أصغر سجين في «غوانتانامو» يتحدث عن أساليب التعذيب
عاد الأفغاني محمد جواد إلى دياره، بعد سبعة أعوام قضاها سجينا في معتقل غوانتانامو السيئ الصيت. وكان جواد قد اقتيد إلى المعتقل في ديسمبر 2002 وهو في الثانية عشرة من عمره في ذلك الوقت بتهمة قذف سيارة تقل جنوداً من القوات الخاصة الأميركية داخل كابول بقنبلة يدوية، متسبباً في جرح ثلاثة منهم، أحدهم مترجم.
وقد تم ترحيله في بداية الأمر إلى قاعدة جوية شمال العاصمة الأفغانية، ومن هناك إلى معتقل غوانتانامو، حيث ظل هناك إلى أن تم إطلاق سراحه قبل أيام قليلة، بعد أن أصدر قاضيا أميركيا حكما يؤكد ان اعترافات جواد قد انتزعت عنه بالقوة.
ويعد جواد من أصغر المعتقلين في هذا المكان الذي يقع على خليج غوانتانامو على الأراضي الكوبية، وهو الآن حر طليق بعد أن تم ترحيله إلى كابول الاثنين الماضي واندمج مع أسرته وأصدقائه.
لكنه بعد قضائه عاماً واحداً في الاحتجاز وستة أعوام في المعتقل يواجه هذا الشاب صعوبة بالغة في التقاط أطراف طفولته الضائعة وبناء مستقبل له في بلد لايزال تمزقه الحرب. ويبتسم للصحافيين قائلا «هذه أسعد أيام حياتي أن أعود إلى أفغانستان بعد كل هذا الوقت»، ويضيف، «لم افعل شيئاً، لقد أخذوني من دون جريرة، وكل ما كنت آمل به هو أن أعود إلى بلادي والتقي والدتي».
وبعد أن التقى بوالدته للمرة الأولى بعد سبع سنوات، رفضت أن تصدق أن الشخص الماثل أمامها هو ابنها، لأنه تغير كثيراً منذ ذلك الوقت، وفقدت الوعي في خضم الهستريا التي أصابتها بقدومه، ولم تتأكد من انه ابنها إلا بعد أن تفحصت جرحاً قديما في مؤخرة رأسه.
لم يكن جواد هو السجين الأفغاني الوحيد الذي يفرج عنه من غوانتانامو، لكنه الأصغر سناً، على الرغم من أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تدعي أن مسح العظام يشير إلى انه في الثامنة عشرة عندما تم إرساله إلى غوانتانامو عام ،2003 ليصبح الآن قضية لدى نشطاء حقوق الإنسان وشخصية محتفى بها في أفغانستان، حيث وعد الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بان يوفر له مسكناً في كابول عندما التقى به الأسبوع الماضي، كما وعد وزير الدفاع، عبدالرحيم ورداك أن يدفع له تكاليف الدراسة في الخارج.
وعندما تم اعتقاله، كان جواد يعيش مع والدته في كابول بعد ان لقي والده مصرعه أثناء قتاله للسوفييت في ثمانينات القرن الماضي. ويقول صديق العائلة، شير خان جلالخيل «بحثنا عنه لتسعة أشهر، ولم نكن نعلم ما إذا كان قد لقي حتفه أو اختطف أو كان من المفقودين، وجن جنون والدته». ويضيف «أخيرا زار احد أعضاء لجنة الصليب الأحمر الدولي منزل جواد ليبرز للعائلة وثائق تؤكد أن ابنها في معتقل غوانتانامو». وتنفسوا الصعداء في البداية عندما علموا بأنه حي يرزق، لكنهم في ما بعد بدأوا يسمعون تقارير عن الحياة هناك.
ومنذ عودته من غوانتانامو بدأ جواد في اتهام معتقليه بتعذيب السجناء وحرمانهم من الطعام والنوم وإهانتهم للإسلام والقرآن الكريم، ووصف كيف أن جلاديه قيدوا يديه وربطوهما خلف ظهره وأجبروه على الانحناء ووضع فمه داخل الاناء لتناول الطعام.
ويقول نشطاء حقوق الإنسان إنه كثيرا ما تعرض للمعاملة السيئة في المعتقل، وانه خلال سبعة أيام تعرّض لأكثر من 152 حادثاً من هذا النوع. ويقول محاميه، ايرك مونتالزو، إنهم كانوا يعاملون موكله كشخص بالغ على الرغم من صغر سنه، وانه عاش في قفص طوال السنوات السبع التي قضاها هناك.
ويشير المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، نافي بلاي، الى انه من المفترض أن يتم تعويض السجناء مثل جواد.
وقد سلم بعض نشطاء حقوق الإنسان بادعاءات (البنتاغون) بأن جواد كان في سن السابعة عشرة أو الثامنة عشرة عندما تم اعتقاله، لكنهم قالوا ان الطريقة التي تم بها اعتقاله ومعاملته قد تستغرق منه سنوات كثيرة ليشفى من الصدمة التي تعرض لها.
من جهة أخرى، يخطط جواد لاستئناف دراسته في أفغانستان أولا ثم فيما وراء البحار ثانياً، ويأمل في أن يصبح طبيباً. وعندما سأله البعض عما إذا كان يرغب في الدراسة في الولايات المتحدة نظر إلى الحضور كأنما يسألهم النصيحة قبل أن يجيب قائلا « لم أقرر بعد في هذا الشأن».
عن «التايمز»