إسرائيل لن تضرب إيران حاليا
يبدو أن الكشف عن وجود مفاعل نووي آخر لدى إيران، بالقرب من قم، لا يمثل أهمية كبيرة لإسرائيل، كما يمكن أن يتخيل المرء، وإذا انطوى ذلك على أي تأثير يذكر فإنه سيكون في المجال السياسي وليس في استراتيجيات الجيش الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يمارس ضغوطاً على السياسيين الأميركيين، فيما يؤكد وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان على أن الكشف الجديد يشكل برهاناً على الطابع العسكري للبرنامج النووي الإيراني، فإن تصريحات الرجلين لن تؤدي إلى توجيه ضربات لإيران لسببين، أولهما: من المؤكد أن المخابرات الإسرائيلية تعرف بأمر منشأة قم النووية، وأنها كانت مشمولة بخطط إسرائيل لضرب إيران. ولذلك، فإن التغيير الأخير سياسي فحسب .
وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت تهديدات الرئيس الأميركي باراك أوباما لإيران بفرض مزيد من العقوبات، وكذلك أشارت صحيفة تايمز اللندنية إلى أن أوباما ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة البريطانية غوردون براون يطالبون بفتح أبواب المفاعل الجديد أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبعبارة أخرى، يمكن أن يكون الكشف عن المفاعل النووي الجديد مقدمة لفرض عقوبات جديدة على إيران.
السبب الثاني ربما الأكثر أهمية، وهو أن قرار شن الحرب من عدمه ليست في يد نتنياهو أو ليبرمان، فهناك وزير الدفاع إيهود باراك الذي بات يسيطر على القرار العسكري في إسرائيل، وبرزت سيطرته إبان الحكومة السابقة برئاسة إيهود أولمرت الذي خضع للتحقيق مرات عدة. ونتيجة لذلك، قاد الحكومة باراك ووزيرة الخارجية حينها تسيبي ليفني لكونها نائبة أولمرت في قيادة حزب كاديما.
وحقق باراك هذا الوضع بسبب الكارثة التي صنعها خلفه في حرب لبنان عامير بيريتس. وأعاد ثقة الإسرائيليين في الجيش من خلال تحركات عدة، أهمها ضرب غزة التي أطلق عليها «الرصاص المسكوب» والتي على الرغم من أنها جلبت انتقادات كثيرة لإسرائيل، إلا أن إسرائيليين عديدين قالوا إنها كانت ضرورية ومشروعة، وساعدت الانتخابات الأخيرة على تعزيز وضعه السياسي . وعلى الرغم من أن نتيناهو ليس في حاجة إلى حزب العمل الذي يقوده باراك، إلا أن فقدانه يمكن أن يتركه على رأس حكومة ضيقة من اليمين المتطرف، ويحرمه من قدرته على كسب الإجماع وراء سياسته.
ويعني هذا في ما يتعلق بالقضية الإيرانية أن القرار الأخير بضرب إيران سيتخذه باراك، وربما ليس أي شخص آخر. وبالتأكيد، فإن نتنياهو يمكن أن يصدر أمراً بالضربة أو منعها، لكنه سيكون في وضع صعب من دون دعم باراك.
وفي أسوأ الأحوال، قد يجد نفسه مجبرا على استبدال وزير دفاعه، وبالتالي، سيخسر مشاركة حزب العمل في الحكومة، في الوقت الذي تكون فيه حكومة وحدة وطنية أمراً ضرورياً جداً .
ولهذه الأسباب، إذا أصر باراك على توجيه ضربة لإيران، أو الإحجام عن ذلك، فلن يكون هناك الكثير أمام نتنياهو كي يرفض، حتى لو أراد ذلك.
وهذا مهم جداً، لأنه على الرغم من أن نتنياهو وليبرمان متسرعان لضرب إيران، إلا أن شخصية باراك وتحركاته السابقة توحي بأن أي ضربة إسرائيلية غير واردة حالياً. ويرجع ذلك أيضاً إلى أن المرحلة الحالية هي مرحلة تحرك سياسي.
والمعروف عن باراك الصبر وتحكيم العقل إلى أبعد حد، حتى يقال إن لديه قدرة تتمثل في تفكيك ساعات اليد وإعادة تركيبها، وهو يتحرك في الوقت التي لا يتوقعه فيه أحد . وعلى النقيض، فإن التصريحات المتواصلة لكل من نتنياهو وليبرمان الداعية إلى ضرب إيران، إضافة إلى كشف الحكومات الغربية عن منشأة قم النووية، يشيران إلى أن من المؤكد أن الجيش الإسرائيلي لن يقوم بأي تحرك في المرحلة الحالية.
عن «ريلكليروورلد»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news