ذكرى عرفـــات غابت عن غزة
لم يشهد قطاع غزة للعام الثاني على التوالي منذ حدوث حالة الانقسام الداخلي، أي فعالية لإحياء الذكرى الخامسة لاستشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، في ظل حالة الخلاف بين حركتي فتح وحماس، بينما لم يجد عناصر فتح في غزة أي طريقة لإحياء ذكرى عرفات إلا منازلهم وتبادل الرسائل القصيرة عبر هواتفهم النقالة.
وأكدت حركة فتح أنها تقدمت بطلب لحركة حماس عبر حركة الجهاد الإسلامي كوسيط لإقامة فعاليات جماهيرية، فيما نفت حركة حماس تلقيها أي طلب رسمي من حركة فتح لإحياء ذكرى عرفات، مؤكدة أنها تمنع أي فعالية تجنباً لحدوث فوضى كالتي حدثت قبل عامين.
وكان القطاع قد شهد في الذكرى الثالثة لرحيل عرفات، وبعد عام من الانقسام توتر بين عناصر من حركة فتح والشعب، الذين خرجوا بأعداد كبيرة، وعناصر الأمن التابعة للحكومة المقالة، وشهدت سقوط ضحايا وإصابات.
وقال النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة فتح فيصل أبو شهلا لـ«الإمارات اليوم» إن «حركة حماس منعتنا من إقامة أي مظهر من مظاهر إحياء الذكرى الخامسة لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات في غزة، حيث كنا نعتزم إقامة مهرجانات جماهيرية، وأدخلنا وساطة من حركة الجهاد الإسلامي لموافقة حماس على إقامة تلك المهرجانات، ولكن قوبل ذلك بالرفض».
وأضاف: «اتجهنا إلى هيئة العمل الوطني بأن تنظم مهرجاناً بسيطاً في قاعة رشاد الشوا الثقافية بغزة، وأن تعلق صور الرئيس وتضاء الشموع، وأن تقوم الهيئة بذلك، على اعتبار أن أبا عمار هو رئيس كل الشعب الفلسطيني وليس حركة فتح وحدها، ولكن رفض هذا الطلب أيضاً».
وأوضح أبو شهلا أن الحكومة المقالة استدعت عدداً من قيادات وعناصر حركة فتح في غزة، ووجهت لهم إنذارات بمنع إلصاق الصور في الشوارع، أو القيام بأي مظهر لإحياء ذكرى أبي عمار، وحتى تم منع طلبة المدارس بارتداء كوفية ياسر عرفات في محاولة للتعبير عن وفائهم له.
ولم يكن أمام حركة فتح أي وسيلة لإحياء ذكرى رحيل أبي عمار، بحسب أبو شهلا، إلا منازل ومكاتب قيادات الحركة في غزة، حيث استقبلوا قيادات وعناصر الحركة في منازلهم ومكاتبهم، وهناك من ألصق صور ياسر عرفات وأضاء الشموع وذكر مناقب الرئيس ومسيرته النضالية.
وقال النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح إن «الرئيس أباعمار كان صمام وحدة الشعب والفصائل، ولكن في ظل غيابه افتقدنا ذلك، ونعيش في ظل انقسام قاتل، كما أن الرئيس لا يستحق منا أن نتعامل في ذكرى استشهاده بهذه الصورة».
من جهته نفى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس محمود الزهار، اعتقال حكومته أفراد حركة فتح في غزة على خلفية إحياء ذكرى عرفات، حيث قال: «نحن لم نلاحق أحداً كان يرتدي الكوفية أو أراد الاحتفال بذكرى رحيل عرفات بارتدائه الكوفية أو إلصاق الصور، ولكن ما حدث أن بعض الشباب والطلاب حاولوا إخراج الطلبة من المدارس وبالتالي تعطيل العملية التعليمية وكانوا يرتدون الكوفية، فتم تفريقهم من قبل عناصر الأمن، وليس ملاحقة عناصر فتح».
وأكد أن حماس لا تتعامل بسياسة الفعل ورد الفعل مع حركة فتح، وأنها تمنع إقامة فعالية لهم في غزة مقابل منعهم من ذلك في الضفة.
وأشار الزهار إلى أن حماس سمحت لفتح قبل عامين بإقامة مهرجان جماهيري ضخم، ولكن تم إطلاق النار من داخله، وحدثت فوضى وسقط ضحايا، موضحاً أن حماس ترفض إقامة أي فعالية حتى لا تتكرر مظاهر الفوضى، وأن الأوضاع لا تحتمل أي توتر بين الطرفين.
