الاستيطان والجدار يحاصران قرية الجبعة
تواجه قرية «الجبعة» الفلسطينية الواقعة شمال غرب مدينة الخليل حصاراً إسرائيلياً من جميع الجهات، بفعل المستوطنات المقامة على مناطق مختلفة من أراضيها، والتي التهمت أكثر من 45٪ من مساحتها، إضافة إلى جدار الفصل العنصري الذي يعزلها عن المدن الأخرى.
ويعيش سكان القرية البالغ عددهم أكثر من 950 نسمة في ظل معاناة كبيرة، بسبب مضايقات الاحتلال، بينما يخشون من ترحيلهم من أراضيهم للمرة الرابعة منذ نكبة عام ،1948 بهدف تفريغ المنطقة الوحيدة المأهولة في القرية، والتي تقع بين تجمع «غوش عتصيون» الاستيطاني شرقاً، والخط الأخضر أو ما يعرف بـ«حدود إسرائيل» غرباً.
ويزيد الاحتلال من الخناق على سكان القرية، من خلال تسليمهم إخطارات هدم منازلهم، إضافة إلى قرار أصدره أخيرا يمنعهم من البناء حتى لو تقدموا للحصول على تراخيص بناء.
وقال الخبير في شؤون الاستيطان بالضفة الغربية عبدالهادي حنتش لـ«الإمارات اليوم» في اتصال هاتفي إن «الاحتلال يحاصر قرية الجبعة من جميع الجهات، فمن الجهة الشرقية يحاصرها تجمع «غوش عتصيون» الاستيطاني، وتحديداً مستوطنة «بات عين»، ومن الجهة الجنوبية يحيط بها شارع استيطاني يربط التجمع بالخط الأخضر، أما الجهة الشمالية للقرية فتحيطها مستوطنة «هادار بيتار»، إضافة إلى الطوق الإسمنتي الذي فرضه الجدار في الجهة الغربية».
وأضاف حنتش أن هذا الحصار تسبب بمعاناة كبيرة على الأصعدة كافة لسكان القرية، حيث يمنعهم من مزاولة أعمالهم في أراضيهم الزراعية التي تحيطها المستوطنات من جميع الجهات، هذا إضافة إلى قيام المستوطنون خلال الفترة الماضية بقطع مئات أشجار الزيتون المزروعة في أراضي الفلسطينيين.
ويواجه سكان الجبعة، بحسب حنتش، صعوبة بالغة في حركة التنقل داخل القرية وخارجها، حيث يضع جنود الاحتلال حواجز عسكرية على مداخل القرية، ويتم اعتراض طريق المواطنين، وتعريضهم للتفتيش المذل، ما يعرقل وصول العمال والطلبة والموظفين إلى أماكن العمل والدراسة خارج القرية، كما يُمنع دخول السيارات إلى داخل القرية، بل أنها تمنع حتى من الوقوف على مفترق الطرق القريب من الشارع الاستيطاني.
وأشار حنتش إلى أن القرية تفتقر إلى الخدمات الصحية، حيث توجد بها عيادة طبية واحدة، تنعدم فيها المستلزمات كافة الضرورية لعلاج المرضى، ما يضطر السكان للجوء إلى المستشفيات خارج القرية، لافتاً إلى أن هذا الأمر تسبب لهم بمعاناة كبيرة في نقل المرضى بفعل الحواجز العسكرية، إضافة إلى منع سيارات الإسعاف من دخول القرية، ما تسبب في وفاة عدد من المرضى وهم ينتظرون نقلهم إلى المستشفيات أو العيادات لتلقي العلاج.
وذكر الخبير في شؤون الاستيطان، أن الاحتلال حفر خمسة أنفاق في مدينة الخليل ضمن خطة استيطانية للاحتلال تتضمن 33 نفقاً في الضفة الغربية، وأحد تلك الأنفاق يقع في قرية الجبعة، مشيراً إلى أن هذا النفق يمثل عائقاً إضافياً للمواطنين، حيث يحول دون وصولهم إلى أماكن أعاملهم في الضفة والأراضي الفلسطينية المحتلة الـ،48 بسبب تواجد جنود الاحتلال فيه، وإقامة الحواجز العسكرية بمحيطه.
وذكر حنتش أن جميع هذه الإجراءات بالإضافة إلى المضايقات التي تسببت فيها المستوطنات والجدار تشكل عوامل سلبية لسكان القرية، إضافة إلى البطالة التي يعاني منها جميع القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة، لافتاً إلى أن هذه الممارسات هي ضمن مخطط الاحتلال في تحويل حياة المواطن إلى عذاب، ما يجبره على الرحيل من أرضه ومنزله.
وقال الخبير في شؤون الاستيطان «تحاول إسرائيل بواسطـة المـستوطنين الاستيلاء على المزيد من أراضي القرية لتوسيع الاستيطان في شرق القرية وشمـالها، على حسـاب أراضي المـواطنين، بل إنها لم تكتف بذلك، حيث تسيطر على مساحات كبيرة من أراضي المواطنين لمصلحة مد شبكات الكهرباء والمياه التي تسرقها من آبار الفلسطينيين إلى داخل المدن الإسرائيلية والمستوطنات».
وأوضح أن مساحة القرية حالياً تبلغ نحو 3000 دونم، بينما كانت مساحتها تقدر عام 1967 بنحو 13 ألف دونم، حيث صادر الاحتلال أكثر من 45٪ من مساحتها لمصلحة الاستيطان.
وتسلم العشرات من سكان القرية خلال الفترة الأخيرة إخطارات بهدم منازلهم، ووقف البناء، بحسب الخبير في شؤون الاستيطان، كما تم هدم أكثر من 40 منزلاً منذ احتلال عام 1967 حتى الفترة الحالية، بدعوى البناء غير المرخص، وهذا ادعاء الاحتلال الباطل في جميع المدن الفلسطينية.
وأشار إلى أن آخر الإجراءات الإسرائيليـة بحـق سـكان القـريـة، إصـدار قـرار يمنعهـم من إقامـة أبنيـة جـديـدة، حتى لو تقدموا بالحصول على تراخيص بناء.