مصريون يحتفون بذكرى السيدة زينب. الإمارات اليوم

مصريـون يحتفـون بمولـد السيـدة زينب تحدياً لقرار حكومي

تحدى مصريون القرار الحكومي بمنع إقامة الموالد توقياً من انتشار فيروس «انفلونزا الخنازير»، وتوافدوا بمئات الآلاف إلى وسط القاهرة حيث ترقد السيدة زينب بنت الإمام علي بن ابي طالب، رضي الله عنه، وأقاموا احتفالاتهم، وفشلت جميع الإجراءات الأمنية في منع تسللهم لميدان السيدة زينب على الرغم من سد الشوارع وإقامة المتاريس، وكما ذكر مصدر امني لـ«الإمارات اليوم» افشل محبو «أم هاشم» جميع خطط إبعادهم وأجبرتنا الأعداد الغفيرة على محاولة تأمينهم بدلاً من منعهم، وظلت تلك الحشود الكبيرة ساهرةً رغم الحر الشديد حتّى الفجر تنادي «يا رئيسة الديوان».

والتقت «الإمارات اليوم» بحسين عبدالستار احد مريدي السيدة، القادم من محافظة أسيوط، على بعد 500 كيلومتر جنوب القاهرة، وقال «جئت وفاءً لنذر للسيدة بذبح خروف على عتباتها إذا ما رزقني الله بولد، حيث إنني لدي خمس بنات وكنت أشتاق إلى الولد الذي يحمل اسمي ويرثني وعندما سمعت بقرار المحافظ بإلغاء المولد، قررت الحضور في حماية السيدة»، وأعرب عن دهشته من قرار المنع على الرغم من مشاهدته الزحام في وسط القاهرة، وتحديداً في منطقتي العتبة والحسين، حيث ذهب للتسوق، مضيفاً ان ازدحام المترو يفوق كثيراً خطر ازدحام مولد السيدة زينب.

احتجاجات من الصعيد

من جانبه أكد أشهر المنشدين الدينيين في مصر ياسين التهامي «أن جموع المنشدين الدينيين الذين يشاركون في المولد ويصل عددهم إلى 50 شخصاً يحتجون على هذا القرار، وقال إن الصعايدة في الأقصر يريدون تكسير دور السينما والمسارح في مصر احتجاجاً، وقالوا حتى لو اطلقت الشرطة النار علينا نموت شهداء (عشان خاطر أم هاشم)».

وأضاف التهامي «أن الدولة غاب عنها أن عدداً من الفقراء لا يذوقون اللحم إلا في المولد، وأرزاق الناس الذين يتم قطعها». وأضاف ان المنشدين والصوفيين «بيغلوا وبيقولوا إشمعنى السينمات والمسارح».

وتجولت «الإمارات اليوم» أمام مسجد السيدة زينب حيث نصبت العديد من الخيام التي يتجمع في داخلها وأمامها آلاف المنشدين، وجلسنا في إحدى هذه الخيام التي تعود الى الشيخ صلاح الدين القوصي، وتحدثنا إلى أبومحمد أحد رعايا هذه الخيمة حيث قال «إن الموالد أهم الاحتفالات الشعبية ذات الصبغة الدينية في مصر، فما من قرية أو مدينة أو منطقة في المدن الكبري إلا ولها قديس أو ولي تحتفل بمولده كل عام، ويعتبر هذا المولد احتفالها الأساسي الذي ينتظره الأهالي، ويشترك في ذلك غالبية المصريين، وفي كثير من الأحيان يشترك أبناء كل بلدة مسيحيين ومسلمين في الاحتفال بمولد قديس البلدة المسيحي أو وليها المسلم، بغض النظر عن دينهم، وهناك موالد كبرى تحتفل بها مصر كلها ويفد إليها المصريون من كل مكان كموالد السيدة زينب والإمام الحسين ومارجرجس وسانت تريزا والسيدة العذراء، وبعض هذه الموالد يتكبد الراحلون إليها مشقة بالغة مثل مولد أبي الحسن الشاذلي الذي يقع مقامه في منطقة نائية بصحراء مصر الشرقية». وقال «ان الموالد نظام اجتماعي ونظام حياة لشعب يخلق أفراحه ومتعه البسيطة التي تعيش معه عبر السنين».

وجدان شعبي

وأضاف «ورث المصريون عن الفاطميين إحياء الموالد والاحتفال في المناسبات المرتبطة بآل البيت، مثل المولد النبوي ومولد الحسين ورأس السنة الهجرية ويوم عاشوراء، وغيرها من المناسبات التي تشكل جزءاً من الوجدان الشعبي المصري»، وأشار قائلاً «يحتشد أكثر من مليوني مصري لزيارة ضريح الإمام الحسين في الاحتفال بمولده الذي يقام سنوياً بالقاهرة».

من جانبهم اكد اصحاب المحال والباعة الثابتون والجائلون حول مسجد السيدة زينب لـ«الإمارات اليوم» ان «فرح الست» على حد قولهم يمثل لهم باب رزق سنوياً ينتظرونه من العام الى العام كاشفين عن صدمتهم لقرار الحكومة بإلغاء مولد السيدة زينب وتلك سابقة أولى في نوعها لم تحدث من قبل رغم ما مرت به البلاد من صدمات وكوارث وامراض ولم يصدقوا ان مرض «انفلونزا الخنازير» سيمنع اقامة هذا التقليد الديني الذي يعد من الأعياد الثابتة وغير الرسمية في مصر وليس بدعة كما يدعي البعض من انصار السنّة بل من المرجح ان الحكومة خائفة من تجمعات الصعايدة في المولد غير عابئة بالأضرار التي ستلحق بأرزاق الكثيرين ممن ينتظرون المولد لسد حاجاتهم وتفريج كربهم والوقوف على اعتاب السيدة زينب «ام العواجز وشافية القلوب والكروب» كما يعتقدون فيها.

خلفيات إدارية

على صعيد آخر تفجر جدل سياسي حول قرار الإلغاء حيث اعتبر ممثلو طرق دينية وجود خلفيات ادارية معينة خلفه.

وقال الأمين العام للطريقة الهاشمية الشاذلية الشيخ الطاهر الهاشمي «إن قرار إلغاء المولد حلقة في سلسلة بدأتها الدولة مع الصوفيين منذ اعتقال الشيخ مصطفى الصافي شيخ الطريقة الهاشمية، وإلغاء مولد المرسي أبوالعباس في الإسكندرية، واصفاً قرار إلغاء موالد وأولياء الله الصالحين، خصوصاً مولد السيدة زينب، بأنه تهريج واستفزاز للمشاعر لأتباع الطرق الصوفية في مصر الذين يقدر عددهم بنحو 15 مليوناً».

كما حذر رئيس اللجنة الخماسية لإدارة المجلس الأعلى للطرق الصوفية، شيخ الطريقة الشهاوية الشيخ محمد الشهاوي، من خطورة تحجيم الصوفية معتبرًا «إبعادهم عن ممارسة طقوسهم تهديداً للأمن القومي».

من جانبه، قال المسؤول بموقع مجلة «التوحيد» الناطقة باسم «جماعة أنصار السنة المحمدية» محمود السيد، إن اتهام السلفية في مصر بأنها المسؤولة عن قرار إلغاء المولد غير صحيح، وإن أصحاب هذا الكلام يتخذونه شماعة ليبرروا لمريديهم سبب الإلغاء، ليكسبوا مزيداً من تعاطفهم ودعمهم المادي.

الأكثر مشاركة