وقال عضو المكتب السياسي لحماس في تصريح خاص لـ«الإمارات اليوم» إن «يوم 11 نوفمبر هو ذكرى اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات وليست ذكرى رحيله، والمفروض على من أحياها من قيادات فتح والسلطة أن يكشفوا أولا عن الأشخاص الذين تورطوا في اغتياله، وأن يشكلوا لجنة طبية وسياسية من أجل ذلك، بدلاً من أن يلهوا الشعب بحفل إحياء، وهم لا يعرفون من اغتاله وظروف الاغتيال».
وأضاف متسائلاً: «لماذا لا تعلن فرنسا تقريرها الطبي عن سبب وفاة عرفات؟ فالكل يعرف أن إسرائيل هي من قتلته، ولكن يجب الكشف عن اليد التي اغتالته».
من جهة أخرى رفض القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش، التصريح حول رفض أو قبول حماس بوساطة حركته بين الطرفين لإقامة فعالية بذكرى رحيل عرفات، خشية زيادة التوتر بين الحركتين، واكتفى بقوله إن «حركة فتح توجهت لنا بأن نكون وساطة بينهم وبين حماس».
رسائل قصيرة
لم يجد عناصر ومناصرو حركة فتح في غزة أي وسيلة لإحياء ذكرى أبي عمار، سوى تبادل الرسائل القصيرة عبر هواتفهم النقالة وإلصاق الصور وإشعال الشموع في منازلهم، فقد تلقى الشاب «ج.ص» أحد مناصري فتح رسالة قصيرة من أحد عناصر الحركة، حيث كان مضمونها «لنجعل من منازلنا أماكن لإحياء ذكرى الشهيد الرئيس أبي عمار، ولنشعل الشموع وفاءً لروحه».
فيما تبادل العديد من مناصري فتح رسالة قصيرة كان مضمونها «أمانة في أعناقكم أن تقرأوا الفاتحة على روح الشهيد عرفات».
وقال الشاب (ج.ص) الذي اكتفى بذكر الحرف الأول من اسمه «لقد تأثرنا كثيراً عندما شاهدنا عبر التلفاز إحياء ذكرى أبي عمار في الضفة الغربية وفي الشتات ولم نتمكن من القيام بذلك في غزة، فتاريخ 11 نوفمبر هو ذكرى وفاة رئيس كل الشعب الفلسطيني، وليس حركة فتح لوحدها، لأنه هو من ناضل من أجلنا وهو الوحيد الذي بقي آخر نفس يردد مقولته المشورة (على القدس رايحين شهداء بالملايين)».
وقال الصحافي عبدالرحمن زقوت إن «الواقع الذي نعيشه في غزة مرير أكثر من ذكرى رحيل عرفات، حيث الانقسام والحصار، ومنع الشعب من إحياء ذكرى رئيسهم، من أجل منع فتح من إقامة أي فعالية، وبالتالي هذا منع لكل الشعب الذي لا ينتمي إلى فتح أو حماس».
وعبر زقوت الذي لا ينتمي لأي فصيل فلسطيني، عن استيائه من الحالة التي وصلت إليها حركتا فتح وحماس، حيث التعامل بسياسة الفعل ورد الفعل، وأن الصراع صبح بينهم صراع رايات وصور ترفع في غزة والضفة.
رصد حقوقي
ورصـد ديـوان المظالم التابع لهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بغزة، وفقا لمعلوماته، قيام جهاز الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية في قطاع غزة بحملة استدعاءات يوم 10 نوفمبر الجاري طالت العشرات من كوادر وأنصار حركة فتح في محافظات القطاع، وطالبهم بعدم القيام بأية فعاليات تتعلق بالاحتفال بالذكرى، وبتاريخ 9 نوفمبر الجاري قامت عناصر من وزارة الداخلية بإبلاغ أصحاب المطابع بعدم طباعة أية مواد إعلامية خاصة بحركة فتح.
ووفقاً لمعلومات الهيئة فقد قامت عناصر من شرطة الحكومة المقالة بتاريخ 10 نوفمبر الجاري بمنع ممثلي هيئة العمل الوطني من عقد مؤتمر صحافي في وكالة رامتان، يتعلق بإلغاء الاحتفالات التي كان من المقرر عقدها اليوم الأربعاء الموافق 11 نوفمبر الجاري في مركز رشاد الشوا الثقافي في مدينة غزة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news