مشرّدو حرب غزة يقضون رمضان في خيام الإيواء

بؤس المخيمات أصبح أول ما يطالعه أطفال فلسطين.                الإمارات اليوم

لا يذكر مشردو الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، أنهم استقبلوا شهر رمضان المبارك كما حاله هذا العام، حيث إنهم يقضونه وهم يسكنون في خيام الإيواء التي أقيمت على أنقاض منازلهم التي دمرتها آلة الحرب قبل سبعة أشهر.

وتقضي أكثر من 5000 عائلة مشردة الشهر الفضيل في الخيام وهم في أسوأ حال، نظراً لانعدام أدنى مقومات الحياة لديهم وعدم قدرتهم على إيجاد بديل لإيوائهم إلى حين إعادة بناء منازلهم، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي الذي يزيد من معاناتهم في ظل أجواء الحر.

«الإمارات اليوم» تجولت بين مناطق تحولت إلى أحياء خيام، فبلدات شمال القطاع من أكثر المناطق التي تشهد وجود الخيام نتيجة هدم آلة الحرب غالبية المنازل فيها، حيث إن عشرات الأفراد يقطنون بكل حوائجهم خيمة واحدة بعدما كانت تقطن منزلاً يتكون من طوابق عدة.

المواطن زايد خضر (45 عاماً) من منطقة القرم شرق بلدة جباليا شمال القطاع، لم يذق فرحة الشهر الفضيل هذا العام، فقد سكن في قلبه حزن كبير على فراق الأحبة الشهداء، وعلى تدمير منزله، حيث تركته الحرب هو وأسرته المكونة من ثمانية أفراد بلا مأوى.

وقال خضر بصوت حزين «بأي حال جئت يا رمضان؟ الأحزان لم تفارق قلوبنا على فراق الأحبة ودمار البيوت. لقد فقدنا كل شي ولم يبق لنا شيء، وتحولت منطقتنا إلى ساحة خيام، وحل علينا وقد فرقتنا الحرب وكل منا أصبح مشرداً بلا مأوى، ولا نستطيع أن نتجمع، فكل منا يقطن خيمة لا يتمكن من مغادرتها، حيث لا يوجد لها باب أو مفتاح ويوجد بها أطفال ونساء طوال الوقت».

وأضاف «حل اليوم الأول لشهر رمضان علينا ولم نكن مستعدين له، ففي قلوبنا حزن كبير، ولم نذق الفرحة، فلم يبق لنا أي شيء، وأنا متعطل عن العمل، وقد أعاد إلى ذاكرتنا الأعوام الماضية عندما كنا نقضيه في منزلنا بين الأهل والأقارب».

وأوضح خضر أن العيش في الخيام صعب جدا في ظل الحر الشديد، وعدم توافر مقومات للحياة فيها، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي بصورة شبه دائمة عن منطقة سكناهم، حيث يضطرون للإفطار والسحور أمام الخيام هرباً من الحرب.

وأشار إلى أن أوقات السحور تحل عليهم في الغالب وهم على ضوء القمر بسبب انقطاع الكهرباء، ويخشون إشعال الشموع حتى لا تتسبب في أي حريق داخل الخيام.

المواطن خضر ، المتعطل عن العمل كحال معظم سكان القطاع المحاصر، لم تحرمه الحرب من منزله الذي كان بمثابة شقاء العمر، بل حرمته مصدر رزقه الذي كان بمثابة الدخل الوحيد بعد أن فقد عمله بسبب إغلاق المعابر، حيث كان له «سوبر ماركت» ملحق بمنزله تحول هو الآخر إلى ركام.

لم تتوقف معاناة خضر إلى هذا الحد فحسب، بل ما يزيد همه أن رمضان هذا العام تزامن مع بدء العام الدراسي الجديد، حيث لا يمتلك ما يؤمن به مستلزمات المدرسة لأبنائه، خصوضاً أن الحرب حطمت كل ما كان يوجد في المنزل.

وحرمت الحرب ابنة المواطن زايد خضر الطفلة شيماء (10 أعوام) من الفرحة في قضاء شهر الصوم داخل منزلها المدمر ومن فانوس رمضان، وقد ملأ الخوف قلبها لقضاء أول أيام الشهر الفضيل في الخيام، وفي العراء.

وبالقرب من خيمة المواطن خضر، كان محمد جنيد (47 عاما) ينقل المياه بجالونات ويسير بها لمسافات طويلة ليوفر احتياجات أسرته التي تسكن في الخيام، حيث قال وأنفاسه تتقطع من التعب، إن «الحرب قطعت أوصالنا وفرقت بين أبناء العائلة الواحدة، فلم أتمكن حتى الآن من زيارة أقاربي المشردين مثلي، ولن أتمكن في رمضان هذا العام من استضافتهم على الإفطار عندي، لأني أسكن في خيمة بالكاد تسعني وعائلتي المكونة من تسعة أفراد».

وأشار إلى أن زوجته تطهو ما يتوافر لهم من طعام على الحطب بعد أن تحطمت كل مستلزمات منزله الذي دمرته آلة الحرب.

أما المواطن خالد عبدربه، من عزبة عبدربه شرق بلدة جباليا، فلن يتمكن هذا العام من أن يجتمع مع بناته الثلاث «سمر وسعاد وأمل» على مائدة الإفطار، أو أن يحضر لهم فانوس رمضان فقد قتل الاحتلال اثنتين منهن خلال الحرب والثالثة أصيبت بإصابة جعلتها طريحة الفراش، إضافة إلى تدمير منزله الذي دفعه للسكن في الخيام.

ويستذكر عبدربه شهر رمضان في الأعوام الماضية قائلاً «كان يحل علينا ونحن مجتمعون في منزل يتوافر فيه كل شيء ويحمينا من حر الصيف وبرد الشتاء، وبناتي كن حولي، ويملأن قلبي فرحاً عندما يلعبن بفانوس رمضان، ويزين مائدتي الإفطار والسحور، أما هذا العام فكل شيء دمر، حتى بناتي فقدتهن». وأضاف «كنا نصلي العصر والكل يجتمع أمام بيتي لنتسامر حتى أذان المغرب، وبعد الإفطار نرجع لنشرب الشاي ونتبادل الضحكات».

وكانت الحرب الإسرائيلية الأخيرة شردت أكثر من 5000 عائلة فلسطينية، معظم أفرادها من أطفال ونساء باتوا بلا مأوى، في حين بلغ مجمل البيوت السكنية التي دمرت بشكل كامل أثناء الحرب، والتي باتت غير صالحة للسكن 20 ألف وحدة سكنية.

تويتر