الهند وباكستان تتجهان إلى المصالحة

جنديان هندي وباكستاني يؤديان طقساً عسكرياً يومياً على الحدود.                 أ.ف.ب

كان اللقاء الأخير الذي عقد بين رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، ونظيره الباكستاني يوسف رضا جيلانيعلى هامش اجتماع دول عدم الانحياز في القاهرة أول تقارب ثنائي منذ أربع سنوات. وقد أثارت هجمات مومباي قبل أشهر توتراً كاد ينتهي بأزمة حقيقية بين البلدين لولا تدخل أطراف دولية نجحت في تهدئة الوضع. وقد لقي 175 شخصا حتفهم في الهجمات، ولاتزال نيودلهي تطالب إسلام آباد بتسليم المسؤولين عن الأحداث.

كان سينغ متردداً في لقاء رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني، إلا أنه صرح بأن الهند مستعدة لاستئناف محادثات السلام في حال أبدت إسلام آباد جدية أكبر في ما يخص ملاحقة الجماعات المسلحة المناوئة للهند. يذكر أن باكستان قد حاكمت خمسة من المشتبه في تورطهم في أحداث مدينة مومباي، الخطوة التي اعتبرها البعض مؤشرا إيجابيا يدل على «صدق النية» في الجانب الباكستاني.

ونجحت المحادثات التي أطلقها كل من الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف ورئيس الوزراء الأسبق بيهار باتشباهي، في 2004 ،في إزالة الحواجز بين البلدين والتقريب بينهما أكثر من أي وقت مضى، في تاريخهما الدموي. وتوصل الطرفان حينها إلى خطة لتسوية خلافهما الحدودي، بما في ذلك مقاطعة كشمير التي خاضتا من أجلها ثلاث حروب من أصل أربع اندلعت بين الجارتين.

ويبدو أن لهجة نيودلهي قد تغيرت في السنوات الأخيرة، وأصبحت بعيدة عن التهديدات باستخدام القوة العسكرية.

وتماشياً مع الموقف الرسمي تعبر النخبة الاجتماعية في الهند من خلال وسائل الإعلام عن رغبتها في السلام الدائم بين البلدين. يذكر أن الهند وباكستان قد حشدتا قواتهما على الحدود في أعقاب الهجوم الدموي على البرلمان الهندي في 2001 ،وحبس العالم حينها أنفاسه خوفاً من اندلاع حرب نووية.

في المقابل لايبدو أن محادثات السلام ستستأنف بالروح الإيجابية نفسها التي بدأت بها في 2004 ،نظرا للمستجدات التي طرأت في المنطقة. وفي ما يخص مشكلة كشمير، أقر مشرف في 2006 بأن الهند لن تتخلى بأي حال من الأحوال عن الجزء «الغني» الذي تسيطر عليه بأي حال من الأحوال، واقترح أن يتحول خط النار بين الشطرين إلى حدود عادية، إضافة إلى منح الجانبين حكماً ذاتياً.

ومع تراجع سلطة مشرف ورفض الباكستانيين لسياسته انهارت عملية السلام، وبات من الضروري إعادة بنائها من جديد. ومع استئناف المحادثات سيتم التركيز على «محاربة الإرهاب» وليس على قضية كشمير، ولن تقبل نيودلهي بأي تسوية إلا إذا قضت إسلام آباد على التنظيمات المسلحة التي وجهتها باكستان، عند إنشائها، ضد الهند، بما في ذلك جماعة «عسكر طيبة»، وتتهم الهند هذه الجماعة بأنها المسؤولة عن هجمات مومباي، وفي ظل إخفاق القضاء الباكستاني في توجيه التهم المباشرة لزعيم الجماعة، حافظ سعيد أو مساعديه، تبقى الهند معرضة لهجمات دموية أخرى.

تويتر