انقلابيو هندوراس يحاربون الرئيــس المعزول بالموسيقى الصاخبة
ارتفع صوت المكبرات بالموسيقى، ليس بالطبع لتحية الرئيس الهندوراسي المخلوع، مانويل زيلايا، المستحكم داخل السفارة البرازيلية في بلاده، ولكن، لإزعاجه ومرافقيه، ضمن حملة تشنها الحكومة الانتقالية في هندوراس، لإقلاق منامه وزعزعت استقراره النفسي.
ويعيش زيلايا وضعاً غريباً داخل السفارة تحت الحصار المشدد، في الوقت الذي لا يستطيع فيه الجيش اجتياح السفارة، ولا يستطيع زيلايا مغادرتها. كما أن الدخول والخروج من السفارة محدود للغاية، عدا موظفي الأمم المتحدة، ومنظمة حقوقية محلية تجلب الطعام من الخارج، وطاقم السفارة، وثلاثة من مبعوثي زيلايا مُصرّح لهم بالدخول والخروج مراراً.
ويصف زيلايا السفارة بأنها بمثابـة معسكر للنازيين الجـدد. وعلى الرغم من المبالغة، فإن حياته في السفارة تختلف اختلافاً كبيراً عن حياتـه رئيساً معترفاً به من المجموعـة الأوروبيـة والولايات المتحدة .
وبسبب الدواعي الأمنية، ينام زيلايا في سرير هوائي في غرفة المكتبة الصغيرة التي تبعد نوافذها عن مرمى القناصة في الجانب الآخر من السفارة، ويحرس زيلايا أربعـة حراس أمنيين عـلى الأقـل في الغرفة المجاورة.
وعلى الرغم من ذلك، لم يفقد زيلايا روح المرح، حتى في أحلك الظروف، وكثيراً ما يختار ضحية من مساعديه ليسخر منه، إلا أن هدفه المفضل سكرتيره الصحافي لويس غلادميز.
في الأيام الأولى، يعيش زيلايا في المكتب الفسيح الخاص بالسفير، بيد أنه اعتقد أن المكتب أكثر عُرضة للخطر، وادعى بأنه «مستهدف بمتفجرات إلكترونية وموجات صوتية تسبب له الصداع وعدم الاستقرار الجسدي»، ولكي يتفادى المخاطر المزعومة، تم تغطية نوافذ المكتب بورق الألمنيوم، حيث يقضي معظم وقته. ويتم استخدام المكتب نفسه لتناول الطعام والقيلولة.
ويسير زيلايا في معظم الأحيان بصحبة زوجته اكسيومارا وأقرب مساعديه والدبلوماسي البرازيلي لينيو دي باولا. ويستخدم الجميع أوعية وأدوات بلاستيكية لتناول الوجبات. ويشكو زيلايا من أجهزة تعوق هاتفـه الجوال من التقاط المحادثات فيضطر في بعض الأحيان لتسلق الهضبة الصغيرة في ساحة السفارة، وهو المكان الذي لا يمكن فيه اعتراض المكالمات الهاتفية.
وتتمثل تقاليد لم يتركها زيلايا في قبعة الكاوبوي التي يعتمرها، ويحملها له دائما حارسه الشخصي إدواردو منوز كالتاج كلما خلعها عن رأسه.
ولا تسمح الحكومة الانتقالية سوى بإدخال أنواع معينة من الطعام والبضائع إلى داخل السفارة. ومن الممنوعات إدخال الملابس الجديدة وحقائب النوم والسجائر والوسائد وكرات القدم والبطاريات والإيبود والتلفزيون والهواتف النقالة والثلاجات وملابس المطر، وبعبارات أخرى، كل ما من شأنه أن يحسّن نوعية الحياة.
ويتم استخدام الكلاب البوليسية للتأكد من أن الطعام لا يحتوي على مخدرات، وفي بعض الأحيان يحتفظ رجال الشرطة بمرطبات وحلويات لانفسهم.
وتعد أخت زيلايا بإعداد طعامه وإرساله له، لأنه يخشى من أن يدس أحدهم السم في طعامه.
قبل فترة قليلة، نظمت حكومة الأمر الواقع حملة لمضايقة زيلايا، كان أسوأها بين 16 و 21 الجاري، حيث خرقت الموسيقى القوية صمت الليل المحيط بالسفارة، منطلقة من مكبرات الصوت والأبواق، ومحاكاة صراخ الحيوانات، بما في ذلك تقليد أصوات القطط والكلاب والصراصير، ما أقلق منام كثيرين داخل السفارة. إحدى الأغاني «فار برجلين» تم بثها مراراً وتكراراً، ولم يكن اختيار الأغاني حصيفاً «الفار القذر، الحيوانات الزاحفة، إنسان دنيء، والقملة الملعون كم من الأذى سببته لي». عندما غنت المغنيـة المكسيكية باكويتا لا ديل باريو الأغنية كانت تقصد حبيباً سابقاً، بيد أن الحكومة العسكرية تقصد أمراً آخر، هو مضايقة زيلايا.
واتخذت إجراءات التفتيش أسلوباً أكثر صرامة للحد الذي نفد فيه الطعام، وأصيب 30 شخصاً بالإسهال، للحد الذي اختنقت فيه حمامات السفارة. ويخصص لزيلايا وزوجته ومساعديه المقربين ثلاثة حمامات.
هناك قوانين صارمة، حيث لا يمكن إدخال الفواكه بمعزل عن الطعام، إلا إذا صاحبتها وصفة طبية.