خامنئي: لن نتراجع أمام احتجاجــات المعارضة

الهدوء ساد أمس شوارع طهران. أ.ب

أكد المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي أمس أن النظام الحاكم في بلاده لن يتراجع في وجه احتجاجات المعارضة التي تشهدها البلاد . وقرر المرشح المحافظ في الانتخابات الرئاسية، محسن رضائي سحب الشكوى التي تقدم بها ضد نتائج الانتخابات لتضمنها «تجاوزات»، مبرراً خطوته بصورة خاصة بالمهلة غير الكافية التي حددتها السلطات للنظر فيها، وسط ترقب بشأن مصير الحداد الذي دعت إليه المعارضة اليوم على ضحايا الاضطرابات.

بريطانيا تريد علاقات «بناءة» مع إيران
أكدت بريطانيا أمس أنها تريد علاقات «بناءة» مع إيران، لكنها انتقدت من جديد رد طهران «المؤسف جدا» في مواجهة الاضطرابات الناجمة عن نتائج الانتخابات، بعد إعلان إيران أنها تدرس تخفيض مستوى علاقاتها مع بريطانيا. وجاء ذلك على لسان متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء غوردن براون، ردا على تقارير نقلت عن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي قوله إن طهران تدرس مسألة تخفيض مستوى علاقاتها مع بريطانيا.

وقال المتحدث «نراقب الوضع، أخذنا علما بتلك التقارير، وأوضحنا دائما أننا نسعى إلى علاقة ثنائية بناءة مع إيران، تقوم على الاحترام المتبادل».

وأضاف أن «قرار إيران تحويل ما هو بوضوح شأن داخلي إيراني إلى صراع مع المملكة المتحدة وغيرها هو أمر مؤسف جدا، ولا أساس له»



ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني أمس عن خامنئي قوله «في الأحداث الأخيرة المتعلقة بالانتخابات، أكدت ضرورة تطبيق القانون، وسأواصل تأكيد ذلك. ولن يتراجع النظام أو الشعب بالقوة، ولن ترضخ المؤسسة ولا الأمة للضغوط، مهما كان الثمن».

ويأتي تصريح خامنئي كأحدث مؤشر على أن النظام لن يتسامح مع الانشقاق الذي حدث عقب إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، على الرغم من موجة الاحتجاجات العامة والشكاوى بأن الانتخابات التي جرت في 12 يونيو الجاري شابها التزوير.

وكثفت إيران قمعها لزعيم المعارضة مير حسين موسوي، حيث اعتقلت نحو 25 صحافيا وموظفا في صحيفته، على ما أفاد أحد أعضاء هيئة تحرير الصحيفة لوكالة فرانس برس أمس.

وأفادت الشرطة في بيان نشرته وكالة الانباء الرسمية الايرانية بأنه تمت مداهمة مكتب الصحيفة، والعثور فيها على «وثائق تثبت وجود مؤامرة ضد الأمن القومي». وقال البيان «بعد تفتيش دقيق للمبنى الذي استخدم مقرا لحملة أحد المرشحين، ثبت أن نشاطات كانت تجري فيه لتنظيم التظاهرات وأعمال الشغب الأخيرة (...) وأعمال تمس بالأمن القومي».

وحث موسوي أنصاره على مواصلة الاحتجاجات، ولكن مراعاة «ضبط النفس» لتجنب مزيد من سفك الدماء، فيما دعا مرشح رئيس آخر، هو مهدي كروبي، إلى إعلان الحداد اليوم على القتلى من المتظاهرين.

ودعا واحد من أكبر رجال الدين في إيران، حسين علي منتظري، وهو من المعارضين، إلى إعلان ثلاثة أيام من الحداد الوطني على المحتجين القتلى، اعتبارا من يوم أمس. وقال منتظري، الموضوع تحت الإقامة الجبرية منذ نحو ثمانية أعوام، في بيان على موقعه على الإنترنت «مقاومة مطلب الشعب حرام شرعا».
 
طهران تتهم «سي آي إيه» بتمويل المتظاهرين
اتهم وزير الداخلية الإيراني صادق محصولي، أمس، وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية في المنفى، بالمساهمة في تمويل «مثيري الشغب»، مصعدا من اتهامات طهران للغرب بالتورط في احتجاجات الشوارع، والتي أعقبت الانتخابات الرئاسية.

ونقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء شبه الرسمية، عن محصولي قوله، «بريطانيا وأميركا والنظام الصهيوني، وراء اضطرابات الشوارع في طهران».

وأضاف «عدد كبير من مثيري الشغب كانوا على صلة بأميركا و(سي.اي.ايه) ومنظمة مجاهدي خلق، وهم ينهلون من مواردهم المالية».
إلى ذلك، طالبت زهرة رهنوارد، زوجة موسوي، بإطلاق سراح جميع الذين اعتقلوا في الأيام الأخيرة، وفقا لموقع حملة موسوي على الإنترنت. وقالت «أشعر بالأسف لاعتقال عدد كبير من النخبة السياسية ومن أفراد الشعب، وأطالب بإطلاق سراحهم». وأضافت «لم أتعرض للاعتقال، وأواصل عملي في الجامعة، لكنني في الوقت نفسه أقف إلى جانب الناس، وأحتج على النتائج الرسمية».

وشنت صحيفتان محافظتان متشددتان حملة انتقادات عنيفة ضد موسوي، وكتبت «كيهان» في صفحتها الأولى «موجة شعبية لمحاسبة موسوي على الدماء التي أريقت». وعنونت صحيفة «وطن أمروز» القريبة من الحكومة، «من المسؤول عن جرائم هذه الأسابيع في طهران؟». وكتبت نقلاً عن «والد الشهيد غانيان» الذي قتل بحسب وسائل الإعلام في تظاهرات الأيام الأخيرة «موسوي مسؤول عن روح ابني التي أزهقت، وسألاحقه حتى أحصل على حقي».

وقرر محسن رضائي سحب الشكوى التي تقدم بها ضد نتائج الانتخابات، وأفاد في رسالة وجهها إلى مجلس صيانة الدستور، «أشعر بأن من واجبي، آخذا بالاعتبار التزامي كأحد جنود الثورة والزعيم والشعب، أن أبلغكم بأنني أتخلى عن متابعة الشكوى التي تقدمت بها».

وبرر رضائي قراره في الرسالة بأن «الوضع السياسي والأمني والاجتماعي في البلاد دخل مرحلة حساسة وحاسمة أكثر أهمية من الانتخابات». وأبدى أسفه «لقلة الوقت المتبقي» للنظر في الشكاوى، على الرغم من إعلان مجلس صيانة الدستور أول من أمس أن خامنئي منحه مهلة إضافية من خمسة أيام تنتهي الاثنين المقبل لإصدار قراره.

وكان رضائي، والمرشحان الآخران اللذان هزما في الانتخابات موسوي وكروبي، قدموا طعونا إلى مجلس صيانة الدستور، بسبب المخالفات التي شابت الانتخابات في رأيهم.

ولايزال التوتر يخيم على شوارع طهران، إلا أن الهدوء ساد أمس، بعد يومين من قمع مئات رجال مكافحة الشغب المسلحين بالهراوات الحديدية المتظاهرين من أنصار المعارضة، وإلقاء القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم.



 

تويتر