تعداد البوسنة قد يؤجّج خلافاتها العرقية
البوسنة هي البلد الوحيد في أوروبا الذي لا يعرف كم عدد سكانه، وقد تعطلت الخطط التي استهدفت إجراء تعداد عام 2011 بفعل التوترات العرقية نفسها التي أدت إلى اندلاع الحرب في التسعينات.
مر نحو 20 عاما منذ أن أجرت البوسنة آخر تعداد وكان ذلك عام 1991 قبلالصراع الذي قتل فيه عشرات الألوف، وشرد مئات الألوف أيضاً.
وقد تحول التعداد المقبل الي قضية سياسية ساخنة، حيث تتقاتل الجماعات العرقية مجددا لكن هذه المرة حول محتوى الاستبيان.
وضعت الحرب البوسنية 1992-1995 الصرب الذين تدعمهم بلغراد ضد تحالف غير مريح من البوسنيين المسلمين والكروات. في تعداد 1991 كانت نسبة 43.5٪ من مجموع السكان من البوسنيين المسلمين و31.2 من الصرب الارثوذكس و17.4 من الكروات الكاثوليك.
الآن يريد الصرب والكروات تعدادا يشمل أسئلة إجبارية عن الخلفية العرقية والدينية، الامر الذي يعارضه القادة البوسنيون المسلمون بشدة، محذرين من أنه قد يعني تدعيم أثر التطهير العرقي زمن الحرب.
قال المحلل السياسي ستريكو لاتال لوكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ» «السياسيون البوسنيون المسلمون يحاولون منع خسارة النفوذ في الجمهورية الصربية، ويصرون على أنها ستقنن من نتائج التطهير العرقي».
انتهت الحرب في عام 1995 من خلال اتفاق سلام تم برعاية الأمم المتحدة، قسم البوسنة الى جمهورية الصرب والاتحاد الفيدرالي للبوسنيين والكروات في البوسنة والهرسك. وهذه الكيانات شبه مستقلة لكنها ظلت تحت مظلة دولة البوسنة.
ويخصص «اتفاق دايتون للسلام» الذي يخدم أيضاً باعتباره دستوراً في الواقع مناصب وزارية على مستويات الحكم كافة، ومنها الكيانات، ما يعكس التركيب العرقي.
لكن أسس تخصيص المناصب الحكومية كان نتاج تعداد 1991 قبل الحرب وقبل أن تبذل كل الاطراف العرقية المتنافسة قصارى جهدها لإخراج الآخرين من نطاق سيطرتها، حيث كان المسلمون هم النهاية المتلقية.
وإذا ما قام التعداد الجديد على الاستبيان كما يريده الصرب والكروات، فإنه سيحرم المسلمين من عديد من المناصب الحكومية في جمهورية الصرب، ومن ثم سيزيد من تعميق موجات عودة اللاجئين البطيئة بالفعل.
وسيكون التأثير مشابهاً، لكل المجموعات الثلاث، وفي جميع أنحاء البوسنة، لكن المسلمين في الجزء الصربي سيكونون الخاسر الأكبر.
وقال لاتال «إما هذا وإما أن آلية الحكم بأكملها في البوسنة يتعين أن تتغير بسب التغيير الدراماتيكي في التركيبة العرقية في ما يتصل بالعلاقة بما كان عليه الأمر قبل الحرب». لكن إمكانية حدوث اي تغيير كبير في البوسنة تكتنفه الصعوبات والضبابية في ظل التوترات وانعدام الثقة المستمرة.
وقد مرر مجلس الوزراء المشترك للبوسنة الشهر الماضي مشروع قانون التعداد بعد أن تغلب الوزراء الصرب والكروات على زملائهم البوسنيين، ومن المقرر أن يدخل مشروع القانون مجلس النواب في 16 سبتمبر الجاري.