توجّس عراقي قبل ساعات مـن الانسحاب الأميركي من المــدن

جنود أميركيون يلتقطون صورة تذكارية قبل الرحيل.             أ.ب

في الوقت الذي تستعد فيه القوات الأميركية لمغادرة جميع المدن العراقية، يشعر عراقيون بالتوتر والخوف من المجهول، حيث ان إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما كانت قد وعدت بسحب جميع القوات في نهاية الشهر الجاري، وتفي الآن بوعدها.

وفي الوقت الذي يقترب فيه الموعد، يتساءل العراقيون ما إذا كان في استطاعة القوات العراقية الحفاظ على الأمن في مدنهم. وجاء الرد سريعاً مع تفجر سلسلة جديدة من العنف، ففي العشرين من الشهر الحالي، انفجرت سيارة مفخخة في مدينة تازا التركمانية الواقعة إلى الجنوب من مدينة كركوك المضطربة، أدت إلى مقتل 70 شخصاً على الأقل. وبعد يومين، انفجرت سبع عبوات ناسفة على الأقل داخل أو حول بغداد، من بينها قنبلة مزروعة على جانب الطريق، وانفجرت سيارة مفخخة أعقبها هجوم تفجيري، نتج عنهما مقتل 30 شخصاً. وفي الرابع من الشهر، قضت عبوة ناسفة على 70 شخصاً في بغداد، ومن المحتمل أن يكون الحادث الأكثر إماتة في العراق خلال هذا العام، وحيث إن المسلحين يعلمون تماماً بأن القوات الأميركية في طريقها إلى مغادرة العراق، فإنهم يستجمعون قواهم لكي يزعزعوا استقرار العراق أكثر.

واستطاع المسلحون أن يحققوا أهدافاً عالية الأهمية، عندما نفذوا سلسلة اغتيالات، كادت تشعل من جديد مسلسل الثارات الطائفية. وفي وقت مبكر من الشهر، لقي رئيس الكتلة السنية في البرلمان العراقي، حارث العبيدي، مصرعه برصاص أحد الشباب في مسجد في بغداد، بعد أن أمٌ المصلين فيه في صلاة الجمعة. وفي الموصل، أكبر مدن الشمال، لاتزال التفجيرات تدوي في المكان.

وعلى الرغم من هذه الأحداث المثيرة للقلق، فإن السجلات تؤكد أن وتيرة العنف لاتزال في تراجع ، حيث كان عدد القتلى من العراقيين في مايو الماضي هو الأدنى، مقارنة بأي شهر آخر منذ 2003 ،بيد أن كلاً من المسؤولين العراقيين والأميركيين يتنبأون بزيادة عدد الهجمات، كلما اقترب ميعاد انسحاب القوات الأميركية من البلاد.

وأخبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشعب العراقي بألا يصابوا بالإحباط جراء العنف، وأن القوات العراقية قادرة على الحفاظ على الأمن في المدن العراقية. ويعتقد المالكي بأن الدبابات والأسلحة الأميركية الأخرى لا تجدي نفعاً في ما يسمى لعبة المقاتلين الذكية. ويرى أن العراقيين جاهزون للعب في الميدان بشكل أفضل من الأميركيين، وأكد أن انسحاب الأميركيين من المدن العراقية يعتبر «نصراً كبيراً» للعراق.

وفي حقيقة الأمر، فإن القوات الأميركية انسحبت قبل فترة تقريباً من جميع المدن العراقية، ونادراً ما يلاحظ السكان وجودها، كما تم تفكيك استحكامات أمنية كثيرة، عراقية أميركية مشتركة، ولم تعد هناك دوريات أميركية روتينية.

وعلى كل، سيبقى الأميركيون في القواعد العسكرية المجاورة، وستكون تحت الطلب في حالة واجهت القوات العراقية المصاعب. وفي بعض المناطق، لاسيما الموصل، حيث تتزايد الجهود لإخماد المقاومة، تم السماح لقواعد القوات الأميركية بالبقاء على أطراف المدينة، حيث كانت موجودة من قبل.

إلا أن العراقيين بدأوا يدركون أن إدارة أوباما تنوي بالفعل سحب معظم القوات الأميركية من العراق، قبل 2011 ،ما قد يتيح لهذا البلد التركيز على أمور مهمة، مثل إجازة التشريعات التي تساعد على بناء الأمة، مثل قانون النفط والغاز والتعديلات الدستورية والقوانين التي تحكم الانتخابات.

ومن دون القليل من التماسك في الحكومة، لن تستطيع قوات الأمن العراقية أن تتحد في مواجهة التوتر الطائفي أو العرقي. ويعلم العراقيون أن الحل يكمن في تشكيل حكومة عريضة القاعدة، من شأنها أن تشكل أساساً متيناً لقوات الأمن.

ومن الناحية الأخرى، سيتم إجراء الانتخابات العامة في يناير، ويعلم الجميع أن الأميركيين يرغبون في انتخابات سلمية تقود إلى حكومة مستقرة، قبل أن ينسحبوا كلياً من البلاد. ويحاول المالكي أن يصبح الرجل القوي الذي يمكنه ان يجلب الاستقرار وحكم القانون للعراق، ويسعى جاهداً في البحث عن روابط قوية بين الطوائف المختلفة.

وفي النهاية، انسحب الأميركيون أو بقوا ، فإن العراق لايزال يعاني من أسوأ أنواع الفشل، إذ لا يوجد قائد واحد عبر البلاد يستطيع أن يستقطب إلى جانبه جميع الطوائف العرقية والطائفية في العراق .

تويتر