متظاهرون يطالبون بعالم خالٍ من الألغام.             إي.بي.إيه - أرشيفية

خطر الألغام شبح لايزال يخيّم على العالم

على الرغم من الجهود الإقليمية والدولية، وتلك التي تقوم بها جماعات حقوق الإنسان، وأخرى مناهضة للحروب وهيئات غير حكومية للحد من خطر الألغام في العالم، فإن شبح هذا الخطر لايزال يخيّم على مناطق شاسعة من العالم.

فقد نشرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية تقريراً مطولاً في هذا الشأن أشارت فيه إلى بيانات جديدة تبين نجاح المجتمع الدولي في التخلص من عدد كبير من الألغام المزروعة في مناطق النزاع في العالم، موضحة أنه تم فعلياً تطهير مليوني لغم، وتدمير 44 مليون لغم كانت في المستودعات.

وذكرت الصحيفة أن العام الماضي كان أفضل الأعوام في الحرب على الألغام الأرضية، إذ تم تطهير مساحات كبيرة من الأراضي بحجم بروكسل عاصمة بلجيكا، إلا أن تقرير الصحيفة أكد أن الحاجة مازالت قائمة لعمل طويل لإزالة الألغام المتبقية، والتي لاتزال تحصد أرواح المدنيين، ولاسيما من النساء والأطفال وتتسبب في إصابات بالغة وإعاقات كثيرة بعد سنوات من انتهاء الصراعات التي تسببت في زرعها.

وأشار قائمون على إحدى الحملات لمكافحة الألغام، إلى أن عدد الدول التي تستخدم الألغام تراجع من 15 دولة إلى دولتين فقط، هما: روسيا وميانمار (بورما سابقاً)، بينما توقفت 60 جماعة ومنظمة مسلحة عن استخدامها في دول عدة، مثل أفغانستان والفلبين، في حين أشارت المعلومات إلى أن ثلاث دول فقط يمكن أن تكون قد استمرت في إنتاج ألغام مضادة للأفراد في عام 2008 وهي: الهند وباكستان وميانمار.

ومنذ بداية ثمانينات القرن الماضي، بدأ العالم يدرك حقاً وبعمق الخطر الحقيقي للألغام الأرضية، خصوصاً المضادة للأفراد، ما دفع عشرات الدول المنتجة والمصدرة لها إلى التعهد على الاجتماع بصورة منتظمة للحد من خطورة هذا السلاح على المدنيين.

ووافقت هذه الدول تحت مظلة الأمم المتحدة على إبرام اتفاقية الأسلحة غير الانسانية التي أوصت بضرورة حماية المدنيين من أخطار الألغام الأرضية وما تسببه من تلوّث بيئي، إلا أن الواقع كشف عن أن هذه التوصية شكلية الى حد بعيد، لأنه يتم تصنيع الألغام بكميات كبيرة عالمياً بل إن الجماعات المسلحة تصنعها وتمتلكها وتروّج لها بأثمان زهيدة.

وفي يناير من عام ،1995 ومع تصاعد الخطورة وشدة الأضرار عقد مؤتمر لهذا الغرض في جنيف، وانتهى إلى ضرورة وضع مواصفات قياسية للألغام المستخدمة، بحيث يمكنها تدمير نفسها ذاتياً، مع ضرورة وضع علامات تبين حجمها ولونها ورمزها. كما عقد المؤتمر دورة ثانية في مايو من العام التالي بمشاركة عشرات المنظمات الإنسانية ووكالات الإغاثة، إذ تم وضع بروتوكول جديد يحظر استخدام الألغام التي يصعب اكتشافها بالآلات التقليدية، إلا أن المؤتمر شهد انقسامات في الآراء والمواقف. ثم عقد مؤتمر في نوفمبر عام ،1997 أوصى بضرورة المشاركة الدولية للتخلص من حقول الألغام الأرضية، وما تخزنه الدول منها، على أن يتم ذلك طبقاً لبرنامج زمني محدد. وقد تعهد الكثير من الدول بأن تتخلص من ألغامها التي يظل مفعولها ممتداً لسنوات طويلة.

وفي عام 1999 عقد في بيروت مؤتمر عربي للوقاية من خطر الألغام، إذ تمت مناقشة توصيات معاهدات حظر الألغام المضادة للأفراد، والتي دخلت حيز التنفيذ، إضافة إلى مناقشة أوراق عمل وبحوث على درجة كبيرة من الأهمية تناولت أبعاد هذه القضية بشكل علمي مفصل. وأعلنت الدول التي وقّعت على معاهدة حظر الألغام في فبراير ،1999 والبالغ عددها 132 ـ ليست بينها الولايات المتحدة ـ التزامها بمنع استخدام الألغام المضادة للأفراد وتخزينها وإنتاجها ونقلها وضرورة إتلافها والتخلص منها بعد أن دلّت الإحصاءات على أن 26 ألف شخص يلقون مصرعهم سنوياً 90٪ منهم مدنيون. وكان تقاعس الجانب الأميركي عن التوقيع على المعاهدة مبرراً لدول أخرى للتنصل من نصيبها من المسؤولية الدولية مثل: روسيا والصين والهند وإيران وإسرائيل.

من جهتها، أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه «لا يمكن الحديث عن نجاح المعاهدة إذا لم يتناقص عدد الضحايا، وإذا استمر زرع المزيد من الألغام في بؤر التوتر والنزاع»، بينما أكدت منظمة «هانديكاب» (إعاقة) الدولية، أنه تم زرع ألغام جديدة وإعداد نماذج متطوّرة منها في بعض البلدان مثل: السنغال وإنغولا، وأنه يتم انتاج 360 نموذجاً من الألغام المضادة للأفراد بكميات كبيرة. ويعاني أكثر من 70 دولة من آثار الألغام ومخاطرها، خصوصاً أفغانستان وأنغولا والبوسنة وكمبوديا وكرواتيا وإرتيريا والعراق ومصر وموزمبيق ونيكاراغوا والصومال والسودان، إذ يوجد نصف ألغام العالم في هذه البلدان، بينما لاتزال الانتقادات والإدانات الدولية تنهمر على موقف الولايات المتحدة من هذا الخطر، إذ تقول المنظمات التي تكافح من أجل حظر الألغام المضادة للأفراد إن هناك 100 مليون من هذه الألغام مزروعة في 64 بلداً، في حين تؤكد وزارة الخارجية الأميركية أن عدده لا يتجاوز 70 مليوناً.

كما تقدر تكلفة إزالة هذه الألغام، التي تقتل أو تشوّه شهرياً نحو 2000 شخص بنحو 30 مليار دولار.

 
إحصاءات «هانديكاب الدولية»

-- إفريقيا: 50 مليون لغم مضاد للأفراد منها 23 مليوناً في مصر وحدها، لكنها في مناطق غير سكنية. وهناك ثمانية ملايين لغم مضاد للأفراد في أنغولا، ومليونان في موزمبيق وأكثر من مليون في الصومال، كما توجد عشرات الآلاف في إثيوبيا وإرتيريا والسودان ومئات الآلاف في رواندا وليبريا وزمبابوي.

-- الشرق الأوسط: 27 مليون لغم منها 12 مليوناً في العراق، لاسيما في كردستان، و19 مليوناً في إيران، ونحو ستة ملايين في الكويت، وهناك أيضاً آلاف الألغام في لبنان وسورية، وعشرات الآلاف في الأراضي المحتلة.

الأكثر مشاركة