حقائق الشرق الأوسط المدفونة
كانت الصحافية الإسرائيلية أميرة هاس محقة، عندما قالت الأسبوع الماضي إن الجائزة التي تلقتها عن نشاطاتها طوال حياتها كانت جائزة عن الفشل. وشرحت مراسلة صحيفة «هآرتس» في الضفة الغربية لقناة «الجزيرة» الإنجليزية كيف أنها تلقت جائزة الفشل، لأنه على الرغم من الحقائق التي تحدثت عنها، وكذلك زملاؤها من الصحافيين حول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، فإن العالم لم يفهم ما المقصود بالاحتلال، ولايزال يستخدم كلمات مثل «إرهاب» و«الحرب على الإرهاب».
وكانت أميرة هاس محقة تماماً، إذ إن معظم الصحافة والتلفزة الغربية تتميز بانعدام الشجاعة دائماً عندما يتعلق الأمر بمشاركتها في ما وصفه العالم الأميركي نعوم شومسكي بـ «صناعة القبول».
وعندما تقرر الحكومة والمحررون وإدارة التلفزيون التوافق على «قصة معينة»، فالمؤكد أن «الجدار» الإسرائيلي يصبح جدار الأمن أو «سياجاً»، وأي دكتاتور عربي حليف للغرب «الرجل القوي»، والأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل «متنازع عليها»، بحيث تصبح المعاملة نوعاً من العنف والوحشية يتم تجميلها.
ويتحدث التاريخ عن مذبحة تعرض لها الأرمن في ،1915 حيث قتل نحو مليون ونصف المليون شخص، لكن، تعالوا ننظر كيف وصفها الإعلام الغربي .
في 13 أكتوبر الجاري، أشارت وكالة «رويترز» إلى ما حدث بوصفه «القتل الجماعي للأرمن في الحرب العالمية الأولى من الدولة العثمانية، والذي تصفه أرمينيا بالإبادة الجماعية، وهو ما ترفضه تركيا». وكذلك مضت «أسوشييتدبرس» على الدرب نفسه، فكتبت «تقول أرمينيا ومؤرخون إن الأتراك العثمانيين ارتكبوا مجزرة بحق الأرمن في وقت مبكر من القرن الماضي، وهي التهمة التي ترفضها تركيا». وهل يمكن أن نتخيل الضجة التي ستحدث لو أن «رويترز» أشارت إلى «القتل الجماعي» لليهود من ألمانيا النازية بكلمات من قبيل «يقول اليهود إنها كانت إبادة جماعية، وهي تهمة يرفضها الألمان اليمينيون والنازيون الجدد؟»، أو أن «أسوشييتدبرس» كتبت «تقول إسرائيل والعديد من المؤرخين إن ألمانيا النازية ارتكبت إبادة جماعية ضد اليهود في الحرب العالمية الثانية، وهي تهمة يرفضها الألمان اليمينيون؟». بلا ريب كان العالم سيستشيط غضباً.
ترجمة: حسن عبده حسن عن «إندبندنت»