خلافات بين علماء مصر بسبب قرار تقييد الحج
استقبل قرار الحكومة المصرية منع سفر الحجاج الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً أو تزيد على 65 عاماً بحالة من التحفظ، وبينما مالت أغلبية الدعاة ومشايخ الدين إلى رفض القرار، دعمت أصوات التوجه الحكومي ضمن اشتراطات معينة.
وأكد الرافضون للقرار أن المرض لم ينتشر كوباء، وذكروا أن رأى الفقه مبني على رأى الطب، والأطباء حتى الآن لم يجمعوا على ضرورة إلغاء الحج هذا العام.
ورأى الفريق الآخر أن الحفاظ على النفس من مقاصد الشريعة، وأن الأخذ بالأحوط هو إلغاء الحج هذا العام، حتى لا يكون البيت الحرام مصدراً لانتشار المرض.
وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي “ لا أجد سبباً لمنع الحج والعمرة حتى الآن، وإن هذا الراي مبني على رأى منظمة الصحة العالمية التي أكدت أن المرض لم يصل إلى درجة الخطر حتى الآن، والمسألة تعتمد على فقه الموازنات، وفي حالة انشار المرض كوباء في ما بعد يمكن وقتها أن نتحدث في مسألة الالغاء”.
وانتقد الداعية الدكتور صفوت حجازي قرار الحكومة المصرية بإلغاء الحج هذا العام لأعمار بعينها ووصفها بـ”الآثمة”، لمنعها المسلمين من أداء فريضة من فرائض الإسلام. وقال لـ”الإمارات اليوم” “من الأولى أن تمنع الحكومة السفر من وإلى أميركا مصدر الوباء”، وأضاف “لو أرادت الحكومة المنع، فلتمنع التجمعات سواء السينما أو الكرة أو غيرها”.
وأكد حجازي “أن من منع من الحج فله الأجر كاملا ويعد في حكم من حبس عن أداء الفريضة وينتظر للعام المقبل، لعل الله يزيح المرض ويكرمه بالحج.
ورفض الداعية يوسف البدري قرار الحكومة المصرية، مؤكدا أن الحج فريضة لا تعطل، وقال “ أحصيت 500 وباء انتشرت في تاريخ المسلمين ولم يمنع الحج والعمرة فى أي منها، ولكن للحكومة أهداف أخرى والحديث الذي يقول أن النبي قال: “إذا نزل الطاعون فى بلد فلا تدخلوا إليها، وإذا كان فى بلد وأنتم فيها فلا تخرجوا منها”، فلهذا الحديث معنى خاص لم يمنع عمر من التحرك وقت الطاعون، ولم يمنع أصحاب النبي من أن يودوا فريضة الحج فلا يجب أن نأخذ من الاحتياطات أكثر مما يجب ونعطل ركناً من أركان الإسلام الخمسة “.
في المقابل، قال الأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور عبدالمعطي بيومي إن “قرار المنع ضروري هذا العام للحفاظ على صحة الناس، وهذا يوافق كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذى يقول “إذا انتشر الطاعون في بلد فلا تدخلوا إليه وإذا كان فى بلد أنتم فيه فلا تخرجوا منه”، وبالتالى أرى أن يؤجل الحج هذا العام إلا لأهل مكة، حتى لا تعطل الشعيرة . وهناك مجامع طبية أقرت بهذا، خصوصا أن الوباء وصل إلى المرحلة السادسة “ وطالب بيومي بمنع الحج بصفة عامة من دون التقيد بشرط السن، مشيراً إلى أنه ليس للتحديد ضابط شرعى يستند إليه”.
وأضاف “للممنوع من السفر أجر الحج كاملاً، وإذا كان أدى الفريضة قبل ذلك فليخرج مال الحج في وجوه الخير، وهذا ثوابه أكبر، لأن الحج تزكـية للنفـس، أما الإنفاق فإنـه يتـعدى النفـس ليـفيد الغـير”.
ويتفق معه في الرأي أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر الدكتور عبدالفتاح محمود الذي أشار إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنـيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”.
