مخاوف أميركية من «ثروة» كرزاي وعائلته
عندما طلب من وزراء الحكومة الأفغانية الإعلان عن ثرواتهم، قال الرئيس الأفغاني حامد كرزاي إنه يملك 10 آلاف دولار، إضافة إلى بعض المجوهرات.
وأثار اعلان الرئيس موجات من السخرية لدى الغربيين المقيمين في كابول. وكانت السخرية مبطنة بمخاوف في الوسط الدبلوماسي من أن كرزاي حوّل البلد إلى مشروع عائلي، اذ إن قلة من الأفراد مسموح لهم بأن يصبحوا أثرياء إلى الحد الذي ينفر العامة منهم ويساعد حركة طالبان على حشد التعاطف.
ومع استعداد البلد، لأول انتخابات رئاسية يقترع فيها الأفغان في العشرين من الشهر الجاري، باتت الاسئلة المتعلقة بكرزاي وعائلته تتسم بأهمية كبيرة.
وتقدر ثروة عائلة كرزاي بملايين عدة من الدولارات، والتي بدأ بجمع معظمها منذ أن أصبح الرجل في منصب الرئيس عام 2001 إثر الإطاحة بحركة طالبان. وفي العام ذاته عاد أشقاؤه من الولايات المتحدة التي هربت إليها أمه مع خمسة من اشقائه في عام 1979 بعد الغزو السوفييتي. وبات الان محمود كرزاي، وهو ثاني اكبر أشقاء الرئيس البالغ عددهم ستة، الأكثر ثراء في افغانستان، نتيجة اهتمامه الجديد بالمناجم ومصانع الإسمنت والبناء وحصوله على اتفاق حصري من شركة تويوتا لتوريد السيارات. وكان هذا الرجل حتى عام 2001 شريكاً في سلسلة من المطاعم المتواضعة التي كانت تملكها العائلة في سان فرانسيسكو وبوسطن.
وفي عام 2007 تمكن محمود كرزاي من شراء حقوق إدارة معمل الإسمنت الوحيد في افغانستان في مزاد أجرته وزارة المناجم. وقال محمود إن لديه 34 شريكاً وإن الصفقة تمت بصورة شفافة. وكان هذا الرجل الحليق الذقن الذي يتنقل بين منزليه في ميرلاند وكابول بسهولة، استفاد من خمسة ملايين دولار على الأقل من شركة استثمار ما وراء البحار. وهو يدير غرفة التجارة الأفغانية التي تعتبر أعظم بوابة إلى الاستثمارات الأجنبية، مع شريكه شير خان فرنود مدير مصرف كابول.
وقال السفير الاميركي السابق في افغانستان زلماي خليل زاد إن رجال الأعمال كانوا يأتون إليه شاكين من أن محمود يريد مشاركتهم في كل أعمالهم.
وكان عضو مستقل في البرلمان الأفغاني هو سلطانزيو يقول «عندما يتمكن شخص من أقرباء الرئيس من جمع ثروة كبيرة خلال وقت قصير يمكنكم أن تعرفوا السبب».
ويواجه شقيق الرئيس الأصغر وهو أحمد والي كرزاي (48 عاما)، تهماً من الدبلوماسيين الغربيين بأنه القوة الاساسية وراء تجارة المخدرات التي قدرتها الأمم المتحدة بنحو 3.4 مليارات دولار في العام الماضي. وقام بإنشاء أعمال في مجال البناء والنقل والأمن الخاص في قندهار المدينة الثانية في البلاد.
وأدى عجز الرئيس كرزاي عن وضع حد لنشاطات أخيه الصغير إلى إثارة الإحباط لدى الغربيين والمسؤولين الأفغان. وانتخب والي رئيساً للمجلس البلدي في قندهار. واتهم بتقديم خدمات الأمن والنقل لتجار المخدرات الذين يتنقلون بين ايران وتركيا واوروبا. واعترف مسؤول غربي بأنه ليس هناك برهان موثق على تورط كرزاي في تجارة المخدرات، إلا أن المخابرات الأميركية متأكدة من انه ثمة علاقة بين تجارة المخدرات وأحمد والي كرزاي، الذي يملك أيضا شركات نقل، ويقال إنه اشترى مساحات كبيرة من الأرض حول قندهار. ويعيش في منزل فاخر شبيه بالمنازل التي انتشرت في ضواحي قندهار وكابول، والتي يقال إنها بنيت من أموال المخدرات. وأشار أحد المحققين الأميركيين إلى أن منزل أحمد والي «يبدو وكأنه أحد قصور فلوريدا، إلا أنه مبني في ضواحي قندهار بالقرب من قاعدة للجيش الكندي».
وتعتبر هذه المنازل الفاخرة رمزا لعدم المساواة في أفغانستان، فقد وصلت الثروة إلى قلة من المتنفذين في أفغانستان، في حين أن ظروف البلد لاتزال مزرية لغالبية الأفغان الذين يعانون من الحرب.
وتتصاعد المخاوف في واشنطن من أن الرئيس كرزاي نفسه يجمع ثروة شخصية عن طريق استغلال اشقائه وشبكة من ابناء اشقائه واصدقائه. وقد اعترف مصدر مقرب من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأن كرزاي اكثر فساداً مما يبدو عليه. غير أن وحيد عمر المتحدث باسم الرئيس كرزاي، قال لصحيفة ديلي تلغراف البريطانية إن المزاعم التي مفادها أن الرئيس أو أحداً من عائلته متورط في الفساد ليس لها أساس من الصحة.
وأدت 30 عاماً من الحرب إلى تدمير أفغانستان بصورة شاملة. وضخت الدول المانحة نحو 20 مليار جنيه استرليني لاعادة بناء البلد، لكن ذلك لم يفضِ إلى شيء. وقال أحد الخبراء الأفغان عن كرزاي «إنه يحكم على طريقة القرون الوسطى، فقد باع الكثير من مناجم وأراضي الدولة، كما أنه يوظف الأشرار لحكم البلاد». وفي العام الماضي صنفت منظمة الشفافية العالمية أفغانستان باعتبارها خامس دولة في العالم من حيث الفساد بعد أن كانت في المرتبة التاسعة في العام الماضي.
ودعا داوود سلطانزيو وهو عضو مستقل في البرلمان الأفغاني إلى إجراء تحقيق في ثروات كرزاي وعائلته. وقال عضو في الكونغرس الأميركي إن الأفغان يفقدون ثقتهم في حكومتهم بسبب مستوى الفساد الذي وصلت اليه.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أمر هذا العام بإرسال 17 الف جندي إضافي إلى أفغانستان، لكن قوات التحالف الدولي تدرك أن القوة العسكرية وحدها لن تقضي على مسلحي حركة طالبان، ولذلك دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند إلى التفاوض مع الأطراف المعتدلة في الحركة.