الخوف يسيطر على الناجين من مذبحة أكوبو في السودان
قبيل الفجر بقليل، قام رجال مسلحون بمحاصرة معسكر بالقرب من بلدة أكوبو في ولاية جونقلي وفتحوا النار على عشرات النساء والأطفال في مذبحة راح ضحيتها، طبقاً للسلطات السودانية 185 شخصاً في الثاني من أغسطس الجاري.
وتروي الصبية ناماش دوك (12 عاماً) وهي من القلائل الذين نجوا من المذبحة «أصابوني في ساقي فيما كنت أعدو باتجاه البحيرة».
وكان القرويون من قبيلة النوير غادروا المنطقة هرباً من الاشتباكات مع قبيلة موريلي المنافسة في ابريل الماضي، لكنهم اضطروا الى العودة اليها بحثاً عن الغذاء.
وكانت وحدة من قوات جنوب السودان ارسلت لحماية المعسكر ولكن 11 من افرادها قتلوا وأصيب العديدون منهم.
وتقول نياكونغ غاتوش وهي سيدة حامل في الـ20 من عمرها اصيبت كذلك في هذا الهجوم «كنا نعتقد أن الجنود قادرون على حمايتنا لكنهم قتلوهم».
وتتابع «ماذا كان بوسعنا ان نفعل؟ عدنا الى المنطقة لأن المساعدات الغذائية التي تمنحنا اياها الأمم المتحدة لا تكفي الاسرة كلها».
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اعمال العنف هذه بأنها «مروعة».
وحذر برنامج الغذاء العالمي من ان تصاعد العنف يمكن ان يعرقل توزيع المساعدات.
ويؤكد مدير الشرطة في اكوبو غوي جويول أنها «كانت مذبحة. فجثث النساء والاطفال كانت تطفو فوق مياه النهر بعد ان تم قتلهم من على مسافات قريبة»، مشيراً الى ان «العنف القبلي اتخذ بعداً جديداً».
وتقع عادة صدامات قبلية في جنوب السودان بسبب النزاع على الماشية والمراعي والمياه والاراضي. ولكن سلسلة الهجمات والهجمات المضادة التي وقعت اخيراً باتت تهدد بنشوب حرب اهلية داخل الجنوب بين أبنائه.
وقتل اكثر من 1000 شخص واضطر آلاف عدة للفرار بعد اعمال العنف التي وقعت خلال الشهور الأخيرة، بل إن مسؤولين في الأمم المتحدة اكدوا أن نسبة الوفيات نتيجة اعمال العنف فيجنوب السودان باتت الآن اكبر مما هي في اقليم دارفور الواقع غرب السودان، والذي يشهد حرباً اهلية منذ عام .2003
ويقول شوت روم الذي ينتمي الى قبيلة النوير والمصاب في فخذه إن «قبيلة موريلي خطفت كذلك أبناءنا ولا نعرف ان كنا سنتمكن من رؤيتهم مرة اخرى ام لا ونتوقع مزيداً من الهجمات مستقبلاً».
وبعد سنوات طويلة من الحرب الاهلية، تتوافر الاسلحة بكثرة في المنطقة.
ويلقي بعض الأهالي اللوم على حكومة الجنوب التي تقوم بجهود لنزع السلاح، ولكنها تركت المجموعات التي قبلت بتسليم سلاحها تحت رحمة تلك التي رفضت الامتثال للأمر.
ويتهم آخرون حكومة الشمال بالمسؤولية عما يحدث، ويؤكدون أنها تدعم الميليشيات من أجل زعزعة الاستقرار في هذه المنطقة الغنية بالنفط قبل استفتاء 2011 الذي يفترض ان يقرر خلاله الجنوبيون ما اذا كانوا يفضلون الانفصال والاستقلال ام البقاء ضمن السودان الموحـد.
وتجد الأمم المتحدة صعوبة في نقل المساعدات الى اكوبو بسبب الأمطار التي ادت الى عزل المنطقة، اذ اصبحت الطائرات الوسيلة الوحيدة لايصال المؤن الغذائية الى 19 الف نازح في المنطقة، ولكنها وسيلة تكلفتها مرتفعة للغاية.
ويقول بيتر توت الذي يبيع الفحم في سوق تندر فيها السلع الغذائية «إننا معزولون عن العالم كما لو كنا في جزيرة، والأعداء يحيطون بنا من كل جانب».