وأضاف “من نوى الحج ولم يحج فإنه لن يكون مؤدياً لفريضة الحج بمجرد النية، وذلك لأن الحج مناسك وأعمال يؤديها الحاج في مواضع بمكة وما حولها، ومن لم يذهب إلى مواضع النسك فليس مؤدياً لما فرض الله عليه، ولكن هذا الذي نوى أداء الحج يثاب على نيته الطيبة، ولا يأثم إذا مات بعد أن منع من أداء الفريضة، لأنه لم يقصر في الأداء فإنه أعد العدة وأخذ بالأسباب، ولكن منعته أمور خارجة عن إرادته”. وأكد “أنه في ظل انتشار الوباء فلولي الأمر أن يحتاط لرعيته بأن يتخذ من القرارات للحفاظ على الأنفس من الهلاك”.
وصرح رئيس اللجنة الدينية ي مجلس الشعب المصري الدكتور أحمد عمر هاشم “ في حالة تنفيذ قرار وزارة الصحة ومنع الحج هذا العام لأصحاب الأمراض، ولمن جاوز الـ٥٦ عاما، فأي شخص من هؤلاء حكمه حكم من قام بأداء الفريضة، وله الأجر عند الله، وإذا اتيح له العام المقبل فليذهب، فالنبي صلى الله عليه وسلم، يقول “من هم بحسنة ولم يفعلها كتبت له حسنة”، ومن تم منعه من أداء الفريضة يكون في حكم المضطر، لأن من سيقوم بالمنع أولو الأمر وأهل الذكر”.
في الاتجاه نفسه، قالت الداعية الدكتورة آمنة نصير إن “من مقاصد الشريعة المحافظة على النفس البشرية، والحج واجب للمستطيع وانتشار الوباء يقف حائلاً دون أداء تلك الفريضة، خوفًا من إصابة ملايين المسلمين ولخصوصية هذا المكان، وتجمع الملايين فيه من كل الاقطار والأجناس”. وأضافت “المال مال الله، فلو أراد أصحاب العقول ممن منعوا من أداء الفريضة استبدال ثواب الحج بثواب آخر عظيم، فعليهم إنفاق هذا المال في أفعال البر والخير لمريض لا يجد علاجًا أو عاطل لا يجد عملاً أو مساعدة شاب على الزواج حتى يعف نفسه”. وأشارت إلى أن هذه الأعمال تمنح الناس سعادة لا تقل عن سعادة الحج.
ورفض أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر الدكتور عباس شومان “أن ينفق من منع من الحج هذا العام أمواله في وجوه الخير، وفي العام المقبل لا يستطيع توفير النفقة”، معتبرًا أن “الضابط الاستطاعة فإن استطاع أن ينفق في وجوه الخير ومعه، أو يستطيع في العام المقبل أن يوفر نفقة جديدة للحج فليفعل، وإلا فليبق المال حتى العام المقبل”.
إجراءات الوقاية تخفّض عدد الحجاج المصريين بنسبة 40%
أعلن مسؤول مصري، أمس، أن الاجراءات الوقائية التي قررت الحكومة المصرية اتخاذها للوقاية من انفلونزا الحنازير ستؤدي الى خفض عدد الحجاج المصريين هذا العام بنسبة 30 الى 40%.
وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن اللجنة العليا للحج التي يترأسها رئيس الوزراء احمد نظيف قررت عدم احلال حجاج آخرين محل الذين سيتم استبعادهم من قوائم الحج هذا العام وهم كبار السن الذين تجاوزوا ٥٦ عاما والمصابون بأمراض مزمنة. وأوضح المسؤول ان نسبة هؤلاء المستبعدين تراوح بين 30 الى 40% من اجمالي عدد الحجاج المصريين وهو 70 الفا.
وقال المسؤول انه “سيتم الابقاء على اماكن الاقامة التي تم حجزها للحجاج، ومن اجل ضمان وجود اماكن خالية يمكن تخصيصها لعزل المصابين او المشتبه في اصابتهم بانفلونزا الخنازير تحسبا لانتشار الفيروس على نطاق واسع لا تستطيع معه المستشفيات السعودية استيعاب الحالات المصابة”.
وأكدت صحيفة روزاليوسف الحكومية، أمس، ان “إلغاء الحج (للمصريين) هذا العام وارد”. ونقلت عن مصدر حكومي قوله انه “من غير المستبعد صدور قرار في وقت متأخر (قبيل بدء موسم الحج) بإلغاء الحج (للمصريين) هذا العام وهو اقتراح ناقشته اللجنة العليا للحج وقررت إعادة مناقشته”، على ضوء تطورات الوضع خلال الفترة المتبقية حتى بدء موسم الحج في نوفمبر المقبل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news