المرصد : مصر.. والجزائر

لم يكن مطلوباً في مباراة مصر والجزائر من الإعلام أكثر من الالتزام بالخمسة أسطر الأولى في كتاب «المهنية والحياد» ليتوقف كل شيء، وليُقطع الطريق على حرب البسوس العربية الجديدة، والتي إن كانت سابقتها اندلعت بسبب ناقة فلاحقتها اليوم بسبب «ماتش كورة شراب».

يكاد أصغر طفل عربي يحفظ الأخطاء التي حدثت، ويعرف المتورطين بالاسم والوسيلة الإعلامية.

فمثلاً - واقعة الاعتداء على اللاعبين الجزائريين في القاهرة داهم خبرها مذيعة مصرية، وهي على الهواء فما كان منها، وقبل أن تتحرى ما حدث إلا أن تصف الواقعة بالتمثيلية الهزلية وتتورط في سلسلة جمل وصفية مطولة، تعبر بها عن تخيلها وأحاسيسها هي بدلاً من أن تبذل جهداً وتؤدي عملها، وتسأل الأطراف المختلفة عما جرى.

في المقابل - خرجت صحيفة جزائرية كبرى بمانشيت سقوط ثمانية قتلى في القاهرة، وأسهمت في وصف الكلمات الأخيرة لواحد من هؤلاء القتلى المتخيلين، وفي اليوم التالي، تكتشف كذبة الرواية من ألفها الى يائها.

لقد خرب الإعلام -أو بالأدق وسائل إعلامية جسوراً كثيرة بين الدولتين الشقيقتين، لكنه في طريقه خرب ما لا يقل أهمية عن هذه العلاقة، وهو هامش الإعلام المستقل الذي استطعنا انتزاعه من فم الأسد- من غول التدخلات الحكومية وهيمنة رأس المال وسياسة الغوغائية منذ 10 أو 15 عاماً، كما نجحت المباراة في إعادتنا إلى عصر الإعلام التعبوي، مع الفارق أن التعبئة هذه المرة من أجل «إيدلوجيا حواري»، وليس قضية أمة. لو مرة حقق اتحاد الصحافيين العرب أمانينا وشكل لجنة من الغد - على نحو ما تفعل أميركا وإسرائيل في الملمات الكبرى اسماها «لجنة 14 نوفمبر»، وحقق في كل انتهاك اعلامي حدث في مصر والجزائر وجمع الأدلة والشهادات ورصد، ثم أصدر تقريراً تاريخياً ونزيهاً بشأن ما حدث -لو مرة فعلها لدخل اتحاد الصحافيين التاريخ، ودخلنا نحن معه ملكوت الدول المتحضرة.

تويتر