5 أشخاص تبقوا من «الأكونتسو» الأمازونية

قبيلة الأكونتسو لم تتأثر بالمدنية، وأفرادها يحتفظون بحضارتهم النابضة بالحياة. أرشيفية

تمثّل قبيلة الأكونتسو الأمازونية آخر الجماعات البشرية الباقية على قيد الحياة التي لاتزال تعيش حياة فطرية، لم تتاثر بالمدنية الحديثة، ولايزال افرادها يحتفظون بحضارتهم النابضة بالحياة، التي شكلت دينهم ولغتهم، وأعطت أسماء خاصة لكل شيء في حياتهم، بدءاً من مخلوقات الغابة المطرية إلى النجوم الموجودة في السماء.

ولكن، مما يدعو للأسف أنه لم يبق من هؤلاءالقوم حالياً سوى خمسة أشخاص، بعد أن كانوا يبلغون مئات عدة قبل نحو 20 عاما، ولكنهم تعرضوا للابادة، نظرا إلى حالة العداء التي تعرضوا لها من الآخرين، ناهيك عن إهمال السلطات الرسمية لهم. وباتت الجماعة التي عاشت آلاف السنين في عزلة تامة قريبة من الانقراض، بعد وفاة العضو السادس ممن تبقى من القبيلة، وهي امرأة عجوز تدعى أورورو، كانت تعتبر الأم الروحية للأكونتسو. وماتت العجوز بعد أن بلغت من العمر عتياً في كوخها المبني من القش وأوراق الشجر.

وتوفيت أورورو في العاشر من أكتوبر الجاري. وظهرت أخبار موتها الاسبوع الماضي، عندما زار القبيلة ناشطون في حقوق الانسان يحاولون الحفاظ على موطن القبيلة من أعمال تقطيع اشجار الغابات.

وقال ألتير الغاير، وهو ممثل محلي لمنظمة فوناي التابعة للحكومة البرازيلية التي تقوم بحماية أراضي قبائل الهنود الحمر، «ذهبت لحضور جنازتها. توفيت في بيت صغير، وسمعنا أصوات البكاء، وذهبنا إلى اتجاهه، ولكنها كانت قد توفيت». ويشير موت أورورو إلى أن تعداد جميع أفراد قبيلة أكونتسو أصبح ثلاث نساء ورجلين. وجميعهم أقرباء لبعضهم، وليس هناك من النساء من هي في عمر يسمح لها بالحمل ولذلك، فإن مصير القبيلة النهائي إلى الانقراض.

ويمثل الموت البطيء للجماعة الإنسانية البدائية أكثر من مجرد حادث سيئ، إذ يعتبر تحقيقاً لخطط وضعها أشخاص، هي الأكثر بشاعة من نوعها في تاريخ الإبادات الجماعية. ويرى مهتمون أن ما تعرضت له قبيلة الاكونتسو يعتبر نموذجا لما واجهته قبائل أخرى لم تكتشف.

ولم يتم توثيق معظم حكاية الأكونتسو لأسباب واضحة، منها إن القبيلة عاشت أكثر من 1000 عام في غموض تام في أعماق غابات مطرية في ولاية روندونيا في أقاصي غرب البرازيل بالقرب من الحدود مع بوليفيا، وكانوا يعملون في صيد الخنازير البرية وحيوانات الغوطي والتابير.

وكانت لديهم حدائق صغيرة في قراهم، حيث زرعوا محاصيل، مثل القمح. وفي ثمانينات القرن الماضي، بدأت عملية قتل القبيلة، عندما سمح للمزارعين والحطابين باستكشاف المنطقة، لشق طرق داخل الغابة، وتحويل المنطقة التي كانت برية وغير مطروقة إلى حقول للصويا ومراعي للماشية تدر أرباحاً طائلة.

وأدرك المهاجرون الجدد إلى هذه الغابات أن ثمة أمراً واحداً، يمكن أن يمنعهم من تشكيل مزارع مربحة في الغابات المطرية، هو اكتشاف تلك القبائل غير المعروفة التي تتمتع أراضيهم بالحماية من التطوير، بموجب القانون البرازيلي.

وبناء على ذلك، قرر أول العابرين إلى منطقة قبيلة أكونتسو في منتصف ثمانينات القرن الماضي أن الطريقة الوحيدة التي تمنع الحكومة من حماية هذا المجتمع الفطري هو إزالته تماماً من الوجود. وهذا ماحدث فعلا في فترة يعتقد أنها بداية تسعينات القرن الماضي، فقد تعرض عشرات من أفراد الأكونتسو للإبادة الجماعية في موقع يبعد خمس ساعات قيادة بالسيارة عن قرية فيلينا. ولم ينجُ من المجزرة سوى سبعة أفراد من القبيلة، حيث هربوا إلى أعماق الغابات، للنجاة بأرواحهم. ولم يتم الاتصال بهؤلاء السبعة بصورة رسمية إلا في ،1995 عندما وصل محققو منظمة «فوناي» إلى المنطقة، وتمكنوا من تخصيص محمية من الغابات، مساحتها 26 الف هكتار لهم.

وقال الغاير الذي كان من ضمن فريق فوناي الذي اكتشف القبيلة «لانعرف الكثير عن الشكل الذي كانت عليه حياة أورورو، لكن، خلال السنوات الـ14 الماضية التي عشتها معها كانت تبدو شخصية سعيدة وعفوية. وروت لنا أنه كان لديها أربعة أبناء قتلوا جميعاً بالرصاص، في أثناء المذبحة. ولانعرف من هو زوجها، أو كيف قتل».



تويتر