إيران على مفترق طرق بعد الأحداث الأخيرة

الانتخابات الأخيرة وضعت قدرة نجاد على الحكم تحت المجهر. أ.ف.ب

خلال الأسابيع التي تلت الانتخابات الإيرانية، بدت حكومة ايران منقسمة علناً على نفسها، وفاقدة للشرعية، وأكثر ضعفاً من اي وقت مضى. وتتماثل هذه الحال مع ما كان عليه الوضع السياسي إبان الثورة الإسلامية عام 1979 التي انهت حكم الشاه.

وتتمتع الحكومة الإيرانية تاريخياً بثلاثة مصارد للشرعية وهي: قدرتها على ادارة قضايا الدولة، وسلطتها الدينية الرسمية، والتزامها باستقلال ايران، وقدرتها على تأمين قاعدة مستقرة للضمان الاجتماعي. ومن الواضح أن كل ذلك غير متوافر الآن. وأدت الانتخابات غير النزيهة التي اجريت في 12 يونيو الماضي الى وضع قدرة محمود احمدي نجاد على حكم الدولة تحت المجهر والمراقبة الوثيقة، كما أن الانتفاضة التي جرت إثر انتهاء الانتخابات عرت الحكومة من شرعيتها السياسية.

وبعد فترة قصيرة من نهاية الانتخابات، هدد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية اية الله خامنئي، في خطبة الجمعة، بأنه سيفرض قيوداً مشددة على المحتجين إذا لم يتم قبول نتائج الانتخابات الرسمية، وأدى ذلك الى ازالة الأثر الأخير لشرعية النظام الديني أيضا، وكانت هذه الشرعية قد بدأت تضمحل ضمن النظام والتقاليد الإسلامية، وعارض عدد من رجال الدين ولاية الفقيه، كما أن الدستور ينص على أن سلطة القائد الأعلى والرئيس والبرلمان تستمد من تصويت الشعب.

وبمعزل عن ذلك، خسر النظام قاعدة أساسية للسلطة لطالما ساهمت في قيام الاستبداد والطغيان في ايران تاريخياً، وهي الحكم الاقتصادي للأسواق الشعبية وكبار ملاك الأراضي. ولذلك لجأت إلى أداة اخرى للاستبداد في ايران، متمثلة في التهديد بتدخل قوى اجنبية لتسويغ التعامل بصورة سرية، والأزمات المكشوفة مع الدول الاخرى وخصوصاً الولايات المتحدة. وكانت إدارة (الرئيس الأميركي السابق) جورج بوش قد ساعدت النظام الإيراني، ولكن إدارة الرئيس باراك أوباما التي لا تنتهج المواجهة فقد سببت الإحراج لحكومة طهران.

وأخيراً، فإن القاعدة الأولى والأخيرة للدعـم، وهـي رجال الديـن، قد تم اسـتبدال بها قاعدة عسكرية ممولة من قبل المافيا. ويحتل الآن حراس الثورة معظم المناصب الحكومية، ويعتقد أن مهمة رجال الدين لم تعد ادارة الدولة، وإنما اضفاء الشرعية على من يحكم.

وفي حقيقة الأمر فإن حركة الاحتجاج الحالية تختلف عما كانت عليه الحال في ثورة عام .1979 وعلى الرغم من ان هذه الثورة الأخيرة جاءت من خارج النظام فإن حركة الاحتجاج الحالية جاءت من ضمن النظام ذاته، عندما تم التلاعب بالانتخابات ضد المرشح مير حسين موسوي.

والسؤال المطروح: إلى أين سيؤدي كل ذلك؟، ربما يعتمد المستقبل على نتائج ازمات سياسية صنعها اية الله خامنئي نفسه. ولا يمكن ان يعترف احمدي نجاد او خامنئي بأن لهما يداً في تزوير الانتخابات لأن ذلك يمكن ان يجردهما مما تبقى لهما من شرعية.

ويتعرض الرئيس السابق علي أكبر رفسنجاني إلى انتقادات شديدة من انصار خامنئي في حين أن موسوي ومهدي كروبي وهو مرشح آخر للانتخابات يدركان أنهما لا يستطيعان الخضوع لمطالب خامنئي لأن ذلك سيفقدهما دعمهما الشعبي.

وثمة نتائج محتملة عديدة. ولطالما لجأ النظام تاريخياً إلى أسلوب السيطرة عن طريق تقسيم النخبة الإيرانية إلى جماعتين متنافستين، ومن ثم التخلص من إحداهما. ولكن الآن بات الأمر أكثر خطورة نظراً إلى أن النظام بات مرفوضاً من داخله، فهناك العديد من قواعد النظام يعارضون احمدي نجاد كما أن الأزمة الاقتصادية حرمت النظام من أية موارد وزادت من سخط الشعب، الأمر الذي جعل الإيرانيين يعتقدون أنهم قادرون على تحديد نتيجة نضالهم.

وإذا توقف الإيرانيون عن المقاومة سيزداد الأمر صعوبة في ايران، واذا استمروا في ذلك فإن انتفاضتهم ستتحول إلى ثورة شاملة. وهذا ما سيجعل المؤسسة الديمقراطية احتمالاً حقيقياً.

❊ أبوالحسن بني صدر اول رئيس إيراني بعد ثورة عام 1979

تويتر