المسلحون أنشأوا شبكة دولية لتجنيد الصوماليين. أ.ب - أرشيفية

الغرب يخشى من تحوّل الصومال إلى أفغانستان جديدة

قال شاب وهو يذخر بندقيته «الجهاد أمر مهم، ولا يمكن لأحد أن يفهم الجهاد إلا إذا شارك فيه». وبعدها انضم إليه أحد زملائه وكان وجهه مغطى، وقال «كيف يقبل المرء على نفسه أن يرى المسلمين على شاشات التلفزة وهم يقتلون، يجب على الأوروبيين والأميركيين أن يخرجوا من ديارنا»، وكان الرجلان ينتميان الى منظمة الشباب الإسلامي وهي جماعة تقودها مجموعة من الصوماليين المدربين في افغانستان والموالين لتنظيم القاعدة.

وتحارب هذه الجماعة ضد الحكومة الصومالية المؤقتة والضعيفة، على الرغم من انها مدعومة من العالم الغربي والأمم المتحدة. وتصبو الجماعة الى فرض الشريعة الإسلامية في الصومال. وكات منظمة العفو الدولية أدانت هذه الجماعة لأنها تنفذ عقوبات قاسية في الجناة بما فيها حبس اللصوص من دون محاكمة، من اجل قطع ايديهم وأرجلهم.

والأمر الذي يهم مسؤولي الأمن الغربيين أن هذه الجماعة أنشأت شبكة دولية لتجنيد الصوماليين المقيمين في الدول الغربية، حيث تعمد إلى تجنيد الشبان الصغار وأخذهم الى دول اخرى للقتال من اجل قضيتها.

وفي الأسبوع الماضي أعلنت قوات الأمن الأسترالية أنها كشفت مؤامرة يقوم بها بعض المهاجرين، بمن فيهم ثلاثة صوماليين يحملون الجنسية الأسترالية، لتنفيذ هجمات انتحارية واستخدام الأسلحة الأوتوماتيكية ضد ثكنات الجيش في مدينة سدني.

وقال رئيس قوات الأمن الأسترالية بالوكالة توني نيغوس «كان هؤلاء الرجال ينوون اقتحام ثكنات الجيش ويقتلون أكبر عدد ممكن من الجنود قبل أن يقتلوا.

وفي أميركا تتواصل تحقيقات مكافحة الإرهاب بعد أن غادر أكثر من 20 أميركياً من أصل صومالي بيوتهم في مينابوليس وذهبوا للقتال مع جماعة الشباب. وكانت الموجة الاولى غادرت في عام 2007 والثانية في عام ،2008 لكن تكشف اختفاء هؤلاء بعد أن وصلت الأنباء إلى مينابوليس بأن أحدهم واسمه شيروا احمد فجر نفسه في الصومال في اكتوبر الماضي وقتل نحو 30 شخصاً. وتم اعتقال بعضهم، ووجهت لهم التهم لدى عودتهم إلى الولايات المتحدة.

وفي الشهر الماضي قال الوزير البريطاني لورد مولاك بروان الذي كان وقتها وزير شؤون افريقيا، إن الصومال تشكل خطراً على بريطانيا أكبر من افغانستان. ويمكن مقارنة انعدام الأمن والنظام فيها بأفغانستان إبان حكم حركة طالبان، حيث استغلت القاعدة ذلك الوضع من أجل توجيه ضربات إلى أهداف غربية.

ويخشى بعض الخبراء الغربيين من أن القاعدة التي تعرضت لضغوط شديدة في افغانستان يمكن أن تتوجه إلى الصومال ملاذا مغرياً لها، حيث تستطيع ان تنشِئ معسكرات تدريب للمجاهدين في جميع أنحاء العالم. ومنذ 18 عاماً أي عام سقوط نظام الديكتاتور محمد سياد بري، باتت الصومال بلا حكومة مركزية وتعيش شبه حرب أهلية أدت إلى مقتل 10٪ من السكان وهجرة نحو مليون منهم.

وتأسست حركة الشباب ذراعاً عسكرية لمنظمة المحاكم الإسلامية التي حكمت معظم جنوب الصومال التي رأت فيها الولايات المتحدة حليفاً للقاعدة، فأوعزت لإثيوبيا كي تقضي عليها، لكن بعد خروج إثيوبيا عادت منظمة الشباب للظهور وهي تسيطر الآن على معظم جنوب الصومال وعلى أجزاء من مقديشو. وفي الأسبوع الماضي زارت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إفريقيا، وحذرت من خطر القاعدة والإرهاب في القارة السمراء والتقت الرئيس الصومالي المؤقت شيخ شريف شيخ أحمد، وتعهدت بدعم حكومته ضد جماعة الشباب. ولكن هذه الدبلوماسية لم تخفف من الشعور بالخوف من أعمال الإرهاب.

وترى مصادر في المخابرات البريطانية أن بعض الصوماليين الموجودين على أراضي بريطانيا يذهبون للتدرب في الصومال ويقومون بعمليات إرهابية. ويمكن لهؤلاء أن يعودوا الى بريطانيا ولكن أكثر تعصباً. وأشارت المصادر الى أن صوماليي بريطانيا بدأوا يبتعدون بأنفسهم عن المجتمع، حيث يفضلون الابتعاد عن الآخرين. ويعتقد بعض الخبراء أن السياسة الاميركية التي دعمت إثيوبيا ضد الصومال هي السبب وراء زيادة تشدد الصوماليين الذين رأوا حركة الشباب رداً طبيعياً لتحرير اراضيهم من الاحتلال الإثيوبي. كما يعتقد خبراء في الشأن الصومالي أن الدعم الغربي لإثيوبيا كان سبباً رئيساً لزيادة نفوذ القاعدة التي لم يكن لها وجود يذكر قبل الاحتلال الإثيوبي. وبعد اعتقال تلك المجموعة في استراليا، بات السؤال أكثر إصراراً حول ما ينبغي فعله للتخلص من هذا الخطر الصاعد. ولا يمكن تخيل القيام باحتلال غربي للصومال خصوصاً بعد الحوادث التي وقعت في العراق وأفغانستان.

وأميركا بالذات لايمكن ان تنسى معركة مقديشو 1993 والتي تحولت الى فيلم في هوليوود. ولتجنب مثل هذه الحوادث تعمد الدول الغربية الى دعم الحكومة المؤقتة، على الرغم من أنه لا يوجد أي مؤشر على نجاحها بعد سيطرة منظمة الشباب على أجزاء واسعة من الصومال.



عن «صندي تايمز»

الأكثر مشاركة