إسرائيل تبني مركزاً لليهود المتـــــــشدّدين في حائط البراق
في إطار الحملة الإسرائيلية المتصاعدة لتهويد مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، أودعت اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء التابعة لحكومة الاحتلال في القدس مخططا لإقامة مركز ديني كبير لليهود المتشددين، في الجهة الشمالية لساحة حائط البراق.
ويهدف المخطط الذي قدمته شركتان لليهود المتشددين، التي تعود ملكيتها للحكومة وتتلقى الدعم الكبير منها، إلى توسيع مدرسة «بيت شطراوس» اليهودية المقامة حاليا في ساحة البراق وسيحجب المركز قبة الصخرة والمسجد الأقصى، كونه متاخماً لهما كما سيمثل مدخلا مباشرا للحفريات أسفل الأقصى.
وكان المخطط قد كشف عنه محامٍ فلسطيني متخصص بشؤون البناء والتطوير في القدس، بعد فترة بسيطة من الإعلان عنه في نهاية شهر أغسطس الماضي، وذلك خلال محاولاته للدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس التي تتعرض لمخططات الاحتلال.
مخطط سريع
وقال المحامي الفلسطيني قيس ناصر، المتخصص بشؤون البناء والتطوير في القدس لـ«الإمارات اليوم» في اتصال هاتفي إن «المخطط يأخذ صفة الكشف، حيث إن الاحتلال لم يعلن عنه في ساحة البراق أو بالأماكن المحاذية له بأي طريقة من الطرق، ولم ينشره في صحف عربية واسعة الانتشار بل نشره في صحف عبرية وفي صحيفة عربية أسبوعية ضيق الانتشار ولا يقرأها إلا ما نسبته 1٪ من فلسطينيي الداخل».
وأضاف «تم تقديم المخطط نهاية شهر أغسطس الماضي، من قبل مؤسستين لليهود المتزمتين، وانتهت فترة الاعتراض الأسبوع الماضي، حيث إن المهلة المسموح بها للاعتراض 60 يوما منذ تقديمه، ولم يتمكن أحد من الاعتراض عليه بسبب التكتم عليه، وعدم نشره بشكل قانوني».
ولم يستبعد ناصر الاعتراض عليه حتى بعد إيداع،ه بسبب خطورة المخطط والمساس بالمقدسات الإسلامية ستقدم اعتراضات فلسطينية ضده، ولكن في حال أن يتم تقديمه من قبل متخصصين فلسطينيين على أسس القانون الدولي والمحلي، الذي يبطل أو يعرقل المخطط.
وتناقش اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في القدس المخطط، بعد أن انتهت فترة إيداعه، بحسب ناصر حيث ستقوم بالاستماع للاعتراضات المقدمة ضده إن وجدت، وبعد ذلك ستصادق عليه أو تجري بعض التعديلات عليه للمباشرة في تنفيذه ومن المحتمل أن تصادق على المخطط في الأشهر القريبة إن لم يقدم اعتراض قانوني مفصل يعرقل المخطط.
وأوضح المتخصص بشؤون البناء في القدس، أن المخطط يسير بسرعة كبيرة جدا، حيث لم تمضِ 60 يوما على تقديمه حتى وصل إلى فترة إيداعه، مقارنة ببعض المخططات التي تحصل على الإيداع بعد عامين من تقديمها. لافتا إلى أن السرعة بإيداع هذا المخطط، تعني المصادقة ما لم يتم تقديم اعتراض دولي ومحلي على نطاق واسع ضده.
وبين أن مخطط إقامة المركز هو توسيع لمدرسة مقامة حاليا لليهود المتزمتين في ساحة البراق، واسمها «بيت شطراوس» وتبلغ مساحتها 750 مترا، وسوف تزداد المساحة وفق المركز المقترح إلى 1750 مترا.
وقال المحامي الفلسطيني الذي يعمل محاضرا لقانون البناء والتنظيم في كلية الحقوق في الجامعة العبرية بالقدس، إن «الخرائط التي حصلت عليها تبين أن المركز سيتكون من أربعة طوابق وسيحجب المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وسيمثل الحد الشمالي لساحة حائط البراق، كما سيكون مدخلا مباشرا للحفريات التي حفرت وتحفر أسفل الأقصى، حيث يستطيع كل من يزور المركز أن يدخل الأنفاق المحفورة». وأضاف أن «المؤسسات التي قدمت المخطط تعمدت أن يؤدي المركز إلى الحفريات حتى يكون سببا للإسراع في المصادقة على إقامته». وكشف ناصر أن المركز سيتضمن نقطة للشرطة الإسرائيلية كي تقوم بكل العمليات الأمنية في الحرم القدسي، مشيرا إلى أن الشرطة تساعد الشركات اليهودية بتسريع تنفيذ المخطط بادعائها أمام لجنة التنظيم اللوائية أن إقامة نقطة الشرطة المقترحة هو أمر ملح وفوري.
طرق ملتوية
وقال المحامي المتخصص بشؤون البناء بالقدس إن «الحكومة الإسرائيلية تنفذ مخططات التهويد في القدس، من خلال شركات خاصة تمتلكها بشكل كامل وتقدم الدعم لها، حيث إن القدس الشرقية بحسب القانون الدولي محتلة ولا يحق لإسرائيل أن تغير من الواقع القائم فيها، ولذلك تقوم بضم الأراضي والمقدسات لها بطرق ملتوية وغير قانونية من خلال تلك الشركات».
والشركتان اللتان قدمتا مخطط المركز في ساحة البراق، بحسب ناصر، تابعتان لليهود المتزمتين، الأولى هي «شركة تطوير الحي اليهودي»، التي تملكها وزارة الإسكان الإسرائيلية بشكل كامل وتزودها سنويا بمبالغ طائلة لتنفيذ مخططات التهويد في القدس، أما الثانية فهي «صندوق الحفاظ على تراث المبكى»، وتتبع مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية مباشرة.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أبرمت اتفاقية مع الشركة الأولى عام ،1971 تؤجر فيها الأوقاف الإسلامية في ساحة البراق وجوارها التي كانت إسرائيل صادرتها منذ سنين، كما أوكلت الحكومة للمؤسسة الثانية عام 2004 علاج شؤون ساحة البراق، وهو ما يخولها بشكل غير قانوني إصدار وتطبيق مخططات التهويد في ساحة البراق.
وأشار ناصر إلى أن الشركتين هما اللتان قدمتا مخطط باب المغاربة، ومخططات تهويد المتزمتين، كما لهما دور في الحفريات أسفل الأقصى بل هما الطرف الأول المستفيد من تلك الحفريات.
وكان المحامي قيس ناصر قد تمكن من الحصول على قرار من المحكمة الإسرائيلية بتجميد مخطط الاحتلال في باب المغاربة، بعد أن قام مجموعة من الفلسطينيين في الداخل المحتل من تقديم اعتراض عليه، وأوكلت إليه مهمة معالجته والمطالبة بعرقلته أو تجميده.