ميسون زايد.. فلسطينية تدافع عن شعبها بالكوميديا
تحمل هموم شعبها وأحزان أطفاله ومعاناتهم على كتفها، وتؤمن بقوة بأن فن الكوميديا أسلوب ناجع لعلاج الاضطرابات النفسية للأطفال الفلسطينيين من خوف وإحباط وبكاء واكتئاب وتبول لا إرادي وكوابيس وغير ذلك، نتيجة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، والتي لم تستثن أياً من الأطفال أو النساء أو الشيوخ.
إنها ميسون زايد( 33 عاماً ) من نيوجيرسي التي تقول: «أنا المظلوم الأكبر والأكثر تعرضاً للاظطهاد في العالم، وأعتقد بعمق أن الكوميديا تمسح الحزن، وتعيد رسم الابتسامة على شفاه الأطفال». وتضيف ميسون التي تعاني شللاً جزئياً في شطر من وجهها أن هذا الأمر يسبب لها حرجاً وأذى في المطارات وفي أثناء السفر، ولكن لديها إرادة حديدية لتحويل المرض وتفجير كل ما لديها من طاقة في هيئة إبداع إنساني جميل، على الرغم من العقلية الشرقية التقليدية والمستبدة لوالدها.
وشاركت ميسون في تأسيس «مهرجان نيويورك العربي الأميركي للكوميديا»، وقدمت عروضاً في الولايات المتحدة وكندا والضفة الغربية ومصر، وحققت نصيباً من الشهرة في هذه البلدان، وتعمل حالياً على إنتاج فيلم سينمائي سيكون أول فيلم أميركي ببطولة نسائية مسلمة، إضافة إلى أنها تشارك في حلقات جديدة، يتم تصويرها حالياً من الجزء الثاني من المسلسل التلفزيوني الأميركي «الجنس والمدينة ».
وأمام حشد من الشبان والفتيات في كاليفورنيا أخيراً، تحدثت ميسون بإسهاب عن معاناة الأميركيين العرب بعد أحداث « 11 سبتمبر 2001»، وما تعرضوا له من تهميش وتشكيك في هويتهم كمواطنين أميركيين. وتقول «الكوميديا هي المعاناة والألم إضافة إلى الوقت»، وإنها وزملاءها يطوفون المدن والبلدان لتقييم عروضهم التي تدور موضعاتها حول ممارسات الاحتلال وتصريحات ومواقف المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين ومفارقات الحياة اليومية للفلسطيني، وتقدمها بسخرية في قوالب ضاحكة ممتزجة بالمرارة، وذلك تحت شعار «أصبح العرب متوحشين».
وتدير ميسون جمعية ميسون الخيرية للأطفال في مخيم عايدة للاجئين القريب من بيت لحم، وتنظم لهم ورش عمل ونقاش حول الثقافة والمسرح والتمثيل وفن الكوميديا. وتقول إن «سكان مخيم عايدة هم من الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم وتشريدهم من قراهم في مناطق ،1948 والتي أصبحت تعرف باسرائيل، وفتح أطفال المخيم عيونهم على أصوات الرصاص ووسط عمليات الحصار واقتحام البيوت، وأحاول تعليمهم كيف يحولون كل مخزونهم من تجارب المرارة والخوف والإحباط إلى إبداع إنساني على شكل (سكيتشات) ضاحكة ومقاطع كوميدية».
وتركز جمعية ميسون نشاطها على الأطفال المعاقين بصورة خاصة وتوفير احتياجاتهم، وتنظم ندوات ولقاءات لذويهم ومعلميهم، وترى ميسون إن الفن علاج لما يعاني منه هؤلاء الذين ليست لديهم وسيلة للتعبير عما في نفوسهم، وتصريف ما فيها من أحزان وآلام وغضب. وتضيف «في أثناء الانتفاضة الثانية، شاهدت على التلفزيون كيف اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي بكل قسوة نابلس ورام الله وجنين وغيرها وألحق بها أذى شديداً، وكيف تعرضت كنيسة المهد في بيت لحم للحصار، وسيطر علي قلق عميق لأن جيلاً كاملاً من الأطفال الفلسطينيين سيصاب بأشكال مختلفة من الإعاقة والمرض، في مجتمع لا يعرف جيداً كيفية التعامل معها».
وتعتقد الأميركية الفلسطينية الأصل أن الكوميديا موجودة كجزء طبيعي في تفاصيل الحياة اليومية للفلسطينيين الذين لا يكفون عن الحديث في كل شيء. وفي احدى ورش العمل، طلبت ميسون من الشبان والفتيات أن يقوم كل منهم بتحويل قصة حزن أو تجربة مريرة في حياته إلى عرض كوميدي، وتروي كيف أن أحدهم نجح بشكل مذهل في تحويل تفاصيل حياته في سجون الاحتلال إلى عرض ساخر وضاحك، تتخلله مرارة المعاناة، وتقول «من المذاق المر للمعاناة والخوف ومصادرة الحرية إلى مهارة العرض الفني والتألق في ذلك أمام جمهور متشوق تتجلى الإنسانية في أرقى صورها وأجمل معانيها».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news