سخط الأقليات يغير المشهد السياسي في ماليزيا
ساعد السخط السياسي لمجتمعات الاقليات في ماليزيا خلال العقود الأربعة الماضية على تغيير نتائج الانتخابات العامة في عام ،2008 التي شهدت حصول المعارضة على السلطة في خمس ولايات من الدولة، وتصاعد التوتر الموجود أصلا خلال الاسابيع الماضية نتيجة عدد من القضايا بما فيها الموت الغامض لمساعد زعيم حزب «التحرك الديمقراطي» المعارض تيوه ينغ هوك في 16 يوليو الماضي، الذي تم العثور على جثته على سطح مبنى بالقرب من مقر لجنة مكافحة الفساد في ماليزيا.
وكان قد ذهب الى هناك كي يخضع لتحقيق بشأن مزاعم تتعلق بفساد رئيسه في العمل، ولم يره احد وهو يقفز الى سطح المبنى، لكن السلطات تقول ان موته ربما جاء انتحارا. ويأتي هذا الحادث ضمن حوادث قتل غامضة عدة على يد رجال الامن في ماليزيا خلال السنوات الاخيرة، ولكن نظرا الى ان القتيل من العرقية الصينية، لا يمكن تجنب الموضوع العرقي في القضية. وإضافة الى ذلك، يعتقد أن لجنة مكافحة الفساد تحقق مع عدد غير محدد من اعضاء حزب «التحرك الديمقراطي» في البرلمان بشأن تهم فساد، الامر الذي يؤدي الى مزاعم مفادها ان ائتلاف «باريسان» الوطني الحاكم يستخدم وكالات الأمن لأغراض سياسية. وترى شخصيات الائتلاف أن لجنة مكافحة الفساد تراقب رجالها ايضا.
وفي الوقت ذاته، فإن ائتلاف «باكاتان راكيات» الذي حقق انتصارات مذهلة ضد الائتلاف الحاكم عام ،2008 بدأ يضعف بسبب النزاعات بين حزب «ماليزيا الاسلامي» المتشدد، وحزب «التحرك الديمقراطي» الذي تسوده العرقية الصينية، حول عدد من القضايا بما فيها محاولة حزب «التحرك الديمقراطي» منع حزب «ماليزيا الاسلامي» من القيام بغارات على متاجر الجعة، إضافة الى تدمير المسالخ التي تذبح الخنازير في شمال ولاية كداه، وبلغ التوتر بين الطرفين حدا كبيرا لدرجة ان زعيم حزب «التحرك الديمقراطي» ليم كيت سيانغ، اصدر بيانا يحذر فيه من ان التحالف مع الحزب الاسلامي يمكن ان يتقوض الا اذا توقف عن هذه المسلكية. ويعيش في ماليزيا مزيج متوتر من الاعراق منذ عام ،1969 عندما قتل المئات من الاشخاص خلال معارك بين الملاوي الذين يشكلون اكثر من نصف السكان، والصينيين الذين يشكلون 25٪. وظل الصينيون يسيطرون على معظم ثروات البلد رغم فرض برنامج عرقي عام 1971 يدعى «السياسة الاقتصادية الجديدة». ودعا زعيم المعارضة انور ابراهيم الى انهاء البرنامج. وقال انه ادى الى اثراء عدد قليل من قادة الملاوي. وذكر احد المحللين السياسيين في كوالالمبور «مع تزايد المشكلات الحالية يتصاعد التوتر العرقي، وتبخر الامل في أن وجود معارضة من اعراق متعددة يمكن ان يخفف من التوتر العرقي، بل حدث العكس اذ يشعر بعض الاعراق بأنها مهمشة».
ويحاول رئيس الحكومة نجيب تون رزاق الذي جاء الى السلطة في مارس الماضي، أن يحشد ما وصفه أحد السياسيين بأنه «نموذج سنغافورة» اي التحرير الاقتصادي المرفق مع الشمولية السياسية، وكانت مسيرات المعارضة تعتبر غير شرعية اعتمادا على اساس قانوني. وآخر ما قامت به الحكومة ان وزير الاعلام والاتصالات والثقافة ريس يتيم، أعلن أن حكومته ستستخدم «فلترا» على شبكة الانترنت بهدف منع الدخول الى المواقع غير المرغوب بها خصوصا الاباحية.
وكانت الحكومة الصينية نفسها قد امتنعت عن هذه السياسة رضوخا للانتقادات الدولية.
وبدت تكتيكات نجيب بأنها ناجحة في البداية، وعندما جاء الى السلطة كان اقل شعبية من خلفه عبدالله أحمد بدوي، نظرا للفضائح التي كانت تطارده بدءا من الرشى عندما كان وزيراً للدفاع، انتهاء باتهامه بقتل فتاة منغولية كانت صديقة له، لكن سياسته الاقتصادية كانت ناجحة ما جعله يحوز رضا الماليزيين. بيد ان الغضب الشعبي بشأن مقتل هوك اثر في سمعة نجيب خصوصا بعد استخدام المدافع المائية والهراوات لتفريق المتظاهرين الذين خرجوا احتجاجا على استمرار الحكومة استخدام قانون أمن داخليا يرجع الى زمن الاستعمار، والذي يسمح بالاعتقال دون محاكمة، وبلغ تعداد المتظاهرين نحو 20 الف شخص تم اعتقال 600 منهم وسط الغاز المسيل للدموع وقمع رجال الشرطة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news