تدشين مرحلة جديدة بين دمشق والرياض

اللقاء بين العاهل السعودي والأسد يمهد لحل أزمات عدة في المنطقة. إي.بي.إيه

بدأ العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، أمس، أول زيارة له إلى سورية بعد سنوات من الجفاء بين البلدين، تدهورت خلالها العلاقات بينهما، ما يشكل تقارباً من شأنه أن يضع حداً لنزاعات عدة في المنطقة.

وتفصيلاً، وصل العاهل السعودي إلى دمشق أمس، وكان في استقباله الرئيس السوري بشار الأسد في مطار دمشق الدولي.

ويرافق العاهل السعودي في أول زيارة رسمية له إلى سورية، منذ توليه العرش في ،2005 وفد رفيع المستوى يضم عدداً من الوزراء.

وتأتي الزيارة بعد سنوات من الجفاء بين البلدين تدهورت خلالها العلاقات بينهما.

ومن أولى بوادر تحسن العلاقات بين البلدين، تعيين سفير سعودي في دمشق في يوليو ، بعد أن بقي المنصب شاغرا لمدة عام.

وكان الرئيس السوري زار السعودية في 23 سبتمبر الماضي، حيث حضر افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، بالتزامن مع اليوم الوطني السعودي.

واعتبر السفير السعودي في دمشق عبدالله عبدالعزيز العيفان أن زيارة الملك عبد الله إلى دمشق ستدشن عهداً جديداً من العلاقات بين البلدين، موضحاً أن العلاقات بين الرياض ودمشق ستشهد مزيداً من النماء والازدهار في الفترة المقبلة.

كما أفاد بأن البلدين حريصان على تعزيز التضامن ولم الشمل وتعزيز العمل العربي المشترك.

وكتبت صحيفة «الوطن» السورية «المقربة من الحكومة» أمس أن الزيارة «تجري وسط ارتياح إقليمي ودولي، شجع خلال الأسابيع الماضية على التقارب، حيث أبدت باريس ارتياحها لتحسن العلاقات بين البلدين، بما في ذلك من تأثير في الوضع الإقليمي، كما رحب لبنان ودول خليجية وعربية أخرى بالزيارة».

وكانت العلاقات بين الرياض ودمشق تدهورت بعد غزو القوات الأميركية العراق في ،2003 إذ انتقدت دمشق وقوف الرياض إلى جانب الولايات المتحدة، وأسهم في زيادة حدة التدهور اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري القريب من السعودية في فبراير ،2005 حيث رأى بعضهم أن لسورية يداً فيه، الأمر الذي نفته دمشق قطعياً.

ويقول محللون إن زيارة العاهل السعودي ترمي إلى وضع حد للخلافات بين البلدين، وخصوصاً في ما يتعلق بالملفين الفلسطيني واللبناني، بالإضافة إلى العلاقات الاستراتيجية التي تربط سورية بإيران.

ويقول هادي عمر المحلل في مركز بروكينغز الدوحة الذي يتخذ من قطر مقراً له، إن دمشق والرياض «كانت لديهما دوماً مواقف متعارضة خلال السنوات الماضية»، مشيراً إلى أن التقارب بين البلدين يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين دمشق وواشنطن انتعاشاً».

وكان أول لقاء مصالحة بين الملك عبدالله والرئيس السوري، والذي بدأت بلاده بفتح حوار مع الإدارة الأميركية الجديدة، قد حدث مطلع 2009 على هامش القمة الاقتصادية العربية في الكويت.

وتعتقد الولايات المتحدة ودول غربية أن دمشق يمكنها المساهمة بالبحث عن حلول للملفات الساخنة في المنطقة، كالعراق ولبنان والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ويضيف عمر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، على العكس من الإدارة الأميركية السابقة برئاسة جورج بوش، «يريد أن يعطي لسورية دوراً في المنطقة».

وفي لبنان، عنونت صحيفة السفير المقربة من دمشق «كتاب مفتوح إلى الرئيس المكلف سعد الحريري: فلتكن زيارة الملك عبدالله إلى دمشق فرصة لإعلان حكومة الشراكة».

وكتبت صحيفة «النهار» اللبنانية المقربة من «14 آذار» التي تمثل الأكثرية النيابية أن «لبنان معني أكثر من أي وقت بالمصالحة السعودية السورية، أقله بالنظر إلى الانعكاسات السلبية التي حصدها نتيجة الخلاف بين دمشق والرياض، ولم يكن آخرها تعثر تأليف الحكومة في لبنان».

وأكدت مصادر سورية الأهمية القصوى لزيارة العاهل السعودي، والتي سيجري خلالها محادثات مستفيضة مع الأسد، واصفة تلك الزيارة بأنها «تمثل مستشرفاً مهماً لبلورة الرؤى، للخروج بمنجز فاعل لسلام المنطقة».

وقالت المصادر لصحيفة «عكاظ» السعودية أمس «يعمد الزعيمان إلى الوقوف بروية وتمحيص على ما آل إليه السلام المتعثر في الشرق الأوسط، وسط صلف إسرائيلي، ينعكس سلباً على المستجدات الإقليمية والدولية».

وأضافت أن تعزيز العلاقات السعودية السورية سيأتي بإيجابياته على صعيد التضامن العربي، والنهوض بمقوماته التعزيزية المشتركة.

وأوضحت أن الملف الفلسطيني يبقى محوراً أساسياً ضمن أجندة القمة السعودية السورية، في ضوء قرب انعقاد جولة الحوار في القاهرة، بما يحقق اللحمة الوطنية وبلوغ التطلعات المشروعة في الأراضي المحتلة وأبنائها، فضلاً عن تداول الوضع على الساحتين اللبنانية والعراقية.
تويتر