوطنات المستمر على الأراضي الفلسطينية، وإنما أتحدث أيضا عن الثمن الذي دفعوه مقابل إرساء عناصر الفكرة الصهيونية على الأرض، والذي تمثل في تأسيس دولة يهودية على أرض إسرائيل.
وتعتمد مبررات الحركة الصهيونية في بناء مثل هذه الدولة اليهودية على حق أي أمة في تقرير مصيرها، وعلى ارتباط اليهود تاريخياً بأرض إسرائيل، وعلى المذابح التي تعرض لها اليهود خلال القرنين التاسع عشر والعشرين كمبرر استجدائي.
ويتضح من عناصر هذه المبررات أن الفلسطينيين ليسوا من كان عليهم وحدهم دفع ثمن تحقيق تطلعات اليهود.
وطالما أن تلك المبررات تتحدث عن حق اليهود، مثل أي شعب آخر، في تقرير مصيرهم، فإن جميع الدول، وليس الفلسطينيون وحدهم، من ينبغي أن يدفع ثمن إحقاق ذلك الحق. وطالما أننا نتحدث عن حق يتم إحقاقه على أرض إسرائيل بسبب المذابح التي تعرض لها اليهود في أوروبا، فمن الحق أن تسهم الأمم الأوروبية بنصيب الأسد في دفع الثمن.
ولم تفصح خطط التقسيم التي قدمتها الأمم المتحدة عن ذلك، وفي الوقت الذي لم تكن فيه خطة التقسيم سوى مجموعة من المبادئ فإن الفلسطينيين الذين طولبوا بدفع الثمن في مقابل إنشاء الدولة اليهودية وحدهم من يحق لهم الاعتراض على تلك الخطة.
وفي عبارات أخرى، فإن الفلسطينيين يملكون من الناحية الأخلاقية المبرر لاعتراضهم على قرار التقسيم، على الرغم من عدالته وليس لعدم عدالته، كما إننا نملك المبرر في قبول قرار التقسيم «على الرغم من عدالة اعتراض الفلسطينيين».
إن تكرارنا لحقيقة رفض الفلسطينيين قرار التقسيم، في مسعى منا لتحميلهم كامل التكلفة غير العادلة التي فرضناها عليهم، إنما هو ذر الرماد في العيون حيال كثير من الأفعال غير العادلة التي نرتكبها ضدهم.
وبدلاً عن ذلك، علينا أن نفهم الصهيونية في سياق يتضمن الاعتراف بعدالة اعتراض الفلسطينيين، وإذا ما أنكرنا عليهم عدالة الاعتراض، فإننا نوصم الصهيونية بأفعال غير عادلة.
إن أي إصرار من أي من الطرفين على رؤية حقه فقط، مع عدم رغبته في رؤية عدالة الطرف الآخر، من شأنه أن يديم الصراع. وفي الوقت الذي يعبر فيه أوباما عن هذا الفهم في خطابه في القاهرة، فإن نتنياهو يعبر عن العكس تماما.
❊تشاييم غانز صحافي إسرائيلي ومؤلف كتاب «نحو صهيونية عادلة»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news