المستوطنات تلتهم الأراضي الفلسطينية
يتجاهل أصحاب مشروعات البناء الإسرائيليون الضغوط الدولية، خصوصاً الأميركية، والتي تطالب بتجميد البناء داخل المستوطنات.
وكتبت صحيفة «لوتون» السويسرية، في تحقيق أجرته من داخل الضفة الغربية، وفقاً لرابطة أصحاب مشروعات البناء الإسرائيلية، إن معدل مبيعات الشقق والمنازل قد ارتفع بنسبة 95٪ منذ شهر مايو الماضي، وأن خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في القاهرة، وكذلك لهجة التوبيخ التي تتبناها الدبلوماسية الأميركية في ما يتعلق بسياسة الاستيطان في الضفة الغربية، لم يغيرا شيئاً من الأوضاع. وباستثناء مستوطنة «هالاميش» الصغيرة الواقعة قرب رام الله، حيث تم إيقاف تشييد 24 منزلاً في مطلع يونيو الماضي، بناء على قرار من المحكمة العليا، فإن أصحاب شركات البناء الإسرائيلية لايزال في حوزتهم عقود عمل في مشروعات أخرى كثيرة لتشييد المساكن داخل المستوطنات.
وتضيف الصحيفة، أنه بحسب لوبي المستوطنين، ينبغي بناء 2500 وحدة سكنية سنوياً في الضفة لمواجهة «النمو الطبيعي» لسكان المستوطنات، ويمثل هذا الرقم الشعار السحري الجديد للإدارات الإسرائيلية المسؤولة عن توزيع تصاريح البناء. فقد شهد عام 2008 بناء ما يزيد على 3200 منزل في مستوطنات الضفة، حيث يقول نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، «لا يمكننا منع الأشخاص الذين ولدوا هناك منذ 1967 (سنة الاحتلال الإسرائيلي) من الزواج وإنجاب الأطفال والاستقرار بجانب أقاربهم، وبالتالي، فإن مسألة إيقاف البناء داخل المستوطنات غير مطروحة للمناقشة».
وتسوق الصحيفة أمثلة من المستوطنات الإسرائيلية التي يجري في الوقت الراهن العمل فيها بأقصى سرعة لبناء الوحدات السكنية، مثل مستوطنة «أرييل»، أكبر مستوطنة في الأراضى الفلسطينية (30 ألف نسمة في شمال غرب الضفة)، حيث يتم أيضا تشييد 27 مصنعاً ومستودعاً، بالإضافة إلى مستوطنة «هارحوما» اليهودية (جبل أبو غنيم) في الضفة الغربية، حيث تكثر دعاية شركات البناء الإسرائيلية على غرار «إذا قمتم اليوم بتوقيع العقد، فستستلمون شقتكم فى ديسمبر 2010». وتضم المستوطنة التي أقيمت في منتصف التسعينيات على أرض يملكها مزارعون فلسطينيون في بيت لحم 10مواقع بناء يجري العمل فيها على قدم وساق، منها مشروعات في طريقها إلى الانتهاء، وبعضها الآخر، ومنها برج مكون من 22 طابقاً، سيتم البدء فيها خلال أسابيع .
من ناحية أخرى، تسجل كل من مستوطنة بسغات زئيف (فى إحدى ضواحى القدس) ومستوطنة معالي أدوميم (مستوطنة كبيرة بالقرب من المدينة المقدسة) أعلى معدل في مشروعات البناء التي تجري حاليا، إذ يتم حاليا الانتهاء من بناء 750 شقة في «بسغات زئيف» و901 شقة في معالي أدوميم.
وتوضح الصحيفة السويسرية أنه عند مدخل المدينة تنتشر الإعلانات التي تعدد مزايا هذه المشروعات السكنية «الستايل» التي تتمتع «بالمناظر الطبيعية الأصلية»، والمباني «الساحرة» التي «تطل على مناظر خلابة»، والمخصصة بالطبع للطبقة الاجتماعية الإسرائيلية المرموقة، ولعل هذا ما يفسر السبب في زيادة المبيعات بنسبة 71٪ خلال الشهرين الماضيين.
وتنقل الصحيفة رأي زوجين إسرائيليين هاجرا حديثاً من باريس، وجاءا لشراء شقة من ثلاث غرف في مستوطنة «هارحوما»، تطل مباشرة على بيت لحم، حيث يعربان عن شعورهما بالاطمئنان بأن البناء في المستوطنات لن يتوقف في الضفة الغربية، لأن، حسب قولهما «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه إيهود باراك وجميع مسؤولي إسرائيل، يصرحون بأن أعمال التشييد لن تتوقف، إلا إذا قام الفلسطينيون بتقديم تنازلات غير عادية، وهو ما لن يحدث على الإطلاق». ويضيفان أن «الانتقال إلى (هارحوما) يثير اهتمامنا للغاية لأنها قريبة من القدس، عاصمة إسرائيل الأبدية، حسب زعمهما، كما أن أسعار المنازل فيها أقل بنسبة 20٪ إلى 30٪ عنها في وسط البلد، إذ يصل سعر شقة مساحتها 90 متراً مربعاً بها إلى 200 ألف يورو».