أوروبا الشرقية تحن لأيام «الفقر الاشتراكي»

ألمان يجتازون سور برلين عام 1989 .                أ.ب

في الغابات الكثيفة لجزيرة برسين الخلابة التي تقع على نهر الدانوب، حيث تعيش نسورالبحر وطيور الغاق القزم المهددة بالانقراض تقع خرائب معسكر اعتقال مرعب يعود الى العهد الشيوعي.

ولقي المئات من «أعداء النظام» حتفهم من شدة التعذيب وسوء التغذية أو الانهاك في معتقل بيلين ببلغاريا خلال الفترة من 1949 الى ،1959 حيث كانت تلقى الجثث للخنازير كي تلتهمها.

وبعد 20 عاماً من انهيار الشيوعية طوى النسيان مدينة بيلين بصورة كبيرة، ولم يعد هناك من شاهد على ذلك التاريخ المروع سوى لوحة رخامية صغيرة. وأصبح هناك حنين جارف للماضي في بلغاريا وفي أنحاء الدول السوفييتية السابقة.

وأدى اخفاق الرأسمالية في رفع مستوى المعيشة وفرض سيادة القانون والحد من الفساد والمحاباة الى شيوع ذكريات زمن لم تكن فيه بطالة، وكانت اسعار المواد الغذائية زهيدة، والامن الاجتماعي مستتباً.

وقال رومن بتكوف (42 عاماً) وهو حارس سابق يعمل الآن موظفاً فيالسجن الوحيد الذي مازال قائماً في جزيرة برسين «طوينا الذكريات الأليمة».

وأضاف «الحنين أصبح جارفاً، لاسيما بين كبار السن». وكان الشيوعيون يسجنون العشرات من ذوي الاصول التركية هنا فيالثمانينات عندما رفضوا تغيير أسمائهم إلى أسماء بلغارية.

وهناك أيضا بعض الشبان في بلدة بيلين الفقيرة التي يربطها بالجزيرةجسر مؤقت لايزالون يتحرقون شوقاً للماضي. وقالت انيليا بيفا (31 عاما) (كانت حالنا أفضل في الماضي). وأضافت «كنا نذهب في عطلات الى الساحل والجبال. كان هناك الكم الوافر من الملابس والاحذية والطعام. والآن فإننا ننفق أكثر دخلنا على الطعام. الحاملون لشهادات جامعية عاطلون والكثير منهم يسافر للخارج».

أما في روسيا فقد شهدت السنوات الاخيرة افتتاح عدد من المطاعم ذاتالطابع السوفييتي العتيق في موسكو. ويقيم بعضها أمسيات تعيد ذاكرة البعض للماضي ويرتدي خلالها الفتيان والفتيات ملابس تشبه ملابس الكشافة ويرقصون على نغمات سوفييتية كلاسيكية. ومازالت الشمبانيا (السوفيتية) وشوكولاتة (أكتوبر الاحمر) هي الاصناف المفضلة للاحتفال بأعياد الميلاد. وتنتشر بصورة كبيرة في الصيف قمصان وقبعات عليها الاحرف الأولى التي ترمز للاتحاد السوفييتي السابق. يقول محللون انه في حين أنه ليست ثمة رغبة حقيقية في عودة الانظمة القديمة فإنهم يرون اللامبالاة نتيجة حتمية.

وكتب اختصاصي علم الاجتماع البلغاري فلاديمير شوبوف في موقع علىالانترنت يقول «الضرر الاكبر الذي يسببه الحنين هو أنه يجهض الطاقة اللازمة للتغيير الفعلي».

وشاعت مشاعر الاستياء تجاه الديمقراطية في أنحاء شرق أوروبا الشيوعية السابقة، وتقول مراكز استطلاع الرأي ان الريبة تجاه النخبة الحاكمة التي جعلت من شعوبها مواطنين في الاتحاد الاوروبي سجلت مستويات متعاظمة للغاية. وأظهر استطلاع اقليمي أجراه مركز بيو الاميركي للابحاث في سبتمبر أن تأييد الديمقراطية والرأسمالية شهد تراجعاً ملموساً في أوكرانيا وبلغاريا وليتوانيا والمجر.

ويقول أكثر من 60٪ إن حياتهم كانت أفضل في الماضي، حتى على الرغم من أن الطوابير الطويلة لشراء أي منتجات كانت من الاشياء المعهودة، وأن المحسوبية كانت هي الطريقة الوحيدة للحصول على بضائع أكثر قيمة وكان شراء منتجات مثل الجينز أو الكوكاكولا امراً شبه مستحيل، في ما كان شراء سيارة يتطلب الانتظار 10 سنوات.

تويتر