«السجون السوداء» زنازين غير رسمية يمكن أن تكون مستودعات لمتاجر أو مخازن تابعة لفنادق. أرشيفية - غيتي

«السجون السوداء» في بكين.. إساءة مضاعفة للمظلومين

يقطع صينيون عديدون مسافات طويلة للوصول إلى بكين، بهدف التظلم للقيادة هناك، عن الجور الذي يطالهم من المسؤولين المحليين حيث يعيشون. ولكن، عوضاً عن الانتصار لشكاواهم، تقول تقارير إنه يتم إيداعهم في سجون قاسية، يطلق عليها «السجون السوداء»، حيث يمكن أن يتعرضوا للتعذيب والضرب والاغتصاب، ويحرمون من النوم والأكل والرعاية الصحية. وتقول الحكومة الصينية إن مثل هذه السجون غير موجودة ومحض أساطير.

وصرح وزير الشؤون الخارجية الصيني في أبريل الماضي إنه «لا يوجد مثل هذه الأشياء في الصين»، وكررت الحكومة ذلك في يونيو ، عندما قال مسؤول فيها «لا توجد سجون سوداء في الدولة»، ولكن، عشية زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الصين، نشرت أدلة عن عمليات إساءة سرية أحرجت حكومة بكين.

وقدم ناجون من السجون السوداء وصفاً تفصيلياً عن معاملة مرعبة تعرضوا لها. وكانت الصينية لي رويروي في الـ 20 من عمرها، عندما جاءت إلى إقليم أنهوي لرفع شكوى إلى الحكومة ضد ما قالت إنه إساءة معاملة زملائها في الصف وأساتذتها في المدرسة.

ولكن، بدلاً من قبول شكواها، تم حبسها في مستودع قذر مع آخرين كانوا قد تقدموا بشكاواهم، حيث كان يراقبهم «عدد من الأشرار، اغتصبها أحدهم». وقالت «السبب الرئيس الذي دفعني للمجيء إلى بكين للتظلم أنني تعرضت للسخرية في مدرستي من أساتذتي وزملائي. وتم اجباري على الذهاب إلى فندق جويان، حيث كنت أقيم مع 10 أشخاص في غرفة طعام، خليط من النساء والرجال، وكنا ننام معا وكانت الغرفة قذرة وفوضوية، ومنعنا الحراس من مغادرة المكان».

وبكت امرأة في الـ 46 من عمرها، وهي من إقليم جيانغسو الذي يبعد 1000 كيلومتر عن بكين، بخوف و إحباط، وهي تتذكر عملية اختطافها، وقالت «جرني رجلان من شعري إلى سيارتهما. وتم تقييدي وإعادتي إلى جيانغسو، حيث تم سجني هناك في غرفة، وتعرضـت للضرب».

وسافرت امرأة في الـ43 من عمرها من الإقليم نفسه إلى بكين، للتظلم بشأن إجبارها على مغادرة بيتها الذي تم هدمه في ما بعد، وقابلها رجلان لم يعرفا عن هويتهما، وقالت «قالوا إن علي التعاون معهما في عملهما، ولكنهما لم يخبراني ما هو العمل، واضطررت إلى البقاء 36 يوماً في سجن مظلم في جيانغسو».

ويسافر صينيون إلى عاصمة بلادهم منذ آلاف السنين، للتظلم للحكومة عن مظالم يتعرضون لها. وظلت العادة إبان العصر الشيوعي وجميع الاضطرابات التي وقعت في نصف القرن الماضي.

وكان يجري الاستماع للمتظلمين في المؤتمر الوطني الشعبي، وهو البرلمان السنوي الصيني لسنوات . ولاتزال العادة يتداولها رسمياً حكام الجمهورية الشعبية. وفي مارس الماضي، أثنى رئيس الحكومة وين جيابو على هذا النظام بقوله «إنها آلية لحل الصراعات الاجتماعية، وإرشاد العامة للتعبير عن مطالبهم ومصالحهم عبر أقنية مشروعة».

وكشفت منظمة «هيومان رايتس ووتش» لحقوق الإنسان عن أنه بدلاً من إنصاف المتظلمين، يجري سجن المواطنين الصينيين في زنازين غير رسمية، يمكن أن تكون مستودعات لمتاجر أو مخازن تابعة لفنادق، وربما غرف في منازل مملوكة للحكومة او لمستشفيات. ويعتقل موظفون في الحكومة أو أفراد من الشرطة أو حتى أفراد عصابات يتم استئجارهم هؤلاء، ويقومون بحبسهم وتهديدهم لعدم تقديم مظالمهم للحكومة. وقالت مديرة المنظمة في آسيا صوفي ريتشاردسون «وجود السجون السوداء في قلب بكين يثير السخرية من خطاب الصين السياسي الذي تدعي فيه تحسن وضع حقوق الإنسان واحترام حكم القانون».

ويبدو أن السبب وراء سجن المتظلمين هو وقف تدفقهم أو إبطائه، وإحباط الآخرين، ومنعهم من التسبب بالمشكلات للسلطات المحلية.

وظهرت السجون السوداء منذ ألغت الحكومة الصينية الاعتقالات الاعتباطية للأشخاص الذين يصلون إلى بكين من دون إذن إقامة. ويخضع المسؤولون الحكوميون للضغوط لوقف قدوم المتظلمين الذين يسافرون إلى بكين والمدن الأخرى للمطالبة بإنصافهم.

الأكثر مشاركة