اليمين الإسرائيلي يهـوّد أرض فلسطـيـن بـ الخصخصة

أحمد الطيبي.

أكد النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي رئيس قائمة الموحدة والعربية للتغيير، أحمد الطيبي «تعالي وتيرة العنصرية في إسرائيل ضد فلسطينيي الـ48 في الآونة الأخيرة»، وأوضح الطيبي خلال حوار مع «الإمارات اليوم» عبر الهاتف، أن الحكومة الإسرائيلية أصدرت، أخيراً، قانوناً يقضي بخصخصة أراضي الفلسطينيين المحتلة، ونقل ملكيتها إلى الصندوق الدائم لإسرائيل «الكيرن كييمت» حتى يصعب على الفلسطينيين استئجارها أو تملكها أو استعادتها ، كما أشار الى تحريض اليمين الإسرائيلي ضد الرئيس الأميركي باراك أوباما بسبب موقفه من الاستيطان. وتالياً تفاصيل الحوار:

--لخّص لنا أوجه المعاناة التي يتعرض لها فلسطينيو الـ48 في الفترة الحالية من ممارسات الاحتلال؟

في الآونة الأخيرة تعالت وتيرة العنصرية في إسرائيل، وزادت الحملة ضد فلسطينيي الـ48 بشكل شخصي وجماعي، وتم سن عدد من القوانين العنصرية المعادية للعرب في الأراضي المحتلة، وكان آخرها قانون خصخصة الأراضي المحتلة الذي بادر إليه بنيامين نتنياهو. والأجواء في الشارع الإسرائيلي مشبعة بالكراهية ضد العرب، ولذلك فإن ظواهر الكراهية والعنصرية تمر بسلاسة وتفهم من الإجماع العام للإسرائيليين، وهم يدأبون على التهديد والعنصرية تجاه المواطنين العرب، ويشنون حملة على هويتنا وحقوقنا المدنية من جهة وهويتنا وحقوقنا القومية والسياسية من جهة أخرى. إلى جانب استمرار الحكومة في الزحف الاستيطان وتكريس الاحتلال، خصوصاً في القدس الشرقية دون أن تلتفت إلى المطالب الدولية لوقف الاستيطان.

--ماذا بخصوص قانون خصخصة الأراضي الأخير الذي صادق عليه «الكنيست» أخيراً؟

هذا القانون اسمه «الإصلاح في دائرة أراضي إسرائيل»، وطرحه بنيامين نتنياهو على الكنيست من أجل المصادقة عليه ويقضي بخصخصة ما يسمى أراضي الدولة التابعة لدائرة أراضي إسرائيل وبيعها لأطراف خاصة، والحديث يدور عن تخصيص نحو 800 ألف دونم.

نحن النواب العرب اعترضنا عليه وأدرنا معركة، ومن جهة اعترض عليه عدد من الأحزاب الإسرائيلية في «الكنيست»، حسب وجهات نظرهم، ففي المحاولة الأولى فشل نتنياهو في تمريره، ولكن بعد أسبوع وبعدما ضغط على وزرائه ونوابه وهددهم خضعوا وتم التصويت على القانون في القراءة الثانية والثالثة وتم تمريره، وقد دعم حزب العمل هذا القانون، بينما عارضه حزب كاديما.

--لماذا عارض حزب «كاديما» القانون؟

حزب «كاديما» في المعارضة ضد الحكومة، وصوت ضد القانون لأسباب صهيونية. فـ«كاديما» والمتدينون يقولون، إن هذه الأراضي يهودية، ويمنع بيعها وفق الدين اليهودي، ويسمح بتأجيرها تأجيراً طويل المدى، بينما نحن العرب في «الكنيست» عارضناه لأسباب عربية، لأنه يبيع ما يسمى «أراضي الدولة»، وأغلبيتها مصادرة من أصحابها الفلسطينيين إلى رجال أعمال يهود، فنقول إذا كان لابد من خصخصتها فلماذا لا تعاد إلى أصحابها الأصليين وهم الفلسطينيون، فقسم منهم مازال موجوداً في الأراضي المحتلة، والقسم الآخر ورثتهم موجودون أيضاً.

--ماذا عن محاولتك تعديل القانون بعدما فشلت معارضته؟

أنا شخصياً حاولت أن أدخل تعديلات على القانون لكنها رفضت، فالقرار ينص على كلمة «تنافس» وأنا طالبت بتعديلها إلى كلمة «مساواة» وتم رفضه بالإجماع، رفضه الائتلاف الحكومي في الكنيست ، وصوت ضده 70 عضواً، فمبدأ المساواة عندهم مرفوض.

