«نوبل للسلام» تفاجئ أوباما ويقبلها بتواضع كـ«نداء عمل»

أوباما يقر بأنه لا يستحق جائزة نوبل للسلام مقارنة بالسابقين. أي.بي.إيه

أثار نبأ منح الرئيس الأميركي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام هذا العام دهشة وذهولا إلى حد ما في واشنطن، وفيما دافع رئيس لجنة نوبل عن قرارها بالقول إن ما فعله أوباما حتى الآن أكثر من كاف لتنفيذ وصية الفريد نوبل، أشاد رؤساء عديدون باختيار اوباما الذي اعتبر فوزه «شرفاً»، غير أن آخرين اعتبروا الاختيار تكريماً سابقاً لأوانه، وبينما انتقدت حركة طالبان الأفغانية القرار، رأت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أن على الرئيس الأميركي أن يقدم الكثير ليستحق الجائزة.

وتفصيلاً، مُنح الرئيس الأميركي أوباما أمس جائزة نوبل للسلام «لجهوده الاستثنائية من أجل تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب، ومنحه العالم أملاً في مستقبل أفضل من خلال عمله من أجل السلام ودعوته لخفض المخزون العالمي للاسلحة النووية»، على ما أعلنت لجنة نوبل النرويجية. وقال رئيس لجنة نوبل النروجية، ثوربيورين ياغلاند، إن «اللجنة علقت أهمية خاصة على رؤية أوباما وجهوده من أجل عالم خال من الأسلحة النووية». وأضاف «بصفته رئيساً، أوجد أوباما مناخاً جديداً في السياسة الدولية، ونادراً ما نجح شخص في استقطاب انتباه العالم برمته وإعطاء سكانه الأمل بمستقبل أفضل، مثلما فعل أوباما». وقالت اللجنة في حيثيات الجائزة «من النادر جداً أن تجد شخصاً تمكن من أن يجذب انتباه العالم، ويمنح شعوبه الأمل في مستقبل أفضل، كما فعل أوباما». ورداً على سؤال عما إذا كانت اللجنة قد اتخذت قراراً جريئاً، قال ياغلاند في أوسلو: «كل ما حدث في العالم منذ تولي أوباما حكم أميركا وكيف تغير المناخ الدولي يعتبر أكثر من كاف للقول إن أوباما أوفى بما جاء في وصية ألفريد نوبل، وهو ضرورة منح الجائزة لمن بذل أكثر من أجل التآخي العالمي ونزع السلاح خلال العام السابق، ولمن دعم التعاون والحوار».

ورداً على اتهام لجنة نوبل بأن قرارها منح الجائزة لأوباما كان قراراً «شعبوياً»، قال ياغلاند: «على من يرى ذلك أن يضع الواقع العالمي نصب عينيه، ليس لدي ما أقوله أكثر من ذلك».

وأعلن الرئيس الاميركي باراك أوباما أمس أنه يتلقى إعلان فوزه بجائزة نوبل للسلام بتواضع كبير، معتبراً أنه لا يستحق هذه الجائزة مقارنة بالفائزين السابقين بها. وقال إنه يشعر بالتواضع إزاء هذا الشرف غير أنه يعتبرها «نداء للعمل». وأعلن أوباما أنه فوجىء بإعلان فوزه بجائزة نوبل للسلام التي تلقاها بتواضع عميق .

وفي اول ردة فعل له بعد فوزه بالجائزة قال أوباما أيضا إنه يرى فيها «دعوة للعمل» ضد الاحتباس الحراري والانتشار النووي ولحل النزاعات. وتابع في تصريحه الذي أدلى به من البيت الأبيض «فوجئت بقرار لجنة نوبل، وفي الوقت نفسه أتلقاه بتواضع كبير».وأضاف الرئيس الأميركي «لأكن واضحا. لا أراها (الجائزة) اعترافا بانجازاتي الشخصية أكثر مما هي تأكيد على زعامة أميركية باسم تطلعات، يتقاسمها البشر من كل الأمم».وتابع «لأكن صادقا، لا أشعر بأنني أستحق أن أكون برفقة هذا العدد من الشخصيات التي كرمتها الجائزة».

وفي البداية، قوبل النبأ بذهول وصمت في البيت الأبيض، على الرغم من مسارعة بعض وسائل الإعلام لانتقاد منح الجائزة لأوباما الذي لم يمض على توليه رئاسة الولايات المتحدة سوى أقل من تسعة أشهر.

وذكرت شبكة التلفزيون الإخبارية «سي إن إن»، استنادا إلى أحد مستشاري أوباما أن الرئيس استقبل نبأ منحه جائزة نوبل للسلام هذا العام «بتواضع». وتابعت «سي إن إن» بالقول: «يأتي ذلك في الوقت الذي لم يكن أوباما ضمن قائمة الأوفر حظاً للفوز بالجائزة». وحسب قناة «سي بي إس» فإن المتحدث باسم الإدارة الأميركية روبرت غيبس توجه للقناة برسالة الكترونية تكونت من الأحرف الثلاثة «ووو»، وهي الأحرف المعبرة عن بالغ الدهشة والفرحة.

