فاروق حسني: السفير الأميركي تصرف بقوة لمنعي من الفوز بالمنصب. أ.ف.ب

حسني: «اليونسكو» سُيّست والضغوط الصهيونية رهيبة

قال وزير الثقافة المصري فاروق حسني لدى وصوله إلى مطار القاهرة، أمس، إن فشله في الفوز بمنصب المدير العام لـ«اليونسكو» يؤكد أن هذه المنظمة اصبحت «مسيسة». وأضاف ان «السفير الأميركي كان يتصرف بقوة وبكل ما يمكنه من امكانات لمنعي من الفوز بالمنصب».

وتابع ان «كل الصحف والضغوط الصهيونية كانت ضدي بشكل رهيب». وأوضح أن الرئيس المصري حسني مبارك قال له في اتصال هاتفي بعد فوز المرشحة البلغارية «ارمي ورا ضهرك»، وهو تعبير عامي مصري يقصد به «انس كل ما حدث والتفت الى الأمام». ولكن حسني شدد على ان «المرشحة البلغارية لا شك سيدة محترمة»، وتمنى لها التوفيق.

ورحبت إسرائيل بفوز الدبلوماسية البلغارية إرينا بوكوفا (57 عاما) برئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، على حساب المرشح العربي وزير الثقافة المصري فاروق حسني، وأعرب المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية يجال بالمور أمس، عن قناعة الدولة العبرية بأن فوز بوكوفا سيفضي إلى تعاون مثمر سيزداد نطاقه مع المنظمة الأممية.

تسويات

واعتبر مستشار وزير الثقافة المصري حسام نصار، أن هزيمة فاروق حسني في الانتخابات التي جرت على منصب مدير عام «اليونسكو» تعود إلى تحالف دول كبرى ضد توليه هذا المنصب. وقال إن دولاً كبرى أرادت ألا يتولى فاروق حسني المنصب. ونفى الأخير أن تكون الحملة التي شنت ضده أميركية، واتهم «منظمات يهودية متطرفة ترفض الحوار بين الأديان». وقال مندوب أوروبي في مقر اليونسكو في باريس بعد إعلان نتائج الاقتراع السري للأعضاء الـ58 في المجلس التنفيذي لـ«اليونسكو» «لا توجد مشاعر معادية لمصر، لكن من الواضح أنه وضع بالغ الحساسية». ولم ينف محاولات التأثير والاتفاق على تسويات بين الدول الأوروبية». وكانت الولايات المتحدة ودول أوروبية - باستثناء فرنسا حليف مصر المقرب - متحفظة على ترشيح حسني.

علاقات

وقال وزير الخارجية المصري السابق احمد ماهر إنه يجب ألا تفسر الخسارة على أنها موقف موجه ضد مصر، «بل القضية تتعلق بالمرشح»، وقال «لا أظن أن العلاقات بين مصر والدول مهما كان تصويتها ستتأثر بما حدث». ويرى آخرون أن فشل حسني عكس فرصة ضائعة لتحسين الحوار مع العالم الإسلامي. ويعتقد المحلل المصري ضياء رشوان بأن خسارة حسني فوت فرصة حقيقية لتأكيد الحوار بين الشرق والغرب، وأنه حان الوقت ليرأس «اليونسكو» مسلم، وإن كان شديد العلمانية مثل فاروق حسني.

وقال ناصر حسام الذي قاد حملة حسني الانتخابية «ما نراه مخيب للآمال، ليس كفاءة الفائز، بل حقيقة أن الطريق كان مسدوداً أمام صوت ثقافي مختلف».

صحف

ووصفت الصحافة المصرية الصادرة أمس هزيمة حسني بأنها تأكيد لـ«صراع الحضارات»، وكتبت «المصري اليوم» المستقلة أن «صراع الحضارات حسم معركة اليونسكو»، معتبرة أن «تحالف اللوبي اليهودي مع الولايات المتحدة وأوروبا نجح في إسقاط مرشح الجنوب فاروق حسني، بعد معركة شرسة خاضها الوفد المصري بشرف في مواجهة دول الشمال».

