الشتــاء يزيد معانــاة مشـرّدي حـرب غــــــــــــزّة
مع اقتراب الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي خلفت دماراً واسعاً وأبادت آلاف العائلات الفلسطينية، مازال آلاف المشرّدين يسكنون خيام الإيواء التي أقاموها على أنقاض مساكنهم المدمرة، وبجوارها. وتزيد الرياح الشديدة وهطول الأمطار من معاناتهم، حيث تتسرب المياه إلى داخل خيامهم البسيطة، فيما تقتلعها الخيام، على الرغم من تثبيتها في الأرض بواسطة أوتاد.
ففي اللحظة التي تتساقط الأمطار، يسرع السكان في حفر قنوات أمام خيامهم، حتى لا تتسرب المياه إلى داخلها، حيث وجود الأطفال والنساء والمسنين، فيما يلجأ بعضهم إلى تعبئة أكياس النايلون بالرمال لتثبيت الخيمة، لكي لا تقتلعها الرياح.
وكان مشردو الحرب قد أمضوا فصل الشتاء الماضي داخل الخيام، وذاقوا الويلات جراء اقتلاع الرياح لخيامهم، وغرقوا في سيول الأمطار، ويخشون من تكرار معاناتهم هذا العام في ظل تأخر الإعمار.
وقالت الحاجة سهيلة أبوظاهر ( 53 عاماً) لـ«الإمارات اليوم»، وهي تجلس خارج خيمتها في بلدة جباليا شمال قطاع غزة، «عندما تتساقط الأمطار، أسرع لأحفر قنوات أمام خيمتنا، حتى لا تتسرب المياه إلى داخل الخيمة التي تؤوي أمي الهرمة وشقيقي المعاق، وشقيقتي المسنّة وأقوم بتعبئة الأكياس بالرمال، لكي أثبت الخيمة، إضافة إلى شدّ الأوتاد بشكل أقوى، لئلا تقتلعها الرياح الشديدة».
وأضافت «لا توجد لدينا أية وسيلة لحمايتنا من برد الشتاء سوى إشعال الحطب الذي أجمعه من بقايا الأشجار المجرفة، وهذا يعرض حياتنا للخطر، حيث قد تؤدي الرياح الشديدة إلى احتراق الخيمة، في ظل إشعالنا النار من أجل التدفئة».
وأوضحت الحاجة أبوظاهر أن قضاء فصل الشتاء في الخيام زاد من مرض عائلتها، خصوصا والدتها التي تعاني من أمراض القلب والسكري وفقرات الرقبة، إضافة إلى حساسية مزمنة في الصدر، حيث تحتاج إلى ما يقارب 1000 شيكل (250 دولاراً) تكاليف أدوية شهريا، موضحة أن الخيام لا تعتبر وسيلة لحمايتهم من البرد القارس والأمراض الناجمة عنه.
وتضم عائلة أبوظاهر الحاجة سهيلة أصغر أفرادها، ووالدتها البالغة 00 عام، وهي طريحة الفراش وتعاني من أمراض عدة، وشقيقها محمد (76 عاماً)، وهو معاق حركياً، إضافة إلى شقيقتها (63 عاما)، فقد أصيبت بالجنون، عندما استشهد شقيقها في المحرقة الإسرائيلية بداية ،2008 إضافة إلى كسر يديها في الحرب. وتزداد معاناة العائلة جراء فقدانها لأي معيل، حيث تعتمد على مساعدات تقدمها جهات خيرية.
وقال زايد خضر (45 عاما) الذي يقطن في خيمة في جوار منزله المدمر في حي القرم شرق بلدة جباليا شمال القطاع، ويحتمي هو وأسرته المكونة من سبعة أفراد، «دمر الاحتلال منزلي، أنا وأخوتي ووالدي، وفقدنا كل شيء، وأتت الأمطار للمرة الثانية على التوالي تدهم خيامنا، والرياح تقتلعها ولا أحد يشعر بنا، ولم يقدم أي شيء لإعادة إعمار منازلنا المدمرة».
وأضاف « تسبب مياه الأمطار سيولاً داخل الخيمة، ما يدفعني للاحتماء أسفل أنقاض منزلي المجاور للخيمة التي نقطن فيها». وأوضح أن مياه الأمطار تسببت ببلل كتب أطفاله طلبة المدارس، حيث لا يوجد أي مكان آمن من وصول مياه الأمطار.
ونقل خضر صورة الأوضاع في منطقة الخيام، عندما تتساقط الأمطار وتشتد الرياح، حيث يحاول السكان إنقاذ خيمتهم بتثبيتها بالأحجار وأكياس الرمال، ويركضون حاملين الأطفال والمسنين للاحتماء أسفل ركام المنازل المدمرة، أو داخل المسجد المقام من النايلون والحديد، بعد أن تعرض للهدم أيضا خلال الحرب.
ولجأ خضر وعدد كبير من أهاي قطاع غزة إلى تعبئة أكياس النايلون الكبيرة بالرمال، ووضعها حول الخيام، كمحاولة لعدم اقتلاع الخيمة من الرياح وكساتر لعدم تسرب مياه الأمطار، إضافة إلى وضع نايلون أعلى الخيام.
وكانت الحرب الإسرائيلية بدأت في 27 ديسمبر ،2008 واستمرت ثلاثة أسابيع، وراح ضحيتها أكثر من 1412 شهيداً وآلاف الجرحى، وألحقت دماراً واسعا في المباني والبنى التحتية، وشردت أكثر من 5000 عائلة فلسطينية، معظم أفرادها من أطفال ونساء باتوا بلا مأوى. وبلغ مجمل البيوت السكنية التي دمرت بشكل كامل في أثناء الحرب العدوانية، وباتت غير صالحة للسكن، 20 ألف وحدة سكنية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news