--ما تأثير هذا القانون في مستقبل وجود فلسطينيي الـ48؟

نحن موجودون في أرضنا وصامدون، ولم ترهبنا كل القوانين السابقة، ولن تدفعنا للتخلي عن حقوقنا، ولكن هذا القانون يصعّب علينا حياتنا ويضيق الخناق علينا، فهذه الأراضي كانت من الممكن أن تكون متنفساً للتوسع الطبيعي أو لإعادة أملاكنا، خصوصاً في الجليل والنقب، فالقانون مرر أكثر من 70 ألف دونم مما يسمى دائرة أراضي إسرائيل إلى الصندوق الدائم لإسرائيل «الكيرن كييمت»، وهذا يزيد من شح الأراضي التي يمكن للعرب أن يستعملوها أو يستعيدوها.

--أعطنا تفاصيل حول «الكيرن كييمت» وحجم الأراضي التي يمتلكها؟

هو ما يطلق عليه الصندوق الدائم لإسرائيل، وهو مؤسسة صهيونية أقيمت عام 1901 ،هدفها السيطرة على الأرض بواسطة أموال يهوديةوبطرق ملتوية، أو بواسطة تحويل أراضٍ مصادرة من قبل الدولة إليها، وتمتلك اليوم نحو 2.5 مليون دونم، ما يقارب 13٪ من مساحة الدولة، ونحو مليوني دونم من أراضيها نقلت إليها من الدولة من أراض كانت تحت سيطرتها.

--لماذا تقوم الحكومة بتحويل الأراضي إلى «الكيرن كييمت»؟

يتم تحويل الأراضي إليها حتى تعطيها السيطرة اليهودية الكاملة على الأراضي، حيث إن المليوني دونم التي تمتلكها ممنوع على العرب استئجارها أو تملكها، لأنها لو كانت تحت سيطرة الدولة لكان للعرب أن يستأجروها أو يتملكوها، لأنه تجري عليهم المواطنة الإسرائيلية.

وتعارض «الكيرن كييمت» معارضة تامة واجب الدولة بالعمل بمساواة بين العرب واليهود، ومن ضمن ذلك المساواة على خلفية القومية في إدارة جميع الأراضي التي في نطاق مسؤوليتها، حيث تسمح بتخصيص هذه الأراضي لأغراض التوطين اليهودي فقط، ويمنع العرب من ذلك بسبب انتمائهم القومي.

--هل سيتم نقل ملكية الأراضي إلى اليهود بمقابل، أم دون مقابل؟

يهدف القانون إلى تمكين الدولة من بيع أو نقل الملكية على الأراضي إلى المستأجرين القدماء الذين يسكنون تلك الأراضي منذ ما يقارب 30 عاماً دون مقابل، أو بمقابل مادي زهيد جداً، بينما سيتم نقل ملكيتها إلى مالكين يهود جدد مقابل مبالغ مالية.

وسيؤدي القانون، في نهاية المطاف، إلى «حملة تصفية» لما تبقى من الممتلكات الفلسطينية في الكثير من المدن في إسرائيل مثل يافا والرملة واللد وبئر السبع وطبرية وبيسان وحيفا وعكا.

--ما مصير البلدات الفلسطينية المهجّرة والمهدّمة في ظل هذا القرار؟

هناك أكثر من 500 بلدة من القرى والمدن الفلسطينية المهجرة مهدمة، وقد احتلها اليهود وأقاموا على قسم منها بلدات زراعية تعاونية «الكيبوتسات والموشافات» وبلدات يهودية كثيرة بنيت على أنقاض هذه البلدات أو بجوارها، فمثلاً قرية البروة التي ولد فيها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش حولت إلى بلدة إسرائيلية وأسموها «أحيهود»، كما استعملوا مساجد تلك البلدات نوادي ليلية مثل ما حدث في بلدة قيسارية، وتم تخريب أكثر من 100 مسجد وكنيسة والمساس بها.

وسيكون بوسع الكيبوتسات والموشافات، والبلدات الأخرى أن يحصلوا على الملكية أو يقتنوا الأراضي التي يستأجرونها من أجل إقامة أحياء سكنية وتطوير مراكز تجارية والتمتع بأراضٍ غالية الثمن في أرجاء الدولة. وهذا يدخل ضمن مشروع إسرائيلي لبيع أملاك الغائبين التي تعود إلى اللاجئين الفلسطينيين المهجرين، فمنذ نحو سنتين أصدرت دائرة أراضي إسرائيل مناقصات كثيرة من أجل بيع أملاك تسيطر عليها «سلطة التطوير» وشركة عميدار (الشركة الوطنية للإسكان في إسرائيل) في مدن مختلفة منها الناصرة وحيفا ويافا واللد وعكا وبيسان.