ورأت صحيفة «الأحرار» المعارضة أن حسني «تعرض لحملة شرسة، شنتها ضده صراحة الإدارة الأميركية بتحريض يهودي». وكتبت «الأهرام المسائي» الحكومية أن «حملة فاروق حسني تعرضت لهجوم غير حضاري من مثقفين يهود في فرنسا». وأضافت أن «التربيطات (المناورات) التي قادها السفير الأميركي في (اليونسكو) إلى جانب الإعلام الصهيوني في أوروبا والولايات المتحدة نجحا في إقصاء فاروق حسني عن رئاسة المنظمة الدولية».

واعتبرت صحيفة «روز اليوسف» أن الجولة الحاسمة للانتخابات جرت «في أجواء أقل ما توصف به بأنها حرب حضارية طاحنة، تؤكد أن الغرب يقف ضد الآخرين في اللحظة الحاسمة، على أساس الدين»، وأضافت أن «حسني واجه معركة غير شريفة على الإطلاق، استخدمت فيها ضده كل الأسلحة»، مؤكدة أن «التصويت جرى على حد السكين».

وتراجع وضع فاروق حسني الذي كان الأوفر حظاً للفوز، خلال دورات التصويت المتتالية في الانتخابات التي تقدم إليها تسعة مرشحين. وكانت المرشحة النمساوية بينيتا فيريرو فالدنر أكدت عند انسحابها أن «القيم الأخلاقية لليونسكو ومثالياتها كانت الرهان الحقيقي لهذا الانتخاب»، ودعت بشكل واضح إلى قطع الطريق على المرشح المصري الذي يتولى حقيبة وزارة الثقافة في حكومة بلده منذ أكثر من 20 عاماً.

دورة ساخنة

وعلى الرغم من نتائج الانتخابات، فقد اعتبرها مراقبون من أكثر الدورات سخونة وجدلاً، وقد قوبل ترشح فاروق حسني منذ البداية بالرفض الشديد من منظمات يهودية ومؤسسسات ثقافية إسرائيلية، اتهمته بأنه «معاد للسامية ولإسرائيل»، وبأنه ينتمي إلى «نظام يمارس الرقابة على الإبداع والثقافة والفكر».

وأخذ على حسني أنه صرح في 2008 في مجلس الشعب (البرلمان) المصري أنه «سيحرق بنفسه» الكتب العبرية إذا وجدت في مكتبات مصر، واعتذر عن ذلك التصريح، ونفى أن تكون لديه أي مواقف معادية للسامية. وتعرض أيضاً في مراحل مختلفة من توليه منصب وزارة الثقافة لهجوم شديد من الإسلاميين الذين يأخذون عليه نزعته الليبرالية، ومن المثقفين العلمانيين الذين ينتقدون الرقابة والانتهاكات الحكومية للحريات.

وفازت وزيرة الخارجية البلغارية السابقة إيرينا جيورجييفا بوكوفا، أول من أمس، بمنصب رئيسة «اليونسكو»، بعد حصولها على 31 صوتا مقابل 27 صوتا لحسني في عملية التصويت التي كشفت عن انقسامات عميقة داخل المنظمة التي يوجد مقرها في باريس. وستصبح بوكوفا التي لم يكن لديها فرصة تذكر للفوز قبل التصويت أول امرأة ترأس المنظمة، إذا أيدت الدول الأعضاء في المنظمة، وعددها 193 دولة النتيجة، كما هو متوقع.

ضغوط

وقالت الدبلوماسية بعد الاقتراع «سأستخدم جميع الافكار الجيدة وسنعمل معا». وأضافت «لم أنظر قط إلى هذه المنافسة على أنها حرب.. إنها معركة بين خصمين». وقالت مصادر في «اليونسكو» إن المنافسة الطاحنة على المنصب قد تترك بصمتها، مع إثارة اتهامات بممارسة ضغوط شديدة وحدوث مخالفات.

وقال هوميرو اريدجيس، وهو مندوب من المكسيك، «أصبح الأمر مثار صراع بدرجة كبيرة. كنا كمندوبين قلقين للغاية بشأن سمعة (اليونسكو)». وليست هذه المرة الأولى التي يثور فيها الجدل بشأن المنظمة الدولية، ففي 1999 شاب انتخاب المدير العام الحالي الياباني كويتشيرو ماتسورا مزاعم بالفساد وتزوير الأصوات. 

الأكثر مشاركة