وفي السياق نفسه، قابلت صحيفة «وول ستريت غورنال» الأميركية ذات الاتجاه المحافظ منح أوباما جائزة نوبل للسلام ببعض التشكك. وعلقت على موقعها الالكتروني امس بالقول: «أوباما يحصل على نوبل للسلام.. مقابل ماذا؟».

وأثار النبأ إشادات وانتقادات حادة، وثارت دهشة الصحافيين في أوسلو لدى إعلان قرار منح الجائزة إلى رئيس لم تمض تسعة أشهر على توليه الحكم، ولم يحقق بعد إنجازاً كبيراً في مجال السياسة الخارجية.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن أوباما يجسد روحاً جديدة من الحوار، فيما رأت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء الأسبانيخوسيه لويس ثاباتيرو أن المكافأة التي نالها أوباما تشكل تشجيعا على العمل من أجل السلام.

واعربت أسرة أوباما في كينيا عن شعورها بالفخر لفوزه بجائزة نوبل للسلام لعام .2009 وفي الوقت نفسه، قال الرئيس الكيني مواي كيباكي في برقية تهنئة لأوباما: « الجائزة تمثل معلماً آخر على طريق حياتك العامة واعترافاً بالاسهامات التي تقدمها لمصلحة الانسانية».

وفيما أثنى رئيس الوزراء النرويجي ينز شتولتنبرج على قرار لجنة نوبل، معتبراً هذا القرار مثيراً ومتوثباً للمستقبل، وليس سابقاً لأوانه، وهنأ رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني أوباما بفوزه. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن فوز أوباما بجائزة نوبل يكرس «عودة اميركا الى قلوب جميع الشعوب».

وهنأ الرئيس الفلسطيني اوباما، معبراً عن امله في ان يتحقق السلام في عهده. فيما قال الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز إن فوز اوباما يعطي املا جديدا للإنسانية. كما بعث رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون برسالة خاصة إلى أوباما، يهنئه فيها بفوزه بالجائزة. وفي اول رد فعل ايراني على الحدث أعلن علي أكبر أحد مستشاري الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لوكالة فرانس برس الجمعة أن منح الرئيس الأميركي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام يجب أن يحثه على إنهاء الظلم في العالم.

ورحب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي بمنح نوبل للسلام لأوباما لأنه أوقد شمعة الأمل من جديد في سلام عالمي، واتخذ موقع الصدارة في قضية حظر انتشار السلاح النووي. ورأى الخبير الألماني في شؤون السلام أندرياس هاينيمان جرودر أن منح أوباما جائزة نوبل للسلام يعتبر سابقا لأوانه. وقال: «فوجئت إلى حد ما بمنحه الجائزة، لأن ذلك يعد بمثابة منح أكاليل بشكل مسبق لأوباما».

ووصفت الناشطة البيئية الكينية وانجاري ماثاي التي فازت بجائزة نوبل للسلام عام 2004 حصول أوباما على جائزة نوبل بأنه مصدر إلهام مدهش. وقالت منظمة نلسون مانديلا إن منح الرئيس الأميركي نوبل للسلام سيحثه على مواصلة جهوده من اجل إحلال السلام ومكافحة الفقر في العالم.

وندد متحدث باسم حركة طالبان الافغانية بمنح جائزة نوبل للسلام إلى الرئيس اوباما. وقال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس من مكان مجهول «لم نلحظ أي تغيير في الاستراتيجية باتجاه السلام. لم يفعل شيئاً من أجل السلام في أفغانستان»

ورأت حركة المقاومة الاسلامية «حماس» إن على الرئيس الأميركي ان يقدم الكثير ليستحق جائزة نوبل للسلام . وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة «مازال أمام اوباما الكثير ليفعله ليستحق هذه المكافأة، وتابع ان «اوباما لم يقدم شيئا للفلسطينيين إلا الوعود والنوايا، مقابل دعم مطلق للاحتلال الاسرائيلي».

وسيتم تسليم الجائزة في اوسلو في 10 ديسمبر الذي يصادف ذكرى وفاة مؤسس الجائزة، الصناعي ورجل الخير السويدي الفرد نوبل، وهي تتضمن ميدالية وشهادة وشيكا بقيمة 10 ملايين كورون سويدي (نحو مليون يورو).

أوقظ من نومه ليتلقى الخبر

أعلن مسؤول في الإدارة الأميركية أن الرئيس باراك أوباما كان نائما عندما أيقظه المتحدث باسمه ليزف له النبأ. واشار المسؤول، طالباً عدم الكشف عن هويته، الى ان روبرت غيبس المتحدث باسم أوباما اتصل بالبيت الأبيض، حيث يقيم الرئيس وينام، وايقظه من نومه قبيل الساعة السادسة بالتوقيت المحلي، أي بعيد أقل من ساعة على إعلان الخبر في أوسلو.

