السلام لا يتحقق بنصف الشعب الفلسطيني
* جدعون ليفي
تفاوض إسرائيل الآن مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وعلى مدى ثلاث سنوات تفاوض المسؤولون الإسرائيليون مع الحركة لإطلاق الجندي جلعاد شاليت، ومع ذلك تقول إسرائيل إنها لا تتفاوض مع «حماس»، ولم تكن تتفاوض معها منذ جاءت إلى السلطة في انتخابات ديمقراطية.
وتقاطع إسرائيل، ليس فقط «حماس»، وإنما معها أيضا بقية قطاع غزة، وتجد «حماس» نفسها أيضا مقاطَعة من أميركا وأوروبا وروسيا والأمم المتحدة.
وما تعتبره إسرائيل أمراً ضرورياً لإطلاق سراح جندي إسرائيلي لا تعتبره بالمثل ضرورياً لترقية السلام في الشرق الأوسط.
ولا تنظر إسرائيل، أو أي جهة أخرى في العالم، إلى «حماس» بوصفها كياناً ليبرالياً، وإنما ينظرون إليها على أنها منظمة تقوم على أساس ديني أصولي، ولا تعترف بحق إسرائيل في الوجود، ولا تعتبرها إسرائيل شريكاً مثالياً للسلام.
ولكن إذا شئنا أو أبينا فإن «حماس» هي الممثل الشرعي لنصف الشعب الفلسطيني على الأقل الذي يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، وإذا ما أنكرنا ذلك، فعلينا أن نتجاهل أي فرصة للسلام.
ولا يمكننا في الوقت نفسه أن نقيم السلام بنصف الشعب، وأي سلام مقبل ينبغي أن يضم تحت جناحه «المتشددين» أيضاً.
وعلينا أن ننظر إلى حكومة «حماس» على أنها خبر جيد، حيث إن السلطة إذا كانت في يد «حماس» فإن هذا الحزب سيكون أكثر وسطية وأكثر مسؤولية وأقل عنفاً من المعارضة. ومنذ تولت «حماس» السلطة، فإن القطاع أصبح أقل فوضوية مما كانت عليه الحال من قبل.
ولعقود مضت، ظلت إسرائيل تنظر بعين الريبة إلى أي شريك فلسطيني محتمل.
وخلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي، تم إقرار قانون يمنع أي إسرائيلي من الاجتماع بأي ممثل من منظمة التحرير الفلسطينية، وأي شخص يجرؤ على الدعوة للمفاوضات يعتبرونه خائناً.
وفي أوائل التسعينات، تغيرت السياسة، حيث اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير، ووقّعت الحكومة الإسرائيلية حينها اتفاقية مع زعيمها ياسر عرفات في حديقة البيت الأبيض.
ولكن، في السنوات القليلة التالية، أصبح عرفات نفسه شخصاً غير مرغوب فيه، وزعم الإسرائيليون أنه قوي أكثر من اللازم.
أما خليفته محمود عباس فيعتبرونه أكثر ضعفاً، ولهذا السبب، لم تستطع منظمة التحرير إنجاز تقدم حقيقي في السلام، وصار الفلسطينيون يفعلون ما يفعله جميع الناس في مثل هذا الوضع، إذ صوتوا للبديل الوحيد الذي يعبر عن تطلعاتهم.
ويبدو أن إسرائيل اعتراها الذهول عندما وصلت «حماس» إلى لسلطة، ولكن، للمرة الأولى ساند العالم إسرائيل، وانضم لمقاطعة وحصار قطاع غزة.
«حماس» منظمة أصولية بطبيعتها، ولهذا، وجدت أنه من الصعب عليها التصالح مع إسرائيل، ولكنها، على أي حال، تضم داخلها أناساً معقولين يريدون المضي قدماً. ومن الصعب على إسرائيل أن توقع تسوية مع «حماس»، لكن ذلك ليس مستحيلاً ويستحق المحاولة.
وإذا كنت أنا في موقع رئيس الوزراء الإسرائيلي، فسأكون على استعداد لأهبط صباح غد في غزة، لمقابلة أعضاء «حماس»، واستكشاف ما إذا كانت هناك أرضية مشتركة.
أما البديل فإنه مرعب للغاية، فالمقاطعة لم تضعف «حماس»، بل أكسبتها قوة أكثر عن ذي قبل، وعلى الأقل، فإن «حماس» منظمة وطنية محلية ذات أهداف محدودة، على العكس تماماً من تنظيم «القاعدة»، أو حركة «طالبان» اللذين لا يمكن التوصل معهما إلى سلام، ونؤكد هنا أن «حماس» ليست مثلهما أبداً.
نعم، التفاوض مع «حماس» لن يؤدي إلى نتيجة، ولكن، أليس ذلك ناتجاً عن 15 عاماً من التفاوض مع منظمة التحرير ؟ وربما تأمل «حماس» في أن ترى إسرائيل مدمرة، ولكننا أيضا نقول إن هناك سوابق تاريخية عديدة لحركات متطرفة جداً أصبحت في ما بعد حكومات مسؤولة، بعد أن حصلت على فرصة عادلة.
ما ينبغي أن يفعله الفلسطينيون والإسرائيليون للسلام هو السعي من أجل جهود دولية، لإعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية في غزة ورام الله، وعلى العالم وإسرائيل أن يعلنا أن هذه الحكومة ستكون شريكاً شرعياً في المفاوضات، وأن تحظى باعتراف ودعم تامّين.
* كاتب في «هآرتس» الإسرائيلية
عن «نيو ستيتسمان»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news