فيلم رعب: بوش في ولاية رئاسية ثالثة
ديفيد سوانسون ❊
دعنا نتخيل أن الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش حصل على ولاية ثالثة، عن طريق الانتخابات أو السرقة، وحيث الأمر يبدو كأفلام الرعب، فإننا سنكون الآن نعيش، أو قل نموت، في تلك الولاية الثالثة، وسيسيطر الديمقراطيون على الكونغرس، إلا أن بوش لايزال قابعاً في المكتب البيضاوي، ولايزال الرئيس يعيد صياغة القوانين خلال توقيعه البيانات، ولايزال يصنع ويدمر القوانين والأوامر التنفيذية، ولايزال أيضاً ينتهك حرمة تلك القوانين.
تخيلوا أن بوش لايزال يواصل سياسة الترحيل القسري للمتهمين، ويمارس هواية إرسال المعتقلين للدول الأخرى ذات السمعة السيئة في الاستجواب لاعتقالهم وتعذيبهم، وأتخيله الآن يصيغ في سياسته المتعقلة بالاعتقال التحفظي. وأتخيل هذا الرئيس الشرير لايزال يقسم باليمين بأنه لم يعذب، ويصر على أنه يرغب في إغلاق معتقل غوانتنامو، لكنه في الوقت نفسه يؤكد لمرؤوسيه أن لدى رئيس الأركان سلطات تخوله ممارسة التعذيب «إذا أراد ذلك»، كما أنه سيستمر في الاحتفاظ بسجنه في قاعدة باغرام الأفغانية الجوية، حيث يبدو غوانتانامو بالمقارنة معه مجرد معسكر صيفي، وأتأمله يحاول أن يخفي برامجه التجسسية غير الشرعية، بينما يحمي في الوقت نفسه موظفي الحكومة والمؤسسات المنخرطة في هذه البرامج.
وإذا ما أتيحت لبوش ولاية ثالثة، فسنراه الآن يقترح مرة أخرى أكبر موازنة عسكرية في تاريخ العالم، وسنرى بوش يتابع بلا شك الاتفاقية التي وقعها مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن تغادر جميع القوات الأميركية الأراضي العراقية بحلول ،2011 وفي الوقت نفسه، يسرّب جنرالاته أخباراً بأن الولايات المتحدة لا ترغب أبداً في مغادرة العراق، وبالتأكيد سيحتفظ بالمستوى الراهن لقواته في العراق، بينما يرسل في الوقت نفسه آلاف الجنود إلى أفغانستان، ويتحدث عن زيادة جديدة في القوات هناك، ومن المحتمل أيضاً أن يصعّد من حملاته الرامية إلى إطلاق المزيد من الطائرات غير المأهولة، لضرب مواقع بطريقة غير شرعية في منطقة القبائل الباكستانية.
إذا كان بوش لايزال «الشخص الذي يقرر» فسيجند مرتزقة، مثل أفراد شركة «بلاك ووتر» سيئة الصيت، وجهات دعائية مثل «ريندون غروب»، وربما أيضاً زاد من أعداد متعاقدي الأمن الخاصين في أفغانستان.
وإذا حاول الديمقراطيون في الكونغرس إجازة أي عدد من الإصلاحات، مثل تشريع الرعاية الصحية الجديد، على سبيل المثال، فإن بوش في ولايته الثالثة سيعقد اجتماعات سرية في البيت الأبيض في هذا الشأن، في الوقت الذي تسعى فيه شركات التأمين والعقاقير الطبية لابتكار سبل جديدة لتحويل المقترحات لمصلحتها، سيسعى بوش لإخفاء سجل الزوار في البيت الأبيض، لكي لا يعلم الشعب الأميركي الشخصيات التي كان يتحدث معها في هذا الخصوص.
كلنا نعلم أن بوش في أثناء ولايته الثانية حاكم بعض صغار الموظفين المسؤولين عن انتهاكات سجن أبوغريب في العراق، فيما أفلت كبار المسؤولين الذين صاغوا السياسيات التي أدت إلى انتهاكات «أبوغريب»، فإذا ضغط الشعب الأميركي في الأيام الأولى من ولاية بوش الثالثة لجلب هؤلاء المسؤولين عن التعذيب للعدالة، فإن بوش سيجلب للمحاكمة حفنة جديدة من صغار الموظفين، وربما كانوا من صغار التحريين في وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» أو من متعاقدي الوكالة. وسيقرر بوش في استحداثه للتشريعات عدم المساس بأي من كبار المتنفذين، ومن هذا المنطلق، فإن بوش من خلال فعله ذاك كان سيرسخ لدى رؤساء الولايات المتحدة سلطة إسباغ الحصانة على جرائم يقررها الرؤساء بأنفسهم.
❊ كاتب صحافي
عن «كومون دريم»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news