وقال رئيس اللجنة النرويجية التي تمنح الجائزة ثوربيورين ياغلاند ا إن أوباما لم يتلق الاتصال الهاتفي الذي تجريه اللجنة عادة مع الفائزين بجائزة نوبل للسلام لابلاغهم بفوزهم. وقال ياغلاند «إيقاظ رئيس من نومه في منتصف الليل ليس شيئاً يجب عمله».

وعادة ما يتلقى الفائزون بجوائز نوبل اتصالا من أوسلو ،قبل ساعة أو نحو ذلك من اعلان الجائزة في الساعة 00:09 بتوقيت غرينتش (الخامسة صباحاً بتوقيت واشنطن). وأضاف ياغلاند أن أعضاء اللجنة الخمسة خشوا أن يتسرب اسم الفائز قبل الاعلان عنه رسمياً في أوسلو كما حدث أحيانا في السابق.

رابع رئيس أميركي يفوز بالجائزة

أصبح باراك أوباما رابع رئيس أميركي يفوز بجائزة نوبل للسلام. وفي ما يلي تفاصيل عن الرؤساء الثلاثة الآخرين:

فاز جيمي كارتر الرئيس الامريكي الاسبق بالجائزة في عام 2002 نظراً «لعقود عمل خلالها دونما كلل لايجاد حلول سلمية للصراعات الدولية ولتعزيز الديمقراطية وحقوق الانسان في العالم وتشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، حسبما جاء في حيثيات قرار لجنة نوبل النرويجية.

فاز وودرو ويلسون بالجائزة في 1919 عرفاناً ببرنامجه للسلام المكون من 14 نقطة وسعيه لدمجها في ميثاق عصبة الامم في معاهدة فرساي لعام 1919 في نهاية الحرب العالمية الاولى. وقالت لجنة نوبل النرويجية في حيثياتها آنذاك «نجح الرئيس في وضع تصور لقانون أساسي للبشرية في السياسة الدولية المعاصرة».

فاز تيودور روزفلت بالجائزة لعام 1906 لدوره في انهاء حرب عام 1905 الدامية بين روسيا واليابان، وهما اثنتان من القوى العالمية الكبرى. وأثمرت جهوده توقيع الدولتين معاهدة بورتسماوث في الخامس من سبتمبر 1905 في مدينة بورتسماوث في ولاية نيوهامشاير.

في ما يلي بعض الحقائق عن جائزة نوبل للسلام:

المرشحون لنيل الجائزة لعام 2009 بلغ عددهم 205 مرشحين وهو رقم قياسي.

فاز الرئيس الاميركي باراك أوباما بجائزة نوبل للسلام لعام 2009 لجهوده في «ترسيخ الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب».

رفضت الام تيريزا حضور مأدبة تقام للفائزين بالجائزة في أوسلو عندما حضرت لتسلم جائزتها في عام 1979 قائلة إن الفقراء سينتفعون بشكل أكبر من النقود، وألغيت المأدبة نتيجة لذلك.

اللجنة الدولية للصليب الاحمر هي أكثر من فاز بالجائزة، حيث فازت بها في أعوام 1917 و1944 و.1963 وتقاسم مؤسس اللجنة هنري دونانت من سويسرا الجائزة الاولى في عام .1901

ألقى محتجون كرات من الثلج على السفير الاميركي في أوسلو عندما حضر لتسلم الجائزة نيابة عن وزير الخارجية هنري كسينجر في عام 1973 للعبه دور الوسيط في اتفاقية سلام فاشلة لانهاء الحرب في فيتنام. ورفض زعيم فيتنام الشمالية لي دوك تو الجائزة المشتركة، وهو الامر الذي اعتبر الاكثر اثارة للجدل في تاريخ الجائزة.

من بين المرشحين السابقين لنيل الجائزة الزعيم الالماني أدولف هتلر والزعيم السوفييتي جوزيف ستالين.

حظر أدولف هتلر على الالمان قبول جوائز نوبل تعبيرا عن استيائه، بعد أن ذهبت جائزة عام 1935 للكاتب الالماني المناهض للنازية كال فون أوسيتزكي. وأثر هذا القرار على ثلاثة علماء ألمان فازوا بالجائزة في الكيمياء والطب في أواخر الثلاثينات.

منحت جائزة نوبل للسلام عن عام 2008 للرئيس الفنلندي السابق مارتي اهتيساري لجهوده في العديد من القارات، وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن لحل الصراعات الدولية.

منحت جائزة نوبل للسلام عام 2007 لكل من ال جور نائب الرئيس الاميركي الاسبق والهيئة الحكومية الدولية بالامم المتحدة المعنية بتغير المناخ لجهودهما في إثارة الاهتمام بمخاطر ارتفاع درجة حرارة كوكب الارض والتغير المناخي.

منحت جائزة نوبل للسلام عام 2006 لكل من الاقتصادي البنغالي محمد يونس وبنك جرامين الذي أسسه لجهودهما في مساعدة الملايين على الخروج من الفقر بمنح قروض صغيرة للفقراء وريادتهما في في حركة عالمية عرفت باسم الاقراض المتناهي الصغر.

تويتر