آمال استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط تبدو سراباً
تدهورت العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية كثيراً منذ اتفاقية أوسلو عام ،1993 والتي وقعها الراحلان رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها إسحق رابين والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في حديقة البيت الأبيض، بحضور الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون. وأدى انهيار الاتفاقية إلى استقطاب حاد ودراماتيكي بين الطرفين، حيث يحكم إسرائيل أكثر الحكومات تشدداً، في حين تحول فلسطينيين كثيرين إلى متشددين.
وتوج تدهور العلاقات بين الطرفين بالحرب الشرسة التي شنتها إسرائيل على غزة في يناير الماضي. وصدر تقرير عن الأمم المتحدة أشار إلى أن الطرفين ارتكبا جرائم حرب، ما أدى إلى زيادة التوتر، والذي لمسته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عندما زارت إسرائيل أخيراً، في محاولتها اليائسة لإنقاذ عملية السلام.
وذكرت مصادر البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما فكر بإجراء الزيارة بنفسه من أجل عملية السلام، لكن، نظراً إلى أن الفرص لا تبدو واعدة كما ينبغي، قرر إرسال وزيرته كلينتون التي تعمل جاهدة مع السيناتور جورج ميتشل لإعادة عملية السلام إلى مسارها. وتبدو التوقعات غير مطمئنة لأسباب عدة، منها أن علاقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع كلينتون ليست على ما ينبغي.. ويحمل موظفون عديدون في وزارة الخارجية ذكريات سيئة من التعاطي مع نتنياهو عندما كان رئيساً للوزراء في 1996 . واتهم مسؤول أميركي كبير، هو دينيس روس، نتنياهو بأنه عمل عامداً على إعاقة محاولات بيل كلينتون للتوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في المفاوضات التي انهارت في كامب ديفيد. وقال مسؤول إسرائيلي إن الرئيس أوباما «تعمد انتقاد إسرائيل في خطابه في القاهرة بشأن المستوطنات في الضفة الغربية لإحراجها، لكنه لم يمارس أية ضغوط على العرب».
وثمة مشاعر في دوائر الحكومة الإسرائيلية مفادها أن مسؤولين عديدين كانوا في إدارة الرئيس بيل كلينتون، يعملون مع زوجته الآن، لايزالون يذكرون سلوك نتنياهو السيّئ في تلك الفترة، ما جعل الأخير يزداد عناداً. وأمضى نتنياهو معظم زيارته إلى لندن في لقاءات خاصة لتبرير الحاجة إلى بناء المستوطنات لسد الحاجة المتزايدة للمستوطنين.
وازدادت معارضة إسرائيل، في ظل حكومة نتنياهو ، لمبدأ الأرض مقابل السلام، وهي الصيغة الأساسية التي تمحورت حولها المفاوضات السابقة. وعندما جاء رئيس الحكومة السابق إيهود اولمرت إلى لندن العام الماضي، أكد أنه تفاوض مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على هيكلية اتفاق تقوم بموجبه إسرائيل بتقديم تنازلات «مؤلمة»، للتوصل إلى الاتفاقية. ولكن، في هذه الأيام، ليس هناك من مستشاري نتنياهو من يتحدث بهذه الطريقة.
وفي المقابل، صعّد إلحاح الحكومة الإسرائيلية على استمرار الاستيطان من غضب القادة الفلسطينيين الذين أخذوا يتحدثون في ما بينهم عن أن وعود أوباما «تبخرت». وكانت هذه خلاصة تقرير وضعته سلطة عباس الذي قاد المفاوضات في اتفاقات أوسلو في بداية تسعينات القرن الماضي. وبات موقف عباس ضعيفاً جداً، إلى درجة أنه أصبح عاجزاً عن التفاوض بشأن اتفاق مشابه لاتفاق أوسلو، حتى لو أراد ذلك.