عائلات من الكوريّتين تلتقي بعد 58 عاماً
كانت المرة الاخيرة التي شاهد فيها كيم كي سانغ أطفاله، ووطنه يتمزق إبان الحرب الكورية، ونتيجة للاضطرابات في ذلك الوقت، تفرق أفراد العائلة، وهرب رب العائلة كيم الذي كان في الرابعة والعشرين في حينه إلى الجنوب، هربا من هجوم الشماليين الشيوعيين،ولكن ابنه وابنته كانا عالقين في الشمال، ومع بدء الحرب الباردة، إثر توقف الحرب، انقطعت الاتصالات بينهم.
وفي الأسبوع الماضي، أي بعد 58 عاما، تمكنت العائلة من اللقاء ثانية في أحد منتجعات كوريا الشمالية، حيث تمكن كيم من الاعتذار أخيرا لطفليه. وقال الرجل البالغ 82 عاما، وبدا غريباً على ابنيه، «آسف جدا لأني لم آخذكما معي عندما هربت». وكان ابن كيم، وهو كيم يونغ هيون، قد أحضر معه خمسة أوسمة، حصل عليها من رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ ايل. وأخته أيضا حصلت على اوسمة. وقالت شقيقته «لأنه عمل بجد منذ بلوغه، حصل على الأوسمة».
وكان اللقاء الذي ضم إخوة و أخوات وآباء وأمهات الأول منذ عادت العلاقات بين الكوريتين إلى نقطة الصفر في .2007 وقطعت كوريا الجنوبية في ذلك العام المساعدات لجارتها الشمالية، احتجاجا على إجراء الأخيرة تجارب صاروخية ونووية. وتوقف لم شمل العائلات الذي بدأ في العام ،2000 كنوع من الانتقام بين الطرفين. وبناء عليه، فإن اللقاء الذي أجري قبل أيام كان إشارة تدعو إلى التفاؤل بأن كوريا الشمالية ستبدأ بالانفتاح تدريجيا على العالم بعد عهد من التوتر الشديد.
وتعرض النظام في كوريا الشمالية لضغوط متزايدة خلال العام الماضي، لإجباره على التخلي عن برنامجه النووي. وأبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن كوريا الشمالية يجب أن تتعرض للمحاسبة، إذا واصلت برنامجها لصنع الأسلحة النووية. وبلغ عدد الأشخاص الذين تمت دعوتهم إلى كوريا الشمالية 96 شخصاً، وكانت أعمار ثلاثة أرباعهم أكثر من 70 عاماً. وكان كثيرون منهم يعتقدون أنها الفرصة الأخيرة للقاء أقربائهم قبل الموت. وهربت لي سن أوك إلى كوريا الجنوبية على ظهر سفينة في ديسمبر ،1950 من دون أن تحظى بفرصة توديع عائلتها. وقالت إن اللقاء الأخير يعتبر من أهم الأيام في حياتها. وأضافت «لم أكن أتوقع أن أتمكن من رؤية أقربائي مرة ثانية. وأستطيع الآن الموت، وأنا مرتاحة».
وكانت أوك قد تزوجت في كوريا الجنوبية، ورزقت بطفلين، وعملت في بيع الملابس في متجرها الصغير، ولم تنس أقرباءها في الشمال. وقالت «أنا محظوظة لأني التقيت بإخوتي وأخواتي قبل أن أموت. كانوا دائماً في قلبي». وكانت بعض حالات لم الشمل صعبة. وكان تشانغ داي تشانغ البالغ 95 عاما، وهو أكبر الذين شاركوا في اللقاء، قد التقى مع نجله الذي بدا وكأنه أكبر منه. وفي الواقع، لم تكن معظم العائلات قد انفصلت بسبب الحرب الكورية التي استمرت من 1950 إلى .1953 والتقت يون جانغ هوا مع شقيقها الذي تم اختطافه، وهو في مركبه لصيد الأسماك بعد مرور 20 عاما على نهاية الحرب من كوريا الشمالية. وقالت لاخيا عند لقائهما «لا تبكي يا شقيقي، لايوجد ما يستدعي ذلك، فإننا بخير».
وتم تنظيم اللقاء في منتجع دايموند على الساحل الشرقي لكوريا الشمالية، على بعد أميال من الحدود الخاضعة لحراسة مشددة من وزارة التوحيد في كوريا الشمالية. ومن المؤكد أن الشطر الجنوبي لكوريا أكثر تعطشا لمثل هذه اللقاءات التي تسمح لأفراد العائلات المفرقة بالتأكد مما إذا كان أقرباؤهم لايزالون على قيد الحياة أم لا.
وطبقا لما ذكره الصليب الأحمر في كوريا الشمالية، فقد توفي أكثر من 40 ألف شخص من كبار السن، منذ قدموا طلبات زيارات لم الشمل، من أصل 127400 من إجمالي مقدمي الطلبات.
ومنذ بدء زيارات لم الشمل، تمكن نحو 16200 كوري من اللقاء مع أقربائهم وجها لوجه، إضافة إلى3740 شخصاً التقوا مع أقربائهم عن بعد من خلال الفيديو.
وتعتبر اللقاءات بالنسبة لكوريا الشمالية سيفاً ذا حدين، فعلى الرغم من أنها تظهر إنسانية النظام، إلا أنها تذكر أيضاً بقمعه لحرية شعبه. وسيستمر اللقاء لمدة ستة أيام، وبعد ذلك، سيعود الكوريون الجنوبيون إلى بلادهم، وهم يفكرون عما إذا كان في إمكانهم رؤية أقاربهم ثانية.