الهند تتدخّل في أفغانستان لحماية مصالحها
تشابكت خيوط الأزمة في أفغانستان وازدادت تعقيداً، في الوقت الذي تتقاطع فيه مصالح القوى الكبرى والدول المحيطة بشكل أصبح ينذر بإطالة الصراع إلى أمد غير مسمى. وتسعى القوات الأميركية والبريطانية إلى تحقيق النصر بشتى الوسائل وتدفع من أجل ذلك فاتورة ضخمة. وخلافا للولايات المتحدة والدول التي أرسلت جنودها إلى أفغانستان، تفضل الهند أن تلعب بطريقة مختلفة دون التضحية بجنودها، وعملت الهند منذ سنوات على تطوير «قوة ناعمة» في بلاد قطعت الحرب أوصالها، إلا أن مقتل مواطنيها في التفجيرالذي استهدف سفارتها في كابل قد يخلط أوراق حساباتها، ويعتقد أن جماعة حقاني الباكستانية هي التي كانت وراء الهجوم الدموي. والواضح أن ميليشيات تنشط في أفغانستان غير راضية عن الوجود الهندي، وبالتالي فهي تسعى إلى إرغام الهنود على مغادرة البلاد وقطع علاقاتهم بحكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي.
لم تفلح الهند في تأمين سفارتها في كابل رغم التعزيزات التي قامت بها العام الماضي عقب الهجوم الأول الذي استهدفها، ويرى المراقبون أن هناك تياراً أفغانياً على الأقل يرفض الاستراتيجية الهندية في أفغانستان. وفي المقابل، لا يجد المواطن الأفغاني العادي مشكلة في تدخل نيودلهي في شؤون بلاده الداخلية بعد أن أسهمت في إنشاء خط كهربائي لإمداد العاصمة بالطاقة، طوله 202 كيلومتر. كما تقوم الشركات الهندية برصف الطرقات وتطوير القطاع الصحي، إضافة إلى المساهمة في وضع المناهج المدرسية وتأهيل الكوادر التعليمية. يذكر أن نيودلهي رفضت المشاركة في العمليات العسكرية أو إرسال جنودها، وقالت إنها ستكتفي بدعم الحكومة الأفغانية في المجالات المدنية.
وينظر المراقبون في الغرب إلى التدخل الهندي في أفغانستان وتهميش باكستان بأنه يشكل خطراً على المدى البعيد. ومهما يكن فإن الدور الهندي لن يكون مجدياً إلا إذا تم القضاء على حركة طالبان بشكل نهائي لأنها لن تقبل بأي حال من الأحول بتدخل الهند. ولسوء حظ نيودلهي فإن الحركة بدأت تسترجع قوتها وتستعيد سيطرتها على بعض المناطق. ومع ذلك مازال الإجماع في شبه القارة الهندية قائماً بالاستمرار في الحياد العسكري وعدم المجازفة بإرسال الجنود.
وفي هذه الأثناء، عبر بعض الساسة الهنود عن مخاوفهم من أن تعبر الأزمة حدود باكستان وأفغانستان، لتصل إلى بلادهم وتزعزع استقرارها. ومنذ سنوات التزمت نيودلهي بدعم الحكومة المركزية في كابل دون المشاركة المباشرة في العمليات الأمنية، الأمر الذي أصبح صعبا في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وعودة حركة طالبان إلى الساحة.
وتشكل طالبان هاجساً للحكومة الهندية وعودتها إلى الحكم سيكون كارثة حقيقية. وقد نصحت نيودلهي المسؤولين في البيت الأبيض بعدم التسرع في اتخاذ قرار بالانسحاب من أفغانستان قبل أن يستتب الأمن فيها، ويتم القضاء على الحركة. من جهة أخرى، يرى مراقبون أن الشعب الأفغاني وحده هو من يجب أن يقيّم أداء الهند في بلاده، وإن كان تدخلها سيكون في مصلحته أم لا، وليس الغرب لأن مصلحته في استقرار أفغانستان وعودتها إلى حضن الأسرة الدولية. ولا يجب الخوف كثيراً على الهند لأن هذه الأخيرة قادرة على حماية حدودها ومصالحها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news