إسرائيل تصادر 50٪ من أراضي قرية عورتا
لا يمر يوم إلا ويتعرض فيه سكان قرية عورتا (جنوب شرق نابلس) في فلسطين المحتلة لاعتداءات المستوطنين الإسرائيليين الموجودين في مستوطنة إيتمار المقامة شمال القرية، إضافة إلى أن جنود الاحتلال في معسكر «حوارة» يطلقون النيران تجاه منازل الفلسطينيين، ويعتدون على المحاصيل الزراعية، لاسيما أشجار الزيتون الذي بدأ موسم قطافها هذا الشهر.
وتشدد قوات الاحتلال حصارها على سكان القرية ( 6000 نسمة)، وتتحكم بحركتهم حتى داخل منازلهم، حيث يمنع صعودهم إلى أسطح المنازل المطلة على المستوطنة، بل أصبح حتى النظر من النوافذ تجاهها من المحرمات التي يعاقب عليها السكان بإطلاق النار المباشر عليهم.
وصادرت القوات الإسرائيلية نحو 12 ألف دونم من مساحة القرية التي تبلغ 22 ألف دونم، أي أكثر من 50٪ من المساحة، راحت معظمها لمصلحة مستوطنة إيتمار، ومعسكر «حوارة» الإسرائيلي الذي يقام على أرض القرية، ويتحكم بمدخل القرية الرئيس. وتضم المساحة المصادرة أراض زراعية يمنع على الفلسطينيين الوصـول إليها.
وقال عضو مجلس بلدية قرية عورتا، هاني الدراوشة، لـ«الإمارات اليوم» في اتصال هاتفي، إن «القرية تتعرض لحملة انتهاكات تتصاعد كل يوم من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، هدفها السيطرة على المزيد من أراضي القرية التي احتلوا أكثر من نصف مساحتها، ومن أخطرها منع الجنود للسكان من الصعود إلى أسطح منازلهم المطلة على المستوطنة، أو النظر من الشرفات، خصوصاً في الأوقات التي يكون فيها تواجد وأعمال للجيش والمستوطنين على حدود المنازل».
وأضاف «يطلق الجنود القنابل الصوتية والغازية تجاه السكان الموجودين في منازلهم، إضافة إلى إطلاق الرصاص تجاه المنازل. ويقف المستوطنون إلى جانب الجنود في إطلاق النار باتجاه السكان والمنازل».
وأوضح الدراوشة أن المستوطنين ينفذون اعتداءات شبه يومية ضد السكان خلال زيارتهم لمقامات إسلامية داخل القرية يدعون أنها لهم، ويقتحمون القرية في ساعات متأخرة من الليل بسياراتهم، أو سيراً على الأقدام، ويرشقون المنازل التي تكون مضاءة أو التي يطل السكان من نوافذها.
وأشار الدراوشة إلى تنظيم المستوطنين في «إيتمار» زيارة شهرية لتلك المقامات، حيث يحضرون يهود من المستوطنات الأخرى ومن داخل الخط الأخضر في حافلات كبيرة، تحت تهديد السلاح، وتحت حراسة مشددة من الجيش.
ويوجد في عورتا ثلاثة مقامات إسلامية تعود إلى العصر المملوكي نسبت لأولياء صالحين، بحسب درواشة، وتقع على شكل أضرحة كبيرة وساحات على ثلاثة مواقع متباعدة غرب، ووسط، وشرق القرية، وهي مقام «المفضل، والسبعين شيخ، والعزير».
وقال عضو مجلس بلدية عورتا إن «مجلس المستوطنات الإسرائيلي يخطط للاستيلاء تماماً على المقامات والأضرحـة، حتى يكون ذلك مبرراً للاستيلاء على أجزاء من القرية، التي لا تبعد سوى مئات الأمتار عـن معسكر «حوارة» الاحـتلالي الذي يعد أحـد أكبر معسكرات جيش الاحـتلال في الضفة».
وكانت قـوات الاحـتلال أقدمت في أواخـر شهر رمضان الماضي على تدنيس وتمزيق المصاحف الشريفة خلال اقتحامها لمنازل سكان القرية، مصطحبين معهم كلابا متوحشة نهشت هي الأخرى المصاحف، كما اعتقل الجـنود عـددا مـن أهالي القرية.
وذكر الدراوشة أن من أشكال المعاناة التي يواجهها سكان عورتا معسكر حاجز «حوارة» العسكري، أحد أكبر معسكرات الاحتلال في الضفة، والذي يصادر قسم كبير من أراضي القرية، حيث يقيد تنقل السكان بين القرى والمدن المجاورة، خصوصاً الموظفين وطلبة الجامعات والمرضى، كما تسبب بمزيد من البطالة بين السكان، لمنعهم من التنقل إلى أماكن عملهم في مناطق أخرى .
ويقسم معسكر «حوارة» القرية إلى قسمين، جنوبي وشمالي، من خلال معبرين يتبعان له، يؤدي كل منهما إلى مناطق مختلفة في الضفة الغربية، كما يحاصر القرية إلى جانب مستوطنة «إيتمار».
ولا تسلم الأراضي والمحاصيل الزراعية، بحسب الدراوشة، من انتهاكات المستوطنين، حيث تمت مصادرة أراض زراعية، وإحراق وسرقة المحاصيل الزراعية، وخصوصاً أشجار الزيتون، بالإضافة إلى سرقة مواشي الفلاحين، والاعتداء بالضرب المبرح على كل من يحاول حرث وزرع أرضه القريبة من حدود مستوطنة «إيتمار».
وتعد الزراعة مصدر الدخل الرئيس لسكان القرية، خصوصاً أشجار الزيتون. وقال الدراوشة إن «المزارعين أصحاب الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون يتعرضون لاعتداءات من الجنود والمستوطنين خلال أكتوبر الجاري الذي يعد موسم قطاف الزيتون في فلسطين، حيث يتم منعهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، خصوصاً القريبة من مستوطنة «إيتمار» ومعسكر الاحتلال، كما يطلق المستوطنون النيران عليهم، بعد أن يحصدوا الزيتون، ويطردوهم من أرضهم ويسرقون المحاصيل».
وأضاف «يوجد نحو 4000 دونم من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون قريبة من مستوطنة إيتمار، ويمنع على الفلسطينيين دخولها، وهذا العام لجأنا إلى مؤسسات حقوقية تسعى إلى التنسيق مع الاحتلال لدخول أرضنا، ولكن، على الرغم من ذلك، سيتم دخول أراضينا في ظل وجود الجنود والمستوطنين».
وأوضح الدراوشة أن المستوطنين يقتلعون أشجار الزيتون من جذورها التي عمرها أكثر من 200 عام، ويزرعونها في مستوطنة إيتمار والمستوطنات الإسرائيلية الأخرى، كما يحرقون الأشجار كثيرة الثمار .
وأشار إلى أن عدداً من أهالي قرية عورتا اندهشوا هذا العام لاقتلاع عشرات أشجار الزيتون المزروعة في أراضيهم، ومنهم سليم شحادة الذي فقد 30 شجرة، وفواز قاسم الذي فقد 70 شجرة .