الهجرة غير الشرعية تحرج اليونان
أدى عجز اليونان عن معالجة أزمة الدخول إليها عبر الهجرة غير الشرعية إلى ترك آلاف المهاجرين يعيشون في أكواخ صغيرة، والتجمع في قلب أثينا. ويحاول عشرات آلاف المهاجرين القادمين من إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط العبور بالزوارق إلى جزر اليونان الواقعة في بحر إيجة، حيث ينتهي المطاف بالعديد منهم إلى معسكرات قذرة وبائسة. ودانت جماعات حقوق الإنسان أوضاعهم، ووصفتها بأنها «مثيرة للصدمة».
وعلى الرغم من أن اليونان وجهة سياحية، بشواطئها الرملية الذهبية، وأنها مهد الحضارة الإنسانية، فإن هذه الصورة الجميلة لها تلطخت، بسبب هذه الأزمة التي تزايدت، حيث أصبحت بوابة أوروربا الرئيسة للهجرة غير الشرعية، ويدخلها نحو نصف الذين يصلون إلى الاتحاد الأوروبي. ويحاول العديد منهم جمع رزقه باعة متجولين في المدن اليونانية الكبيرة، قبل التوجه نحو ميناء باتراس، حيث يحاولون من هناك الدخول تهريباً داخل سيارات معدة للشحن في سفن مبحرة نحو إيطاليا. ويتجمع آخرون في مبان مهجورة في وسط أثينا، الأمر الذي يولد مخاوف من حدوث أزمة اجتماعية، في الوقت الذي تترنح فيه اليونان على شفا الكساد الاقتصادي. وقال أحد سكان أثينا، يانس سغوروس، «أصبحت العاصمة اليونانية مكباً للبؤس الإنساني، ولا يمكنها أن تستوعب المزيد من المهاجرين غير الشرعيين».
وعلى الرغم من أن الحكومة طلبت القيام بحملات تفتيش على البلدات الصغيرة، «وتنظيف المباني» من ساكنيها المهاجرين في العاصمة، خلال الصيف الجاري، فإن فشل اليونان في معالجة المشكلة أدى إلى هجمات عنيفة كثيرة ضد المهاجرين من الجماعات اليمينية الكارهة للمهاجرين، وزيادة الدعم للحزب القومي السياسي المتطرف.
وأدى عجز اليونان عن معالجة أزمة تهريب المهاجرين، بسبب صعوبة تشغيل دوريات في البحر حول الجزر العديدة، إلى جعل اليونان الحلقة الأضعف في أوروبا للمهربين، وللذين ينشدون الوصول إلى بريطانيا والدول الأوروبية الغربية الأخرى بصورة غير شرعية.
واضطرت شرطة مكافحة الشغب في شهر مايو الماضي إلى التدخل لفض الاشتباكات بين اليمينيين المتطرفين الذين هاجموا مئات المهاجرين القادمين من شمال افريقيا الذين يعيشون في مبنى محكمة قديمة وسط أثينا.
وفي الأسبوع الماضي، أجلت الشرطة نحو 600 مهاجر من مبنى المحكمة، لكن هؤلاء المهاجرين بدأوا يتجمعون داخل فندق في إحدى الساحات الرئيسة في المدينة، واعترفت الشرطة أن المنطقة باتت ملاذاً لتجار المخدرات، والبغاء و الجريمة.
وفي يوليو الماضي، دمرت الشرطة مخيما للمهاجرين قرب ميناء بتراس، حيث يتجمع مئات المهاجرين، معظمهم من الأفغان، بهدف السفر بحرا إلى إيطاليا. ودانت جماعات حقوق الإنسان تدمير المخيم الذي بني من مخلفات معدنية وخشبية، وكان يحوي مسجدا، ووصفت ما قامت به السلطات بأنه عمل «بربري»، لكن الميناء ظل المخرج الرئيس للمهاجرين الذي يأملون مواصلة رحلتهم باتجاه الغرب، وفشلت جهود السلطات للحؤول دون بقاء اليونان مركز جذب للذين ينشدون الدخول إلى الاتحاد الاوروبي.
وتمثل تركيا الممر الرئيس للمهاجرين، في مكان تتقارب الدولتان كثيراً، حيث يفصلهما ممر مائي، لا يتجاوز عرضه ميلاً وحداً. وتقول اليونان إنها اعتقلت اكثر من 146 ألفا من المهاجرين غير الشرعيين في 2008 ،أي بزيادة بلغت 30٪ عن العام السابق، وزيادة قدرها 54٪ عن 2006 . ولكن، أصبح لديها الآن أعلى معدل لدخول المهاجرين غير الشرعيين في دول الاتحاد الأوروبي، تليها إيطاليا وإسبانيا. ودافعت الحكومة اليونانية عن سجلها، قائلة إنها تعاني الإرباك بسبب العدد الكبير من المهاجرين، حيث باتت عاجزة عن التعامل مع المشكلة. وبالنظر إلى طول السواحل اليونانية التي تصل إلى 16 ألف كيلومتر، تقول السلطات إنه من غير الممكن منع المهاجرين من الوصول إلى الأراضي اليونانية.