--ما موقف القوانين الدولية من هذا القانون؟

القانون الدولي والمعاهدات الدولية التي تنص على حماية حقوق الأقليات واضحة، وبعض بنودها يتعلق بأملاك وعقارات الأقليات، فمصادرة إسرائيل أراضي العرب هو إخلال بالبند الدولي، وخصخصتها بدلاً من إعادتها لأصحابها، وهو إخلال بالمواثيق الدولية، وبمبادئ العدل العام، ويعارض القوانين الدولية الإنسانية التي تسري على اللاجئين وأملاكهم.

--إلى أي مرحلة وصل القانون الإسرائيلي بتغيير أسماء البلدات الفلسطينية؟ وكيف واجهتم ذلك؟

أصدر وزير المواصلات الإسرائيلي، إسرائيل كاست، أخيراً، قانوناً بتغيير الأسماء العربية للبلدات الفلسطينية التاريخية إلى العبرية باللافتات، فستتحول المدن الفلسطينية كالآتي: اللد ستصبح «لود»، عكا «عكو»، القدس «أورشاليم»، الناصرة «نتسيرت». وستكتب الأسماء العبرية الجديدة للمدن بالحروف العربية.

هذه محاولة لطمس الهوية الفلسطينية، وتشويه الذاكرة، ولكنهم لن ينجحوا في ذلك، فلا يوجد شعب تمحى هويته من خلال لافتات الشوارع، وستبقى الناصرة والقدس إلى الأبد.

هذا القانون دخل مرحلة التنفيذ، وخلال الأسابيع المقبلة سوف تتغير جميع اللافتات بشكل نهائي. وسنتوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لأنه مساس بمكانة المدن العربية، ومسح للذاكرة، وسنتخذ كل الإجراءات من أجل معارضة هذه الخطوة، على الرغم من انحياز المحكمة إلى الحكومة.

--حدثنا عن هجوم اليمين الإسرائيلي الذي استهدف شخصك، خصوصاً عقب الكلمة التي ألقيتها في مؤتمر حركة «فتح» السادس؟

تم التحريض ضدي لسببين: الأول مجرد مشاركتي في مؤتمر «فتح»، وفحوى خطابي في المؤتمر، فأنا قلت يجب تنظيف فلسطين من المستوطنين والمستوطنات، وإنها عبارة عن ورم سرطاني في الجسد الفلسطيني، فلا يمكن لي أن أقبل بهذا الوجود الاستعماري في فلسطين.

واعتبروا كلامي عنصرية وتحريضاً، وقامت عاصفة غير معقولة ضدي بدأها حزب الليكود وأعضاء «كنيست» من اليمين، ومن ثم طالبت «جمعية مجموعة حقوقيي اليمين» بمحاكمتي وقطع راتبي، وإقالتي من منصبي نائب رئيس كنيست، وآخرها كانت دعوة وزير الخارجية ليبرمان خلال بحثه في موضوع «الغجر» وقال إنني أخطر من حماس والجهاد على إسرائيل.

--أنت نائب رئيس الكنيست، ما صلاحيتك والأدوار التي تقوم بها في ما يتعلق بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين؟

إن صلاحيتي نائب رئيس الكنيست، عدا عن الاشتراك في رئاسة الكنيست وتحديد جدول أعماله كل أسبوع، أقوم بإدارة جلستين في الأسبوع، وقد أرادوا أن يطردوني منه نظراً لمواقفي ضدهم. وهذا المنصب ليس تمثيلياً وإنما برلمانياً، وهو ما يسمح لي بالتأثير في جدول الأعمال بطرح موضوعات تهم العرب وقضايا المساواة ومعارضة العنصرية.

 
موقف أوباما ضد الاستيطان بحاجة إلى تطوير

--بم تفسر مطالبة الكونغرس الأميركي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس؟

هذه محاولة متكررة من اليمين الأميركي بدعم من نظيره الإسرائيلي، وأعتبرها، بالإضافة إلى أنها ضد الفلسطينيين وفي إطار تهويد القدس، تأتي ضمن مناكفة جمهورية للإدارة الأميركية الحالية، وموقف الرئيس باراك أوباما، ولا أتوقع أن تنجح. ولكن هناك محاولات من اليمين الإسرائيلي للتحريض ضد أوباما لموقفه من الاستيطان.

--كيف ترى موقف الرئيس الأميركي أوباما في ما يتعلق بالاستيطان؟

حتى الآن هو يختلف عن موقف الرئيس السابق جورج بوش، وأتمنى أن يبقى حاسماً وألا يتم التوصل إلى معادلة تسمح بنوع معين من الاستيطان، لأن الاستيطان كله غير قانوني، والمطلب بتجميد الاستيطان ليس نهائياً، ولكنه خطوة في إطار تفكيك المستوطنات التي هي المطلب النهائي.
تويتر