الاستيطان.. معضلة حقيقية للسلام
استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية هو المعضلة الحقيقية التي تدمر أي جهود لإحلال السلام في المنطقة. فالاستيطان والسلام أمران متناقضان تماما، إذ كيف يمكن لأي فلسطيني أو عربي أن يتصور تحقيق السلام الذي يعني تلقائيا قيام دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو ،1967 بينما يستمر غول الاستيطان في التهام المزيد من هذه الاراضي حتى لا يتبقى شيء تقام عليه الدولة. وعلى الرغم من اختطافه في غزة منذ عامين واحتجازه من فلسطينيين لأشهر، الا ان الصحافي البريطاني لان جونستون لا يتردد في تغطية الأحداث في الضفة الغربية وقطاع غزة بكل شفافية، ليتحدث مطولا عن مصادرة الاحتلال المزيد من الأراضي والبيوت وقيام قواته ومستوطنيه بقطع اشجار الزيتون، انطلاقا من معتقدات راسخة لديهم بأن الضفة الغربية هي الارض التوراتية، ويسمونها يهودا والسامرة ما يعني أنه لا ينازعهم فيها احد.
ويقول جونستون إنه في الضفة الغربية لا تتوقف آثار التوتر بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وإذا أمعنت النظر حولك ستجد منازل متنقلة وكرفانات على التلال وبؤراً عشوائية، سرعان ما تنمو وتتسع لتصبح مستوطنة خلال أسابيع، وربما أيام، بينما تحرم السلطات الاسرائيلية الفلسطينيين في القدس المحتلة من البناء لأغراض النمو الطبيعي حول بيوتهم، وفي أحيائهم، بل تدمر بيوتهم بحجة البناء من غير ترخيص أو تصادرها منهم عنوة.
وتجاذب جونستون أطراف الحديث مع أحد المستوطنين ويدعى ديفيد هائفري وهو رجل ضخم الجثة ذو لحية كثة، فيقول إنه لاحظ قناعته الشديدة بما كان يحدث، عندما وضح لي عمق الصلة التي تربطه بالأراضي المحيطة به، حيث يقول هائفري «هذه التلال هي قلب إسرائيل التوراتية وهنا سار إبراهيم وإسحق ويعقوب».
ويتجاهل هائفري وغيره من المستوطنين، بل ومن كبار المسؤولين الاسرائيليين حقائق أخرى وهي أنه وفقا للقانون الدولي، فإن بناء المستوطنات على الاراضي المحتلة غير قانوني، وأن العالم بما فيه الولايات المتحدة لا يعترف بشرعية المستوطنات التي أقيمت على الاراضي الفلسطينية عقب الرابع من يونيو 1967 وأنه ليس هناك اساس من الصحة أو الشرعية لما يصنفه الاسرائيليون من مستوطنات شرعية وأخرى غير قانونية، كما أن من الحقائق أن تزايد عدد المستوطنين يزيد من أسباب الصراع ويطيل امده.
ويرى محللون أن عدم اشتمال قرار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتجميد المؤقت للاستيطان على القدس المحتلة، يعتبر من اشد العراقيل خطورة، كما أنه يعتبر قنبلة موقوتة في وجه جهود تحقيق سلام دائم وشامل.
وأشار المحللون إلى ان إسرائيل تهدف من وراء فرض واستمرار الاستيطان، إلى وضع حقائق على الأرض تفرض نفسها في أي مفاوضات مع الطرف الفلسطيني، إضافة إلى الدوافع الاقتصادية والمائية والأمنية والمزاعم التاريخية والدينية.
ولا يخفى على أحد أن الأهداف الاستيطانية للحركة الصهيونية تسعى إلى تغيير المعادلة الديمغرافية القائمة وتغيير المعالم الأثرية والتاريخية لمدينة القدس وتدمير المسجد الأقصى وتهجير المقدسيين وطمس هويتهم وتدمير اقتصاد المدينة، لكن على إسرائيل ان تدرك يقينا أنها لن تجد في العالم العربي والاسلامي من يقبل بالسلام الحقيقي دون عودة القدس إلى العرب والمسلمين، وأن جميع محاولاتها للتهويد ستفشل في ظل الإيمان بعروبة القدس والإصرار على ان يكون الجزء الشرقي منها عاصمة دولة فلسطين.
ويقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية غازي السعدي إن أساس الحركة الصهيونية قائمة على العدوان ونهب الأراضي واستيطانها واستقدام اليهود إليها من مختلف بقاع العالم. ويضيف ان انشقاق الفلسطينيين أضر كثيرا بقضيتهم، وأن لا احد يحترم الضعيف، وأن بقاء هذا الصدع قائما يزيد من فرص فرض الهيمنة الإسرائيلية، معربا عن اعتقاده «أننا لسنا قريبين من التوصل إلى الحل النهائي وعلينا ان نفكر بأساليب ووسائل ضغط جديدة ولو بالتلويح بها».
وفي نظر الاستراتيجيين، فإن الاستيطان يحتل أهمية كبيرة في الفكر الصهيوني، حيث هدفت إسرائيل منه إلى خلق حقائق أمر واقع على الأرض تفرض نفسها في أي مفاوضات مع أي طرف عربي، فهي رفضت ومازالت ترفض جميع الدعوات والضغوط الدولية لوقف الاستيطان، بينما ذهب بعض المحللين العرب إلى القول بأن الخطاب الذي ينادي بتجميد الاستيطان يعني القبول العربي بالمستوطنات القائمة وعمليات البناء الجارية، ويتساءلون: لماذا نطلب التجميد ومن حقنا أن نطالب بتفكيك المستوطنات وإزالتها نهائيا لأنها غير شرعية. وإذا استمر الاستيطان في القدس، فلن يبقى شيء للتفاوض عليه.
وفي هذا الشأن سارع وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك إلى القول بأن قرار نتنياهو بتجميد مؤقت للاستيطان لا يعني بأي حال تفكيك المستوطنات القائمة.
وتتعدد أساليب الاستيطان الإسرائيلي، فهو ليس عمرانيا فقط بل هو سياحي ومائي وزراعي وتاريخي وديني وصناعي وعسكري، ومن الأمثلة على ذلك المستوطنة الصناعية في أراضي قلنديا شمال غرب القدس والتي تضم 61 مصنعا والسيطرة على ما نسبته 80٪ من إجمالي المياه الفلسطينية.
وتظهر الدراسات والحفريات والتنقيبات الإسرائيلية، عدم وجود أدلة ثابتة تشير إلى أي مكان مقدس لليهود في المدينة المقدسة التي يوجد بها 157 موقعا وبناء اثريا مقدسا، أهمها المسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة ودير السلطان وحائط البراق.
وتشير معطيات الوضع الراهن فلسطينيا وعربيا إلى ضرورة وضع وتنفيذ خطة استراتيجية شاملة لمواجهة الخطر الصهيوني وضرورة الاقتناع بأن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة يجب أن يكون مصلحة لكل الدول العربية من دون استثناء، وأنه لا بد من إبراز الهوية الوطنية الفلسطينية والدفاع عنها لأنها رأس الحربة في وجه المشروع الإسرائيلي.
وما يبدو أفكارا وتطلعات لدى الاسرائيليين حاليا يترجم ويتحول إلى خططٍ وبرامج عملية في مرحلةٍ لاحقة ما لم يتم وضع الآليات الكفيلة بمجابهته من الدول العربية.
ملكية شخصية طبقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإنه يوجد في الضفة الغربية حاليا ما يزيد على نصف مليون مستوطن يقيمون في 440 مستعمرة، وأن عدد المواقع الاستيطانية بلغ في نهاية العام الماضي 440 موقعا، منها 144 مستعمرة، و96 بؤرة داخل حدود المستعمرات، و109 بؤر خارج حدود المستعمرات، و43 موقعا مصنفاً على انه مواقع أخرى و48 قاعدة عسكرية. كما تشكل مساحة المستوطنات 9.3٪ من مساحة الضفة الغربية، وأن 40٪ من الأراضي المقامة عليها المستوطنات هي ملكية شخصية فلسطينية باعتراف إسرائيل وأكثر من 40٪ من أراضي الضفة تحت سيطرة المستوطنين في الوقت الحاضر. طبقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإنه يوجد في الضفة الغربية حاليا ما يزيد على نصف مليون مستوطن يقيمون في 440 مستعمرة، وأن عدد المواقع الاستيطانية بلغ في نهاية العام الماضي 440 موقعا، منها 144 مستعمرة، و96 بؤرة داخل حدود المستعمرات، و109 بؤر خارج حدود المستعمرات، و43 موقعا مصنفاً على انه مواقع أخرى و48 قاعدة عسكرية. كما تشكل مساحة المستوطنات 9.3٪ من مساحة الضفة الغربية، وأن 40٪ من الأراضي المقامة عليها المستوطنات هي ملكية شخصية فلسطينية باعتراف إسرائيل وأكثر من 40٪ من أراضي الضفة تحت سيطرة المستوطنين في الوقت الحاضر. |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news