مندوبنا في البيت الأبيض

واحدة من أجمل اللفتات التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما - هي بحثه عن شخص يشاركه يوم ميلاده، ووقوع اختياره على الصحافية الأميركية العربية هيلين توماس ليحتفيا سوياً بعيد ميلادهما.

هيلين توماس - عميدة الصحافيين في البيت الأبيض والبالغة من العمر 98 عاماً- هي مقاتلة حقيقية بكل معنى الكلمة، وخطورتها أنها بكل ما تحمل من راديكالية ودفاع أسطوري عن الحقيقة- رابضة في حنك السبع كما نقول بالعربية- في مقر الرئاسة الأميركية، حيث يصاغ تاريخ العالم.

عاصرت هيلين - والتي أطلق عليها البعض اسم حارسة الديمقراطية- حقبة الرئيس جون كينيدي، ومن وقتها منحها زملاؤها حق اختتام المؤتمرات الصحافية الرئاسية بعبارة «شكراً- سيدي الرئيس» إشارة إلى أن الصحافيين هم الذين يستضيفون ويستجوبون سادة البيت الأبيض وليس العكس، ثم رافقت جيرالد فورد وجيمي كارتر ورونالد ريغان وبل كلينتون والبوشين: الأب والابن.

تكتسب خطوة احتفاء أوباما بهيلين أهميتها بوصفها رداً على المعاملة الرديئة التي تلقتها من الرئيس الأميركي الأخير بعد معارضتها لمعظم سياساته، خصوصاً الحرب على العراق ووصفها له بأنه «أسوأ رئيس لأميركا» ولنائبه تشيني بـ«الكذاب الأكبر»، كما انتقدت بضراوة ما يحدث في فلسطين ووصفت الحرب على لبنان بالعقاب الجماعي، الأمر الذي رد عليه بمنعها من دخول البيت الأبيض.

بمجيء أوباما - الأميركي الإفريقي القادم من عالم حركة الحقوق المدنية - تغيرت الصورة وبدأ الديمقراطي الأميركي يرسل لها اشارات الود والاحترام، لكن المقاتلة العجوز لم تعفه مع هذا - وإن كان بمداخل بها لطف - من نهجها الصدامي -فسألته في أول لقاء - لماذا لا تشيرون أنتم الرؤساء الأميركيون حين تتحدثون عن نووي الشرق الأوسط الى الدولة الوحيدة التي تمتلكه (اسرائيل)؟.

باختيار أوباما الاحتفاء بهيلين، اشارة راقية لتوجهاته - والاعتراف بمسيرة الناطقة الرسمية بأحلام من لا صوت لهم في بيت العمدة الأميركي. وقد يعرف الرجل أو لا يعرف - كم اقترب باحتفال ميلادهما المشترك من طبقات وقطاعات ما كان يمكن لرئيس أميركي مهما فعل أن يلامس شغاف قلوبها.

alayak2005@yahoo.com

تويتر