تمييز عنصري ضدّ السود فـي «أميركـا أوباما»
على الرغم من أن الولايات المتحدة انتخبت أول رئيس أسود للدولة، فإن مدرسة مونتغمري كاونتي بانوب الأميركية لاتزال تقيم احتفالين راقصين لتخرج طلابها، حيث يكون الأول للطلاب البيض، وفي الليلة التالية يتم اجراء الحفل الثاني للطلبة السود.
وقالت الطالبة في هذه المدرسة كيرا نوبلز «لا أحب حفلات الرقص التي يتم فيها الفصل العنصري، وليست هناك ضرورة لها. ونحن نذهب إلى المدرسة معا ونتخرج في الوقت ذاته وأشعر بأني حرمت من شيء مهم بالنسبة لي».
ومنذ نحو 40 عاماً يتعلم الطلاب في المدارس الحكومية معا، ويلعبون دروس الرياضة معا، ويقيمون روابط صداقة وثيقة، قبل أن يجدوا انفسهم وجهاً لوجه مع شبح من تاريخ أميركا الماضي. وقالت الآنسة نوبلز التي ستذهب إلى الجامعة في الخريف المقبل إنه «أمر يبعث على الأسى. فإني أرى جميع أصدقائي وهم يقيمون حفلا في حين يطلب مني الانتظار الى اليوم التالي بسبب لون بشرتي».
ويعتبر هذا الحفل الذي تنظمه المدارس الأميركية حدثاً كبيراً، إذ يمضي الطلبة مع آبائهم أشهراً وهم يستعدون له، ولكن في بعض بلدان الجنوب الأميركي لايزال بعض الآباء يصرون على اجراء حفلات خاصة للبيض. ولم يؤد انتخاب باراك أوباما كأول رئيس أسود للولايات المتحدة إلى أي تغيير في هذه العادات في بلدة مونتغمري كاونتي حيث صوت البيض للجمهوريين.
ونظراً لعدم السماح لها بحضور حفل البيض وقفت الآنسة نوبلز في الخارج لتظهر دعمها المعنوي لأصدقائها المقربين الذين جاؤوا الى الحفل مع آبائهم، وأخذت الصور معهم. وبعد ذلك غادرت مع أصدقائها. وفي اليوم التالي حضر أصدقاؤها البيض وأخذوا الصور معها، وهم يرتدون الملابس الملونة. وكانت على وشك ذرف الدموع، وقالت «نحن نحب بعضنا بعضا، ولكن هناك الكثير من التاريخ المخفي هنا».
وكان بليك كونر (17 عاماً)، وهو طالب أبيض قد رفض الذهاب إلى الحفلة من الأساس، ولكن أصدقاءه أقنعوه بالعدول عن رأيه. وقال «هناك العديد من أصدقائي الذين أفضل وجودهم في هذه الحفلة»، ويعتقد أنه سيكون من الصعب النجاح في إقامة حفل مختلط بين اللونين «لأسباب ثقافية» كما يقول.
وأضاف «حاول اصدقائي تنظيم حفلة مشتركة ولكنهم لم يتفقوا على الموسيقى».
وترى الشقيقتين تيرى وتامارا فاونتين ولهما صديقان اسودان، أن هذه الحفلة تعتبر محاولة للجمع بين الطرفين. وقالت تارا (18عاماً)، «أردت الذهاب الى حفل السود، ولكن أمي لن تدفع لي المصاريف وهي تكره أن أتحدث إلى السود».
ويبدو أن موضوع هذا التمييز في مونتغمري كاونتي متجذر، وحتى وقت قريب ظل السود يعيشون في رعب التعذيب والسحل. وفي اغسطس من عام 1930 دخل مجموعة من الدهماء البيض منزل أحد السياسيين السود البالغ عمره 70 عاماً، وقاموا بتعذيبه حتى الموت. وفي عام 1944 وبعد محاكمة استمرت لمدة يوم واحد من قبل هيئة محلفين من البيض، تمت إدانة خادمة سوداء، وبعد ذلك تم اعدامها لأنها أطلقت النار على رجل ابيض عندما كان يغتصبها.
واستمرت أعمال القتل العرقي حتى خمسينات القرن الماضي. وفي سبعينات القرن الماضي قتل رجل أبيض لأنه أقام علاقة مع امرأة سوداء.
وبناء على هذه المواقف لاتزال حفلات الرقص السنوية في مدارس مونتغمري كاونتي عنصرية. وكان حفل البيض لهذا العام باذخاً وبلغ سعر التذكرة أكثر من 200 دولار، وهو ما لا يقدر على دفعه معظم الطلبة السود، الذين هم من أفقر العائلات في البلدة. وقال طالب ابيض ومتخرج في هذه المدارس «لطالما كان هناك فصل في الأعراق في هذه الحفلات»، لكن مدير المدرسة ليون باتن، يقول «إن أكثر اللحظات عنصرية في هذه البلدة هي الساعة الـ11 صباحاً من كل يوم سبت عندما يحضر الطلبة إلى كنيستين منفصلتين».
ومع ذلك، فإن السيد باتن قرر أنه حان الوقت لوضع حد للفصل العنصري. وفي العام المقبل سيكون هناك حفل راقص يشمل السود والبيض، تنظمه المدرسة وليس الأهالي. وقال «ربما لا نحقق نجاحاً كبيراً في البداية، ولكننا سنصر على ذلك، ومع الأيام سيكون هذا الفصل العنصري من الماضي».